- محلل سياسي : تهديدات الحو/ثيين على الملاحة البحرية قد تدفع أدارة ترامب إلى تدخل عسكري مباشر في اليمن
- وزير التربية والتعليم يترأس لقاء تشاوري لبحث الأوضاع التربوية في عدن
- المالكي ينفي بشكل قاطع مزاعم الحوثيين حول تسليم جثة شقيق قيادي
- الكويت تقدم منحة مالية جديدة لدعم اليمن
- مليشيا الحوثي تعلن استهداف مواقع إسرائيلية بالاشتراك مع فصائل عراقية
- توقف المرتبات يدفع أهالي لحج لبيع ممتلكاتهم
- وفاة 36 شخصاً واصابة 21 آخرين بحوادث غير جنائية خلال نوفمبر
- المكلا تشهد حفل فني وكرنفالي بمناسبة اليوم الوطني الـ53 لدولة الإمارات العربية المتحدة
- وزير الدفاع ومحافظ عدن يزوران المحافظ بن الوزير في منزله بأبوظبي
- رئاسة مجلس المستشارين بالانتقالي الجنوبي تنعي وفاة الدكتورة حميدة زيد
الثلاثاء 00 ديسمبر 0000 - الساعة:00:00:00
ليس من المهم الآن العودة إلى التاريخ.
إنه كتاب طُوي. وقراءته ملزمة؛ لتجنب الأخطاء.
الامتدادات التاريخية عادة ما تكون أداة غير مناسبة بالنظر إلى سلوك التعامل بالاجترار.
وأيًا كان الامتداد التاريخي لـ القضية الجنوبية,
لدينا الآن قضية سياسية بامتياز نتجت عن حرب صيف 1994 التي أدت إلى تدمير الحياة المدنية وضرب كل شيء يمت إلى هوية وتاريخ هذا البلد الذي كان إلى ما قبل 22 مايو 90 دولة معترف بها دوليًا, ودولة دخلت بوحدة طوعية مع الجمهورية العربية اليمنية.. النظام السياسي للأخيرة احتل الأولى بقوة السلاح في صيف 1994, وعمد الوحدة بالدم, على ما كان يقوله, كما طرح أمام الجميع خياري الوحدة أو الموت, وفي كلا الخيارين لم نجد إلا شبح المأساة. (وأطراف الوحدة في العام 1990 لم يكونوا جميعًا عند مستوى تحمل المسئولية التاريخية ولم يكونوا ليملكوا مشروع دولة).
وكان شعب الجنوب هو الضحية الأكبر والأبرز لحرب 94 سيئة الصيت. (أيضًا المواطن الغلبان في شمال اليمن وقع ضحية اختلال الميزان. نظام صالح كان كارثة بكل المقاييس على الجميع. إنما أن أتحدث هنا عن جنوب اليمن, الجنوب الذي كان دولة, ولم يكن حتة أرض تابعة لشيخ قبيلة).
وما تبع صيف 1994 هو زهو المنتصر الذي سلك سلوكًا على نحو عاث بالبلاد والعباد فسادًا, وتحكم بمجريات الأمور بعقلية مأزومة لا تعرف إلا لغة الإقصاء والإلغاء والفيد.
نعرف جميعًا كل ما جرى ويجري.
قدم الجنوب في حراكه المشهود آلاف الشهداء والجرحى من النصف الأولى من العام 2007 وحتى اليوم.
وفي راهن الوقت, وصلت مجريات الأمور إلى مستوى متقدم.
القضية الجنوبية لها صداها الدولي والإقليمي الواسع والكبير.
ولها صداها في الداخل اليمني.
الحراك الجنوبي أثبت أحقيته في تمثيل شعب الجنوب. (الحراك الجنوبي بمعناه المتعدد والمتنوع والواسع, وهو ليس إلا كذلك. الحراك الجنوبي ليس حزبًا سياسيًا؛ إنه حركة شعبية جماهيرية واسعة).
غير أنه ومع كل هذا الصدى يبقى شيء مهم جدًا.
في غير لقاء وحديث وتجمع, يبرز أمامنا بداخلنا الصوت الجنوبي بصيغته: لماذا تجاهلتنا المبادرة الخليجية, ولماذا تجاهلنا مجلس الأمن الدولي في قراره 2014, ولم يتم التطرق إلى القضية الجنوبية إلا على هامش جملة قضايا يمنية أخرى غير سياسية؟
ينطلق التساؤل السابق من قاعدة مشتركة لجميع الجنوبيين, وهي أن القضية الجنوبية قضية شعب ودولة وهي قضية سياسية بامتياز.
وجميل هذا القاسم المشترك.
لكن لدي ما أطرحه هنا, بسؤال مقابل:
هل نظن أن الجوار والمجتمع الدولي جميعهم ضد القضية الجنوبية؟
منطقيًا, بديهيًا, الإجابة: لا بالطبع.
ماذا حدث/ يحدث إذن؟
هناك حالة ثورية جماهيرية يُعتد بها في الشارع الجنوبي, لكن في المقابل هناك قصور واضح واختلال في الأدوات السياسية التي من المفترض أن تقدم القضية الجنوبية على نحو أفضل وأمثل من المحاولات المبذولة من قبل عدد من الأطراف الجنوبية.
