آخر تحديث :الاربعاء 08 يناير 2025 - الساعة:21:08:34
فيما يشبه الاعتذاربسبب الانشغال بالأرشيف الورقي التقليدي !
د. قاسم المحبشي

الاربعاء 00 يناير 0000 - الساعة:00:00:00

اتصل بي الصديق العزيز الشاعر المبدع جمال الرموش قبل قليل من مقر اتحاد الأدباء والكتاب عدن ودعاني للانضمام اليهم في حلقتهم الثقافية الأدبية الأسبوعية الرائعة التي يحضرها كل أثنين نخبة من الزملاء الاعزاء لتبادل الرأي في آخر المستجدات و الاستماع الى آخر الأعمال الإبداعية للشعراء المخضرمين في الاتحاد ومنهم العزيز جمال الرموش الذي يمتعنا دائما بقصائده الباذخة الجمال وطريق إلقاءها الدرامية المثيرة . ورغم أنني كنت أفكر فعلياً الذهاب الى واحتنا الثقافية الوحيدة في عدن اليباب! غير أن إلحاح العائلة على التخلص من ركام أرشيفي الورقي المتضخم في المنزل بما يحتويه من مقالات صحفية ودراسات وأبحاث ومشاريع مؤجلة وقصاصات من ذكريات الدراسة الجامعية وما بعدها هذا الالحاح هو الذي أقلقني وحال دون ذهابي الى الاتحاد إذ عقدت العزم والنية على مباشرة العمل الجاد في تفتيش الأرشيف وفرمتته بعد أن ترددت طويلاً في الإقدام على هذه الخطوة المضنية وها أنا الآن ومنذ الظهيرة غارق في كوم من الأوراق بحثاً عن ما يستحق الصون الحفظ مع التخلص مما بات يشغل حيزا واسعاً من كوخي الخشبي الشديد الضيق! استأنفت هذه العادة في تقليب الارشيف الورقي بعد أن انقطعت عنها منذ قرابة خمسة سنوات تقريباً مع ما بات يعرف بثورات الربيع العربي وما تلاها من حروب اضطرتني الى الانتقال والترحال في غير مكان بحثاً عن الاستقرار والأمان ! وما صاحب ذلك من ضياع وتلف بعض الأشياء والمستندات والاوراق. اليوم فقط أعدت فتح الأرشيف الموزع بين عدد من الكارتين والجواني والسلال البلاستيكية المتهالكة! ورغم ما أشعر به من متعة في إغتنام هذه اللحظة للعيش في الماضي وذكرياته الجميلة والمؤلمة الإ إنني لم أكن اعلم بمشقة هذا الأمر المضني حقاً.إذ أحسست وانّا منهمك في عملي وكأنما فتحت على نفسي صندوق بندورا السحري! لاسيما وقد قدّر لي أن أتدبر أمري بمفردي مع سحارتي الأثيرة ! 

التي باتت في نظر أسرتي شيئا لا يُطاق ويستدعي التخلص والإحراق ! ولما كانت تلك الأوراق هي كل ثروتي وعصارة فكري وخلاصة تعبي على مدى أربعين عاما مضت كنت مدفوعاً بحافز الرغبة في الاطلاع على أرشيفي المبعثر لعلني أعثر عن ما يبرر 
ضياع سنوات عمري في طلب العلم والمعرفة والقراءة والتفكير والكتابة في بيئة طاردة للثقافة بلا هوادة! 
فكان ما كان مما زلت أنبشه 
فظن خيراً ولا تسأل عن الخبر
على كل حال لقد وجدت بعض دفاتر دراستي الجامعية في ثمانينيات القرن الماضي وادهشني الفرق الهائل بين ما كنا نتعلمه وما صرنا نعلمه لطلابنا اليوم في الجامعة ومن بين الذكريات التي وجدتها دفتر محاضرات الأستاذ نمير العاني في سنة رابعة بكالوريوس في إبستمولوجيا العلم المعاصر أو فلسفة العلم الدفتر يحتوي ٤٠٠ صفحة ممتلئة دونت فيه بعض ما كنت التقطه من محاضرة الأستاذ نمير الأكاديمية الشفاهية ، بينما اليوم يندر أن تجد طالبا جامعياً يمتلك دفتر لتدوين المحاضرات وكل المعرفة باتت معلبة بالملازم والملخصات والنسخ واللصق من الشبكة العنكبوتية! عثرت حتى الان على مجموعة حميمة من الذكريات الكتابية الصحفية والبحثية من العراق في صحيفة الزمان اللندنية وصحيفة الرأية وصحيفة الوطن وصحيفة الزوراء ودراسات بيت الحكمة العباسي وذكرياتي في المغرب والجزائر ومصر وملفات امتحانات طلابي في الدراسات العليا ماجستير ودكتوراه وقرابة ١٥٠ مقالاً منشورة في الأيام والطريق والتجمع والندى وأكتوبر والثقافية الجمهورية والثوري والثورة وعدن الغد والصباح والحقيقة والأمناء والقضية والجنوب وغيرها فضلا عن قصاصات قديمة في محاولاتي كتابة الخواطر الشعرية وغير ذلك من الأوراق التي ذكرتني بلحظات ومواقف كانت جميلة ولازال البحث جار ! 
غير أن أهم ما تعلمته من هذه التجربة القاسية هو الشكر والامتنان للإنترنت ومن اكتشفه وصنعه وجعله يشيل عنا هذا الهم والتعب الكبير في تدوين وتوثيق وحفظ كل ما نكتبه وننشره بدقة وأمانة متناهية ونظام ويسر وسلاسة ودينامية لا تقدر بثمن أبداً!
فشكرا للمخترع الانجليزي السير تيم بيرنرز لي، مخترع الوِب.

مع خالص الاعتذار للصديق الشاعر جمال !
ولازال العمل جار في النبش والفلتر

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص