آخر تحديث :الاحد 20 اكتوبر 2024 - الساعة:13:39:13
علي الرجال..صفحاتٌ مشرقة في نضال قائد مظفر ..حوكم غيابياً ثم اعتقلوه ثم قطعوا راتبه وأخيراً قتلوه.. بعد أن عجزوا عن اعتقاله عرضوا 20مليونا لمن يأتي به أو يدلُّ عليه ورفاقه
(تقرير / عادل حمران الشعيبي )

ربما كان لتسميته بهذا اللقب دورٌ كبير، في شجاعته ونخوته وجبروته وأصالة نبعه، وسعيه صوب هدفه رغم كل ما يحيط به من يأس وخذلان، اسمه "علي الرجال"، اسمٌ لم يعطه الناس من فراغ، بل أعطوه إياه لفرط أفعاله الرجولية وشهامة مواقفه النبيلة والواقعة (الرجال) في وزن "الفعَّـال".. 

نشـــــأته وســــيرته

ولد الشهيد القائد (علي أحمد محمد ناصر النقيب - علي الرجال " أبو سيف ") في قرية السلقة بمديرية جحاف الضالع، بتاريخ - 7/4/1985م  وهو الابن الرابع للشهيد المؤسس (أحمد محمد ناصر).

نشأ الشهيد ( علي ) في أسرة ثورية كريمة، لا تعرف الخوف والوجل، ولا تهاب الصعاب سطرت تأريخا ثوريا، أبنائها تربوا تحت كنف ورعاية والدهم الثائر وجريح الثورتين القائد الاكتوبري الشهيد" أحمد محمد ناصر الجمل".

ترعرع الرجّال في أسرة مناضلة، وكان محط أنظار الجميع منذ طفولته كان يسأل والده كثيرا عن الثورة وتفاصيلها، وكذلك والدته والتي سمع منها روايات كثيرة عن والده الثائر، كانت والدته تختلف عن باقي الأمهات فهي الآن "أخت الشهيد وزوجة الشهيد وأم الشهيد" وصاحبة دروس الأم الثائرة.

1991 م درس الابتدائية في مدرسة الشهيد حسن محسن عسكر والتحق بالثانوية في مدرسة الحمزة بمديرية جحاف الضالع.

وفي 20 مايو 2000م عملت عصابة صنعاء كمين محكم لوالده في مفرق خوبر بالضالع استشهد على اثرها أحمد محمد ناصر وجرح كلا من الأستاذ محمد علي حمود ومحمد صالح هاشم ، كان علي في نهاية مرحلته الأساسية لكن وفاة والده غير كثيرا من أبجديات حياته وخلق في قلب علي حقدا كبيرا لجيش الشمال الذي حرمه سند حياته، تغيرت طموحات علي وأصبح همه الأول الانتقام من قتلة والده والنيل منهم، حمل سلاح ولده مبكرا وانخرط مع شباب الضالع ليسقيهم كأس القهر والوجع الذي ذاقه حين فارق والده.

درس الثانوية في جحاف وظل يدرس العدو دروس قاسية في مختلف حصونهم ومواقعهم لم يضيع ورفاقه أي فرصة للهجوم إلا واستغلوها.

نضال مبكر وحكم غيابي بالسجن

في عام 2001م حكم عليه غيابيا بالسجن بتهمة المساس بالوحدة مع عدد من شباب الضالع أعفي عنهم مطلع عام 2002م بقرار رئاسي أصدره المخلوع صالح.

2004 م التحق بالكلية العسكرية في صنعاء فقد عرف مبكرا بأن مستقبله في الاتجاه العسكري فالعدو هو من اختار له ذلك حين حرمه حنان والده، تجاوز علي امتحان القبول في الكلية ولكن حقدهم الدفين منع علي وعدد من زملائه من الالتحاق بالكلية العسكرية وتم قبولهم في الشرطة العسكرية بدلا عن الكلية واستمر في الشرطة العسكرية حتى نهاية العام 2006 م عاد إلى الضالع ليستقر بها من جديد.