المطلوب في هذا السياق خطوتان:
أولهما: الوحدة السياسية في إطار القواسم المشتركة (يجب أن يلتقي الجميع على قاسم مشترك لتوحيد الجهود السياسية المبذولة والتي يفترض أن تسير جنبًا إلى جنب مع أداة الشارع. والجنوبيون لا يختلفون إلا حول بعض الهوامش فيما الهم مشترك وواحد في خطه الاستراتيجي): وثانيهما: التسويق السياسي في تقديم القضية الجنوبية على نحو يراعي المصالح المشتركة للإقليم والعالم.
من الخطأ بمكان, معاداة الجميع, وتوجيه رسائل سياسية تحمل من الخشونة ما تحمل إلى العالم والجوار المحيط.
القضية الجنوبية بحاجة إلى كل الأدوات والأدوار والمساعي الدبلوماسية السياسية. لنتذكر أن الأمر يتطلب بالمقام الأول تمهيد وتسوية المجرى السياسي.
وطابع استعداء الخارج يقود بالضرورة إلى استعداء أطرافًا بعينها في الداخل, أي ما يقود إلى الإقصاء والتهميش والإلغاء. وهذه مرحلة تجاوزها الزمن لها ما لها وعليها ما عليها.
لي أن أتطرق إلى ما حدث في الـ12 من مايو الفائت. العاشرة وعشر دقائق صباحًا كنت واحدًا ممن تفاجأ بمنعهم من الدخول إلى فندق مركيور. في الفندق – بخور مكسر - أقيم حفل إشهار «التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي». في البوابة تجمهر عشرات المحتجين ولجئوا إلى العنف في منع دخول أي شخص. كان دخولنا – اضطراريًا – إلى قاعة الحفل من البوابة الخلفية, ووجدنا أنفسنا بعد ذلك محاصرين من الخروج حتى الثانية عشرة والنصف ظهرًا.
لم يكن لدى المحتجين أي حجة مقنعة في التصرف الذي أقدموا عليه. للأسف كان تصرفًا عنيفًا. تصرفًا لا يشبه أبدًا المسار والمنهج السلمي الرائد للحراك الجنوبي.
لن تكون أي حجة مقنعة بشأن استخدام العنف. ما حدث يجب تداركه من قبل من نظموا له. خيار من هذا النوع لن يأتي إلا بتكرار تجارب سابقة أكل الدهر عليها وشرب.
ومن حق أي شخص/ جماعة/ مكون الاعتراض على مثل هذا التكتل. هذا حق مشروع ومكفول في القيمة الأخلاقية لأي اختلاف. نظّم مسيرة سلمية, اعتصامًا سلميًا, ارفع شعارات سلمية. أدواتك السلمية لا يستطيع أحد أن يمنعك من القيام بها, لكن أن تأتي لتأخذ بخيار العنف فليس من حقك.
هذا السلوك له وجود تاريخي هنا أو هناك, لكن عالم اليوم لا يتسع له. فمجتمع اليوم قائم على التعدد, ومن ذلك يتجه عالم اليوم إلى البحث عن القواسم المشتركة في شتى جوانب الحياة.
والحديث عن القواسم المشتركة يعد الحديث الأجمل,
حيث الجميع يفترض أن يلتقوا على طاولة واحدة. والجميع في الجنوب طاولتهم المشتركة هي حل القضية الجنوبية الحل العادل والمنصف بأي صيغة سياسية مناسبة.
الغالبية الكبيرة في الجنوب تتجه اليوم إلى المطالبة بـ«فك الارتباط». من الطبيعي جدًا أن نحصل على نتيجة من هذا النوع للأسباب والعوامل التي يعرفها الجميع.
الجنوب يملك الحق كل الحق في أن يستعيد دولته السابقة «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية».
كان المعظم إن لم يكن الجميع في العام 1990 – إذا ما تم استفتاؤهم – سيوقعون سيصوتون بـ نعم على خيار الوحدة الاندماجية بكل تأكيد. وبكل تأكيد كان موقفهم كذلك.
ولدي هنا ما أود قوله:
خيار الوحدة الاندماجية أثبت فشله. أتحدث هنا عن الفشل الذريع غير القابل للتكرار لأي سبب من الأسباب.
قيادة البلدين (إذا ما تحدثنا عن التشطير فلنقل الشطرين العربيين؛ لأن هناك أكثر من 20 شَطرًا. أليس كذلك؟) اتجهتا إلى الوحدة هربًا من ظروف خاصة بكل منهما, ولظروف دولية أيضًا وعوامل أخرى. كان الحل: الهروب إلى الأمام.
لم تأت وحدة 22 مايو من أجل الشعب.
هذه حقيقة.
القيادة السياسية لـ الجنوب ولـ الشمال, استغلت جملة عوامل, من بينها عاطفة وحاجة الشعب, وحققت الوحدة على نحو استدعى عبدالله البردوني أن يقول: «يا بنت أم الضمد قولي لنا.. أي علي سوف يخصي علي».
