تعتبر محافظة لحج من الأوائل في إنشاء وتطور التعليم العالي واحتضانه منذ زمن طويل, حيث كانت كلية ناصر للعلوم الزراعية هي الكلية الأم على مستوى الجنوب فقد تأسست عام 1972 م، ولعبت دوراً كبيراً في رفد المجتمع بعدد كبير من الكوادر ومن مختلف المحافظات، ومنهم من لا يزال حياً حتى اليوم ويفتخر بأن لديه شهادة جامعية صادرة من هذه الكلية العريقة.

حيث يعتبر نظام الدراسة بالكلية فـصلي ولمدة أربع سنوات، إلا أن التآمر على الكلية كان منذ قبل إعلان الحرب على الجنوب، وخصوصاً بعد تداول فكرة إنشاء جامعة لحج .

ومع دخول مليشيات الحوثي الحوطة عاصمة لحج واحتلالها للمدينة والكلية، فإن الكلية حالياُ ومنذ عام على الحرب والدراسة متوقفة فيها، وأيضاً ضربها العبث وأصابها التدهــور والترهل، وكثرت بداخلها السرقات وأصبحت ما بين الحياة والموت وتنادي هل من مغيث بعـميد جـديد للكلية مع إعادة الدراسة بعد تذمر الطلاب من توقــف عام دراسي في ظل صمت العميد الحالي د. سالم الشبيبي عن وضع معالجات أو استرجاع بعض مقومات الكلية التي هي متواجدة حالياً عند بعض المواطنين.

"الأمناء" قامت باستطلاع عن الكلية بعد تداول أخبار السرقات المتكررة لمعدات الكلية وفي وضح النهار لنقل صورة مختصرة عما يحدث بداخل هذا الصرح العلمي المهم والذي يعتبر الانطلاقة  واللبنة الأولى للتعليم العالي داخل محافظة لحج.

نظام التعليم بالكلية

وتوضح "انتصار مقبل" مديرة إدارة التوثيق بمكتب التربية بلحج، بأن نظام الدراسة في الكلية نظام فصلي لمدة أربع سنوات وتمنح الكلية عدة شهادات بنظام البكالوريوس في التخصصات الآتية: (بساتين / محاصيل / وقاية نبات /  إنتاج حيواني / الشعبة العامة /  علوم وتكنولوجيا الأغذية/ تربة ومياه وبيئة، بالإضافة إلى تخصص إرشاد زراعي وتنمية ريفية).

بينما تمنح الكلية الدبلوم في تخصص تنمية ريفية، ولا تقوم الكلية بتدريس تلك التخصصات سنوياً وإنما لحاجة التنمية واحتياجات سوق العمل.

وتتذكر انتصار أخاها المرحوم الذي كان أحد خريجي هذه الكلية بمؤهل دكتور قسم البساتين وتفاخر بذلك متألمة لما وصل الحال عليه الآن، قائلة: "منذ عام وعقب الحرب وإلى اليوم وكلية ناصر للعلوم الزراعية مغلقة ومتوقفة فيها الدراسة، حرم طلابها من حق التعلم وفيها عبث ربما عن قصد متعمد لا يعرف له سبب مقنع!!.

أم الكليات واستهداف مشروع الجامعة

وتحدث لـ"الأمناء" وضاح الشـاطري، القائم بأعمال المدير الإداري بكلية الزراعة بأن الكلية كانت من أفضل كليات جامعة عدن وتعتبر أم الكليات بالجنوب وقبل الحرب حدث تدهـور ممنهج للكلية وعن قصد ومنذ عام 2012م، وفي أوقات سابقة تم إغلاق الكلية للمطالبة بوضع حد للعبث القائم بالكلية وناشدنا مع منظمات المجتمع المدني قيادة محافظة لحج السابقة بوضع حل لهذا الاستهداف داخل الكلية من قبل قيادة جامعة عدن آنذاك، وأيضا حصلت لقاءات بخصوص هذا الأمر من قبل المجلس الأهلي بالحوطة والشخصيات الاجتماعية بالحوطة و تبن ولكن دون أي أثر ملموس على أرض الواقع  إلى أن وصول الكلية لهذا الوضع.

ومع الحرب وما بعدها فقد تعرضت الكلية إلى قصف بالقذائف وأيضاً إلى سرقات عديدة  مما جعل الكلية منكوبة وزاد الأمر سوءاً  تفجــير مبنى إدارة أمن لحج القريب من الكلية فقد أحدث أضرارا بالكلية، وقبل أيام تم سـرقة حراثة زراعية تعتبر من أهم ممتلكات الكلية وهناك محاولات لسرقة سيارة قلاب خاص بالكلية.