2006 م ارتفعت وتيرة الاحتجاجات في الجنوب وعاد علي من صنعاء ليلتحق برفاقه فقد كان حلمه ثورة حقيقية تمنحه وطنا حرا يعيش ويأمن فيه على نفسه وأهله، شارك علي في ثورة الجنوب منذ البداية وكان من ضمن الجنود التي تتشكل لحماية المسيرات السلمية من بطش العدو وكان يأخذ على عاتقه مهمة حماية جماهير الجنوب السلمية والنيل من كل المعتدين.

سجنه وقطع راتبه

2007 م تم قطع راتبه عدة أشهر وطلبوا منه النزول والمتابعة في صنعاء وحين وصل صنعاء تم إدراجه السجن ووجهوا له عدة تهم كيدية ساعده أحد أصدقائه من حراس السجن واستطاع الهروب بجسده تاركا لهم ريالاتهم النتنة مودعا عاصمة الغدر صنعاء باتجاه الضالع.

وفي عام 2008 م رافق الزعيم باعوم بعد خروجه من سجن صنعاء حتى إيصاله محافظة حضرموت .

2009م قاد عدة مجاميع لصد عصابة صنعاء من جبال ( لحمرين ) بمنطقة حبيل الريدة بردفان وصدوهم عن احتلال تلك الجبال وفي نفس العام كان علي الرجال وعدد من رفاقه يقومون بتنفيذ كمائن لاستهداف قيادة جيش العصابة في الضالع من ضمنهم مدير الأمن وقادة اللواء واستشهد في ذلك العام سيف علي غالب ( ابن عمه ) وباستشهاده تعمقت جراح علي وازداد حقده على الغزاة وظل يقارعهم حتى استولى على أحد الأطقم العسكرية كغنيمة من العدو باعه ومنح أسرة الشهيد قيمته فليس لديهم أحد يعيلهم سواه.

20 مليون ريال مكافأة

2010 م أصدرت عصابة صنعاء مذكرة بحق خمسين من شباب الجنوب بينهم علي الرجال وخصصت مبلغ عشرين مليون ريال لمن يبلغ أو يساعد بأي معلومات تؤدي إلى اعتقالهم، وما جاء هذا القرار إلا بعد عجز جيش العصابة من مواجهة أبطال الجنوب حاولت شراء ذمم المقربين منهم بمبالغ مغرية لكنها لم تفلح في ذلك، وفي نفس العام أعلن الحراك الجنوبي عن عصيان مدني شامل لشل حركة الجنوب وإخراج العدو وطرح العالم أمام الأمر الواقع برفض الجنوبيين لحكم صنعاء وفي 7/7/2010 كان يوم عصيان شامل شلت فيه الحركة واستخدم الجيش كل أسلحته لمنع المواطنين من العصيان وقامت معركة عنيفة أصيب فيها علي الرجال ونقل إلى مستشفى يافع لتطبيب جراحه وبعدها رجع لمقارعة العدو في الحبيلين و الضالع والقشاع والمظلوم.

2012 م بدأت المقاومة الجنوبية تدرب كتائبها بشكل سري وفي أودية بعيدة عن عيون الناس فاختار قائد المقاومة علي الرجال وجعله أحد المدربين وشارك علي الرجال وزملاؤه من ضباط وصف ضباط في تدريب أكثر من سبع دورات في مختلف مديريات الضالع .

2013م كان ضمن جنود المقاومة وشارك في العمل السري وقام علي الرجال بنقل التأمينات اللوجستية اللازمة من الضالع غرباً حتى مكان انعقاد الدورة في محافظة شبوة شرقاً، وقبل هذا فإن دورة إعداد المدربين من أبناء شبوة كانت في منزله الكائن في قرية السلقة جحاف استمرت شهرا كاملا، وفي نفس العام شارك في عملية اقتحام القطاع الغربي في ردفان بالحبيلين.

20 يناير 2014م شارك في اقتحام موقع الخزان في الضالع والاستيلاء عليه وتدمير ترسانة العدو والإجهاز على جميع عناصر العدو بداخله الجدير بالذكر أن موقع الخزان يُعتبر من أصعب المواقع العسكرية وعورةً وتحصيناً في محافظة الضالع ولكن بعزيمة وإصرار رجال المقاومة الجنوبية تمكن المقاومون من إحراز النصر .