وعلى نحو كان باديًا للعيان برهن الجانبان أنهما لم يكونا يمتلكا مشروع دولة.
اليوم, يجب ويجب ويجب على أطراف الحراك الجنوبي أن لا تستغل حاجة الشعب الجنوبي لـ فك الارتباط لتسعى إلى ذلك دون الأخذ بعين الاعتبار بكل من شأنه أن يستجيب لمضامين وأسس الدولة القادمة.
فك الارتباط إن حدث بذات وتيرة وحدة 1990, أي بذات السرعة غير المتأنية وغير الواعية لحقيقة تحديات المستقبل, فإن هذا الخيار – فك الارتباط – لا يمثل ولن يمثل حلًا من أي نوع كان للقضية الجنوبية. بل سيمثل وبالًا ربما سيؤدي بالمعظم إلى الهروب مرة أخرى إلى خيارات قد تتيحها ظروف المستقبل وإن لم تكن متاحة اليوم.
الحال هنا يقف بين هروب وهروب.
إذن, فليبحث الجميع ثقافة اللجوء إلى خيارات أضمن وأنجع لحل القضية الجنوبية, بدلًا من خيار الاضطرار «الهروب» من/ إلى هذا الواقع أو ذلك.
حين أقول خيارات أضمن, فليس معنى ذلك استبعاد حل فك الاربتاط, لكن يجب أن تُطرح جميع الحلول على طاولة البحث. في المحصلة, مواطنو الجنوب يريدون مسارًا آمنًا وحياة كريمة ومستقرة. ذات الخيار الذي يريده مواطنو شمال اليمن.
وأن تبحث عن حل للقضية الجنوبية, فإن ذات القيمة الأخلاقية, ذات المطلب المشروع, تحتم عليك أن تبحث أيضًا حلًا لقضايا شمال اليمن.
هذا يعني أن حل القضية الجنوبية – بأي صيغة كانت – إنما يمثل البوابة/ المدخل الرئيسي لحل جميع القضايا ذات الأبعاد الأخرى هنا أو هناك.
***
وإن أكدت على شيء هنا, فلي أن أؤكد على أن إحدى أهم الأدوات المساهمة في خدمة القضية الجنوبية, أداة الإعلام. الإعلام كرسالة كضمير كقيمة أخلاقية وإنسانية نبيلة وسامية.
ويلاحظ ذلك ببهاء. رسالة الإعلام هي إحدى الرسائل التي تفتقر لها القضية الجنوبية اليوم. المحاولات هنا وهناك لم تصل بعد إلى المستوى المنتظر والمؤمل عليه.
وإن لحظنا, فإن إحدى أدوات تغذية الخطاب السياسي ذات المسار المشبوب بالخشونة, هي أداة الإعلام.
مؤخرًا تم تناول لقاء البحر الميت بالأردن, ما بين الـ26 والـ28 من مايو المنصرم, تناولًا لا أدري في أي موقع يصب, ولا يمت للعمل السياسي بصلة كما لا يعبر إلا عن أفراد هنا أو هناك.. (من حيث المبدأ, ومما يؤسف له, أنه لم يكتمل حضور كافة الشخصيات والمكونات التي تمت دعوتها للقاء. ويتطلب اليوم أكثر من أي وقت حضور واشتراك الجميع دون إلغاء أو إقصاء).
لكن ما أود قوله هنا أن بعض الأصوات التي تظهر هنا أو هناك متمسكة بخشونة خطابها السياسي والإعلامي سيأتي يوم, وأتمنى أن تصل إلى ذلك اليوم قبل غد, وستستوعب الحاجة الملحة إلى المرونة السياسية وإدارة التباينات على نحو يلتفت للحاضر والمستقبل بقصد المساهمة الجادة وخدمة الهدف النهائي المتمثل بتقرير الجنوبيين لمصيرهم بأنفسهم دون وصاية من أحد, ولكن حتى يصل الجميع إلى هذا الهدف يجب الانخراط في تقريب وجهات النظر على نحو يذيب جزء من الجليد العائق إزاء ذلك.
ولقاء الأردن جمع فيه مكونات تدعو إلى التحرير والاستقلال وأخرى تدعو إلى الفيدرالية المزمنة, وأخرى وأخرى أيضًا. (يجد الكاتب نفسه من المناصري والداعين إلى حل الفيدرالية المزمنة القائمة المرتكزة على ضرورة تقرير شعب الجنوب مصيره بنفسه).
والجميع أداروا نقاشاتهم على نحو متوائم ومكمل للآخر.
هذا بالفعل ما يجب ان يحدث اليوم.
إإت بمشروعك وبرنامجك ورؤيتك, واطرح ما تود طرحه على طاولة الحوار,
فاليوم, لم يعد الجنوبيون اليوم بحاجة إلى اجترار الاتهامات بهذه الصيغة أو تلك. ينتظر من الجميع أن يساهم في إنجاح ترتيبات البيت الداخلي الجنوبي.