آخر تحديث :الاثنين 06 مايو 2024 - الساعة:01:04:00
الجريح الطفل أحمد يستغيث فهل من مغيث؟ ..ظروف والده متعسرة ويتطلب علاجه السفر لألمانيا (تقرير)
(تقرير : مريم بارحمة - مريم محمد مانع)

 

تأتي الحروب ويحل الصراع والقتال، تتوقف الدراسة وكل الأعمال، تتدمر المدن والمنازل، ويُقتل ويشرد ويُجرح النساء والرجال، وفي نهاية كل حرب يكون الضحية واحدة وهم أولئك الأطفال والنساء الضعفاء بالذات، الذين لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا ممن سكن هذه السهول والجبال والمدن، وليدفعوا ثمن ذلك أرواحهم أو أجزاء من أجسادهم الطاهرة، لتصنع بذلك جرحاً كبيراً وتُقتل تلك الابتسامة البريئة وسحر ذلك الجمال..

الجريح الطفل "أحمد عبدالله محمد مهيوب" ذو العشرة أعوام، ولد في الرباط / تبن / محافظة لحج بتاريخ 21 / 10 / 2005، ثم انتقل للسكن في العاصمة عدن نظراً لظروف عمل والده.

احمد طالب يدرس في الصف الرابع الأساسي  في مدرسة اللحوم بالعاصمة عدن ، وفي يوم  26 / 8 / 2015 م وبينما كان الطفل احمد يلهو  بجوار منزله مع شقيقه الكبير يونس الذي لم يكمل اثنى عشر ربيعاً  وشقيقته الصغيرة رنا ذات الستة أعوام امام معرض بازرعة للسيارات في دار سعد بالعاصمة عدن ، بينما كانوا  يلعبون ويضحكون واصواتهم تملأ المكان انفجر لغم بجوار مقلب القمامة وأصيب أحمد في عينيه ويده  اليمنى ورجله اليمنى  وأصيب اخيه يونس إصابة خطيرة وبالغة وأخته رنا بجروح أدت إلى نزيف ونقلوا على إثرها  إلى مستشفى أطباء بلا حدود بعدن..

وحاول الاطباء إنقاذ حياة الاطفال الثلاثة؛ فقطعت يدا الطفل يونس وتبعثرت أحشائه وفارق الحياة على إثرها الحياة في نفس اليوم، واخته رنا التي كانت تعاني من نزيف تماثلت للشفاء، اما احمد فقد كُسرت رجله اليمنى  تحت الركبة  وبترت يده اليمنى بعد الكف ودخلت شظايا الى عينيه أدت الى فقدان بصره.

معاناة رهيبة

وبعد معاناة سافر الطفل الجريح احمد مع والده وبعض الجرحى إلى السودان لاستكمال العلاج ووصل الى مستشفى الخرطوم وكانت رجله اليمنى  مجبسة ويده اليمنى مروبطة بشاش . وفتح الأطباء له بالسودان الجبس وأصبح يمشي على قدميه مع تضميد الجرح ومازالت يده اليمنى التي بترت من الرسغ تحتاج  تضميد .

وعند استدعاء طبيبة العيون رفضت إجراء العملية ونصحت بالسفر به إلى الخارج وتحديداً ألمانيا لإجراء العملية لعينيه وهو مازال بالسودان في مستشفى الخرطوم الجنوبي  فاقداً يده وبصره وكل ما يتلاقاه من العلاج الآن  هو التضميد فقط ولمدة اربعة أشهر .

ابتسامة تقهر الألم

وبالرغم من أن أحمد فقد شقيقه وكفه الأيمن وبصره، لكن الايمان بالله مازال يملأ قلبه والابتسامة لا تفارق شفتيه فهو دائماً يصبر والده ويقول له :(هذا أمر الله اصبر ياباه ولا تبكِ) وذلك عندما يشعر بحزن والده ويسمعه وهو يبكي عليه وعلى كل مايعانيه لعدم علاجه وإهماله  وعدم قدرته على السفر الى ألمانيا و علاجه .

الطفل احمد رغم انه فقد بصره ولكنه لم يفقد بصيرته وأمله بالله ، فالابتسامة دائما على وجهه يمنحها من يمازحه وينشر البسمة التي حاولوا أن يقتلوها فيه في جميع من حوله فهو متفائل وواثق بالله كثيرا ويتمتع بالذكاء الفطري .