وقفات احتجاجية للطلاب

وحول دور الطلاب لما يحدث بالكلية عقب الحرب قال الشاطري بأن الطلاب قاموا بوقفات احتجاجية  للمطالبة بوضع حل عادل لما يحدث بالكلية وافتتاح الدراسة أسوةً بكلية الضالع و زنجبار حيث تم افتتاح الدراسة فيهما بالرغم من أن كلية ناصر للعلوم الزراعية تعتبر أفضل وضعاً من تلك الكليات إلا أنه للأسف هناك استهداف للقضاء على كليات محافظة لحج، لأن ذلك يقضي على حلم شباب المحافظة بتأسيس جامعة لحج والذي لا يقـــوم تأسيس أي جامعة بأي محافظة  إلا في حال وجــود أكثر من ثلاث كليات داخل المحافظة .

وأضاف الشاطري بالقول لا توجد نية صادقة من قبل قيادة الكلية لإعادتها للحياة وإعادة استمرار العمل والدراسة حيث توجد الإمكانيات ولو أنها ضئيلة إلا أننا بعون من الله سنقوم وبتعاون الجميع من إعادة العمل ولكن للأسف استمرار إغلاق الكلية سيجعلها عرضة للإهمال والتدهور والسرقات وهذا الوضع ربما ارتاح له بعض قيادات الكلية وهو الأمر الذي دفع بالطلاب والموظفين بمناشدة محافظ لحج د. ناصر الخبجي ورئيس جامعة عدن بسرعة إصدار قــرار تكليف عميد جديد للكلية وبأسرع وقت ممكن قبل أن تتحول هذه الكلية إلى أطلال وهو أمر محزن في حال استمرار الصمت عما يحدث داخل الكلية  ومع ذلك ثقتنا بالمحافظ كبيرة لمعالجة الأمر سريعاً.

فـقدان الثـقة بعميد الكلية

وقال الطالب "وليد فضل" سنة ثالثة متوقف عن الدراسة لماذا لا يتم إعادة تفعيل دور الكلية أسوة بالكليات الاخرى؟!

نطالب بفتح الكلية أو اعتماد سنة أكاديمية للطلاب قبل أن يصبح مستقبلهم العلمي مجهولاً.

وكشف وليد بأنه توجد عند بعض المواطنين بعض المعدات الخفيفة الخاصة بالكلية تم الحفاظ عليها مع الحرب إلا أن عدم وجود الثقة بعميد الكلية فالمواطن لا يريد إعادة تسليم تلك المعدات إلا بوجود عميد جديد للكلية حيث فقدت الثقة كاملاً بالعميد، الكلام  هو حال لسان المواطن العادي فما بالك بالطالب والموظف.

مواصلاً: هل آن الاوان لإصدار قرار تكليف عميد للكلية، للنهوض بها من هذا الوضع باعتبارها علم من أعلام التعليم العالي داخل المحافظة والجنوب عامة.

عميد منزوع الثقة

وتتفاقم الحالة أكثر في لحج، فهنالك غضب واستياء كبير، على الأوضاع التي تعاني منها الكلية في ظل وجود عميد أصبح منزوع الثقة حد تعبير العديد من المواطنين. ويتساءل "محمد صالح" ألا يوجد كادر مؤهل في محافظة لحج كلها، كي يتم تعيين عميد للكلية، يستشعر مسؤولياته ويحافظ عليها وعلى ما تبقى فيها.

وشكر مواطنون من أبناء لحج الدكتور "حسن العبد" الذي قام مؤخراً بترتيب حراسات على الكلية ويقوم شخصياً بالإشراف على تلك الحراسات ويشاطرهم الحراسة ليلاً قائلين بأنه يفترض على محافظ لحج ورئيس جامعة عدن سرعة إصدار قرار تعيين لرجل كفء يعيد للكلية مجدها وألقها المختفي..

تهديد بالاحتضار

وأصبح السكوت عما يحدث في هذه الكلية التي تعد أولى منارات العلم في الجنوب، مهدداً لاحتضارها كلياً، وفقدان لحج منبراً علمياً عريقاً، وهو الأمر الذي يحب حدوثه أعداء الجنوب لتجهيل الشباب والقضاء على مستقبلهم والذي هو بالأساس قضاء على العلم باعتباره سلاح الأمم.

كما طالب العديد من أبناء لحج والجنوب قيادة لحج الدكتور "ناصر الخبجي" وراعــي التعليم العالي ورئيس جامعة عدن بسرعة  فـتح ملف كلية ناصر للعلوم الزراعية وإعطاء هذا الملف الأولوية العاجلة، لإعادة تطبيع الحياة الفعلية في المحافظة، وإعادة تعيين عميد مسؤول للكلية، وعدم حرمان الطلاب من حقهم في التعليم.