وعمل علي الرجال ومعه أفراد المقاومة الجنوبية في كل المحافظات الجنوبية لتدريب المقاتلين والاستعداد الكامل للدفاع عن الوطن وحين أعلنت قوات الحوثي وصالح النفير العام والحرب على الجنوب كان علي ورفاقه لهم بالمرصاد وقاتلوا بكل قوة في مختلف جبهات القتال.

وترجل الفارس عن فرسه

1/4/2015 م حمي وطيس المعارك في الضالع وبدأ العدو يقصف الضالع بمختلف الأسلحة الثقيلة تدخل قائد المقاومة الجنوبية اللواء عيدروس الزبيدي ليقود المعارك بنفسه فقوة العدو ليست قليلة وتحتاج ثبات الجميع وصل الزبيدي إلى جبهة الحود وبدأ حصر القوة القتالية وسألهم عن علي الرجال أخبروه بأنه طوال الليل لم ينم وبدأ النوم في الصباح فطلب منهم إيقافه، لأنه يعرف حنكة وشجاعة علي، فالمعارك الصعبة لا يمكن خوضها دون الشجعان ، قام علي وأعطوه الكعك والماء بدأ الأكل وكان يسأل أخيه زيد عن ابنه سيف وعن والدته أخبره بأنه لم يتمكن من زيارتهم منذ أكثر من نصف شهر بسبب تواجده في جبهات القتال لكنه أخبره بأنه سوف يكمل مهمته اليوم في (نفس يوم استشهاده) وسوف يستأذن و يذهب لزيارتهم.

أخذ علي الرجال ورفاقه مواقعهم وبدأ الاشتباك مع العدو وكانت المعارك على أشدها ومدفعية العدو تقصف (الحود، الدقة، ومعابر) فتحرك علي ومعه أفراد سريته كالأسود للسيطرة على موقع المظلوم وتخفيف الضغط على جبهات القتال بدؤوا الانطلاق من جهة الحود وفي منتصف النهار اقتحموا الموقع وكان علي يصيح بأعلى صوته ويكبر الله أكبر لقد انتصرنا اتصل على زيد وقال له الان سنخفف الضغط عليكم انتظروا مدفعيتنا لم تمر خمس دقائق إلا وقوات الحوثي تعاود قصف الموقع الذي سيطر عليه علي ورفاقه بعد عملية التفاف على الموقع وبعد اشتباك دام ساعات تدخلت دبابة المقاومة الوحيدة بعدها، لتنقذ أبطال المقاومة؛ لكنهم فجعوا باستشهاد القائد الهمام "علي الرجال"،  وصدام دبش وسميح محمد حسين ومحمد عبده البهاري وعبدالله سيف الرسيمي وعبدالله صالح ناجي وجرح عدد اخر من رفاقه.

خيم طائر الحزن على مدينة الضالع،وقرية الحود بالذات التي كان لها النصيب الاكبر من الشهداء في هذا الموقع ومحسن علي ناصر ومحسن علي بن علي ناصر وحلت غمامات سود لوفاة نبراس وعلم من أعلام المقاومة الصادقة، فبكاه رفاقه جميعاً، لقد فقدوه في مرحلة صعبة وفارقة؛ لكنه نال الشهادة التي سعى لها بعد مرحلة كفاح طويلة، وقال أخاه زيد معلقاً على استشهاده:" الحمد لله على كل شيء لكن ما يقهرني بأن علي استشهد قبل وداع أمه وابنه سيف، تمنيت لو استطاع وداعهم، كلامه في آخر لقاء يحزنني كثيرا، أشعر بأن سيف ما زال ينتظر لحظات وداع والده، وما زالت أمي تخطط لوداع فلذة كبدها؛ لكنه ذهب بلا عوده، وأزفت روحه لتعانق روح أبي وخالي، في السماء، فقدناهم في مرحلة صعبة وأيام قاسية وموجعة جدا.



شارك برأيك