ينام الطفل احمد بعد الظهيرة هو ووالده في حديقة المستشفى إلى العصر . و يرى أحمد الدنيا بعيون والده فوالده يصف له كل ما حوله من أشجار واشخاص وكل شيء حتى يعيشه الحياة ويجعله كما لو أنه مبصر حتى وإن كان بعيون والده.

ظروف متعسرة

ويعمل والد الطفل أحمد  في القطاع الخاص في معرض بازرعه للسيارات وظروفه المادية متعسرة فهو يعول أسرته المكونه من  الام وأربعة أبناء أحمد من الذكور وثلاث إناث ، ولا يوجد لديه مصدر دخل أخر.

ويحكي الطفل الجريح أحمد  معاناته بالسودان  قائلاً: ذهبنا إلى السفارة السعودية من اجل استكمال علاجنا  ولم يعملوا شي وقالوا سنرسل أوراقكم إلى السعودية وسترجع بعد أيام ونعطيكم الجواب وأوراقكم سيتم  تحويلها الى مكتب السفير اليمني، مواصلاً حديثه المنكسر: ثم اتجهنا مرة اخرى وحاولنا مقابلة السفير الإماراتي ..لكن طرودنا أنا ووالدي من أمام باب السفارة !!.

وذهبنا مرة أخرى الى السفارة الإماراتية لكن لم نجد أحدا منهم وقيل لنا أن الإماراتيين سافروا .. !، وعند وصولنا السودان كان بعض الموظفين  في السفارة اليمنية يصفون الجرحى بانهم دواعش؛ لأن السفارة ما يزال يسيطر عليها عصابات المخلوع والسفارة فقط استخرجت لنا جوزات سفر فقط.

وأتبع الحديث بحسرة وحزن: لم يعملوا لي شيء بالسودان منذ أربعة أشهر سوى التضميد ويوجد جرحى مثلي يعانون بالسودان من الإهمال.

ويأمل الجريح الطفل أحمد أن يعود إليه بصره بإذن الله ويعيش في وطنه الذي يحلم به ويسوده الأمن والاستقرار وتنتهي الحروب من كل ارجاء العالم ويعيش كل الاطفال بسلام، وأن يعود لأسرته وأمه وإخوانه ولأصدقائه بالمدرسة وجيرانه ويلهو معهم بأمان فلقد افتقد مدرسته ومعلميه وزملاءه كثيرا.

لا توجد جهة لرعاية الجرحى

وعند سؤالنا والد الطفل أحمد عن وجود أي  جهة ترعاه او تساعد الجرحى ؟

 أجاب: لا توجد أي جهة لرعايته او رعاية الجرحى وأسر الشهداء نهائيا ، ووجه والد الطفل أحمد  نداء استغاثة لإنقاذ طفله  ومساعدته للسفر إلى ألمانيا حتى يعود النور لعينيه.

وعن ما قدمته لهم الحكومة، أجاب والد الطفل أحمد بأنها قدمت تذاكر طائرة نقلتنا إلى السودان ليتلقى ابني أحمد التضميد بالسوادن  و 1800 ريال سعودي عند وصولنا السودان فقط وكذلك في اول شهر بالسودان فاعل خير قدم  200 دولار وبعدها لم نستلم شيء اطلاقا.

رسالة للحكومة

وبخصوص الرسالة التي يوجهها والد الطفل أحمد  للحكومة والرئيس هادي ودول التحالف العربي فهي: "الاهتمام ورعاية الجرحى واسر الشهداء  . ومساعدة طفله أحمد.. ومد يد العون له  فهو بحاجة ماسة وضرورية للسفر للخارج حتى يعود إليه بصره . ."

ويعد الطفل أحمد نموذجا لعشرات الجرحى بالسودان والأردن، وقد قدموه الجرحى على انفسهم للكتابة عن معاناته ولصعوبة حالته، وهنا تتجلى إنسانية وأخلاق أبطال الجنوب حتى في آلمهم ومحنتهم ومعانتهم تظهر إنسانيتهم فلله دركم يا أبطال المقاومة الجنوبية.



شارك برأيك