آخر تحديث :الجمعة 10 يناير 2025 - الساعة:14:50:44
عدن تستذكر مسرحها: هنا حطّ الإبداع يوماً
(الأمناء نت/ عدن – عبير بدر)

للمسرح في عدن حكاية متقادمة ترجع إلى مطلع تسعينيات القرن الماضي. حكايةٌ تعكس الإرث الثقافي المشرق لهذه المدينة، وتختصر الكثير من تلاوين الإبداع فيها. عُرضت أول مسرحية في عدن عام 1904م، من قبل فرقة هندية ضمّت موسيقيين ومغنين وممثّلين وعدداً كبيراً من الحيوانات الأليفة والطيور. وقد كان العرض، الذي أبهر أبناء عدن، دافعاً لتأسيس مسرح عدني. تحقق ذلك عام 1910 مع تكوين أول فريق للتمثيل في عدن.

وكانت أول مسرحية يشاهدها الناس باللغة العربية، هي «يوليوس قيصر»، من تمثيل فريقٍ مسرحي مدرسيٍّ، أدّاها على مسرحٍ صغيرٍ أُقيم في ميدان رياضة "التنس".

ظلّ المسرح في البداية معتمداً على المسرحيات الأجنبية المترجمة عن مسرحيات هندية وإنجليزية، ثم تطور بعد ذلك إلى إعداد الروايات العربية التاريخية لترجمتها على المسرح.

اليوم، يبدو المسرح العدني أشبه ما يكون ب "تكيّة" يركن المتململون من الواقع إليها، علّهم يجدون فيها ما يروي عطش وجدانهم إلى الزمن الجميل.

 

روّاد المسرح العدني :

 

في ثلاثينات القرن الماضي إنطلق "مسرح الجيب" (مسرح متنقّل بإمكان أصحابه حمله من مكان إلى آخر). وتنقّل في شوارع الشيخ عثمان مع روّاد أبرزهم: اسكندر ثابت، اسكندر عبده قاسم، سعيد اليافعي، إسماعيل لامبو، قاسم لامبو، عبدالحميد فارع، عبدالله شرف الخامري، محمد فارع، أحمد المنصب، محمد سيف المسرج. هؤلاء جميعاً أدّوا مسرحيّات عالمية من قبيل روميو وجولييت، الخيانة والوفاء، فتوح الشام، هامليت، الزّير سالم، وغيرها، مستعينين في تأديتها بمستلزمات المسرح الحديث، كالمؤثّرات الصّوتية والضّوئية، حتىّ أنّ المشاهدين كادوا يصدّقون ضرب العنق بالسيف.

 

في الحادي عشر من سبتمبر 1964، بدأ يظهر إلى العلن مسرح التلفزيون بعد دخول التلفزيون إلى عدن. وبدأت تبرز أسماء من مثل: محمود إربد، محمود قردش، أحمد المسيبلي، علوي السقاف، نجلاء شمسان، عمر الرّخم، أحمد الشميري، وغيرهم.

 

اما المسرح المدرسيّ فلم يكن أقلّ شهرة من غيره. فقد أولت القيادات التّربوية مثل هذه الأنشطة اهتماما جليّاًَ. حيث كانت الفنون، كالموسيقى والتربية البدنية والتدبير المنزلي، جزءاً من المناهج المدرسية.

وكانت لكلّ مدرسة فرقٌ مسرحية وموسيقية ورياضية. وقد لمع في هذا المضمار مسرح العرائس الذي يُعدّ الفنان أبوبكر القيسي أبرز النّجوم المتخرّجين منه.

 

روائع عدن .. من المسرح إلى الكتب :

 

في الفترة الواقعة بين 1925 و1964، تحوّلت الكثير من المسرحيّات إلى مطبوعات حُفظت من التّلف والنّسيان، وقد استمرّت هذه العملية في ما بعد، إلّا أنها تراجعت على نحو كبير، ما عرّض العديد من الروائع للإندثار. أشهر المسرحيّات التي نُشرت كانت المسرحية الشعرية «إلى فلسطين» التي ألّفها الشاعر حسن عبدالرحمن بن عبيد الله، متناولاً قضية فلسطين وموقف بريطانيا وأمريكا منها.

 

كذلك، نُشرت مسرحية «ليلة العيد» للكاتب حمزة علي لقمان، وهي مسرحية مقتبسةٌ من قصة أغنية عيد الميلاد لتشارلز ديكنز.

 

عام 1957، نُشرت للكاتب علي محمد لقمان مسرحية العدل المفقود»، ومسرحية قيس وليلى التي ليس لها من الحكاية المعروفة سوى الإسم، إذ إن أحداثها تدور في جنوب اليمن، وتحتشد بالشّخصيات والنّقد الإجتماعي والسياسي. وللكاتب مسرحيّة أخرى بعنوان سمراء العرب، نُشرت عام 1966.

 

ولعلّ مسرحية «في أرض الجنتين» لمحمد الشرفي، والتي أُلِّفت عام 1946، ونُشرَت بعد ثماني سنوات من تأليفها، تُعتبر بحقّ من أهم المسرحيّات اليمنية، حيث تناولت قضية طغيان الإمامة في شمال اليمن.

 

عام 1956، نشر الكاتب محمد عبده غانم مسرحيته الشّعرية الشّهيرة سيف بن ذيزن.

وفي العام 1968 نُشرت المسرحية الشعرية، أمس والشّعب، للشاعر الشعبي حمّود نعمان، لتتشكّل إثر ذلك فرقة المسرح الوطني بمساهمة كبيرة من الأستاذ عبدالله صالح المسيبلي.




شارك برأيك