آخر تحديث :السبت 23 نوفمبر 2024 - الساعة:16:59:41
وعدت لهواية الإيقاع بالثعابين الكبيرة! 
ماجد الداعري

السبت 17 نوفمبر 2020 - الساعة:19:27:18

في طفولتي كانت لي هوايات غريبة وشريرة بعض الأحيان، منها إشعال الحرائق وتحطيم الزجاج واهدار الماء واشعال النيران بأي شيء قابل للاشتعال حتى لو كانت "محاطيب" أي مجاميع حطب أمي بالقرية او دحرجة الصخور الكبيرة من أعالي الجبال والعيش بأجواء فرح لحظات تدميرها لكل ما حولها وانزالها لصخور أخرى مصاحبة لها إلى الاسفل.
وبعدما أصبحت راعيا بجبال قريتي المعلقة بين جبلي جحاف وثماد بالضالع، تغيرت هواياتي بشكل أغرب وهي الإيقاع أو الامساك بالثعابين الصغيرة بالرأس وهي حية والتمتع بنعومة أجسادها المترهلة، قبل العودة بها لاحقا إلى القرية، لاخافة أصدقائي في الطفولة بها، والتباهي بها أمامهم وانا ممسكا جيدا برأسها.
واتذكر جيدا أنني كنت انسى دور الراعي بالجبال والسهول، واظل ابحث تحت الأحجار والصخور عن ثعبان طيلة أغلب ساعات النهار، كي اعود به لاستعرض شجاعة طفل شقى يتمكن من الإمساك بالثعابين وهي سليمة وعلى قيد الحياة، حتى جاء ذات صباح شتوي شقي قارس البرودة
و بينما انا اتابع سيري خلف نعاجي نحو المرعى بجبل يدعى "وقيل"، لفت انتباهي جزء من ثعبان احمر ضخم، كمن يحاول تعريض جسده للشمس من شدة برودة ذلك النهار، فاقتربت منه رويدا رويدا، بكل هدوء وانا محتار في أمري بين الإمساك به وعدم القدرة على ذلك، كونه على مايبدو، أكبر من امكانية مقدرتي على الإمساك به، فزادت حيرتي كلما قررت الاقتراب أكثر منه وهممت بالإمساك به، وهكذا كنت اتردد في آخر لحظة.. و بقيت عدة دقائق على هذا الحال غارق متردد في تفكيري بكيفية التصرف تجاه ثعبان ما، لأول مرة. حتى اهتديت اخيرا إلى عدم الاقتراب منه خوفا من شره وخطورته، وبدأت بمحاولة رميه بحصي صغيرة للتأكد من انه على قيد الحياة وان حجمه قابل لتمكيني من الامساك به فيما لو كنت فعلت.
فرميت نحوه بأكثر من حجر صغير.. لكنه لم يتحرك على ماكنت اتوقع وحينها طرأت في عقلي فكرة مجنونة انه ثعبان ميت وبامكاني الإمساك به بكل سهوله، فتأملته جيدا وتابعت حجم طوله بين الشجرة للبحث عن نهاية رأسه، فوجدته سليما ملقى على الأرض، كحال بقية جسده، وحينها أسرعت للامساك بعنقه كالعادة حتى لايمكنه لدغي ان هو حي وليس ميت كما كنت أتوقع جازما.
لتكن الصدمة، ان الثعبان فعلا حي، وليس ميت، بعد ما لوى على يدي بكامل طوله، وبسرعة خاطفة حتى اسقطني على الأرض، وشعرت ان يدي مشلولة بالكامل، قبل ان يتمكن بعدها من الفرار مني بسهوله، وانا شبه معشي على الأرض وأتلوى من شدة الألم في يدي التي ظلت أياما تؤلمني ولا أستطيع تحريكها الا بالكاد، ودون ان اجرؤ على الرد على أسئلة أمي، أطال الله عمرها وصحتها وعافيتها، وهي تدهنها يومها وتسألني بكل إلحاح الأم، عما جرى لها، وما اذا كنت قد سقطت عليها او أحدا ما قد تعرض لي بمكروه فيها، وأنا في المرعى، بينما اكتفيت بالقول ان احد الكباش هو من غدر بي ونطحني فجأة حتى وقعت عليها،فتعورت.
المهم قررت بعدها عدم إعادة تجربة الإمساك بالثعابين اطلاقا او حتى الاقتراب منها مهما كان حجمها،
 ولكن مع نهاية دراستي للثانوية العامة علمي،قررت الدراسة الجامعية في مجال وتخصص أدبي خلافا لاصرار كل الاهل والاصدقاء وتمردا على املاءات المعهد الإخواني للتعليم الإصلاحي الذي تعلمت فيه من اول ابتدائي حتى صدور قرار إلغاء تلك المعاهد وانا في الفصل الثاني من آخر سنة بثالث ثانوي اكملته بمنهج التربية والتعليم، ليكون امتحاني وزملائي للثانوية العامة بمركز العباس العزلة، مغايرا لجميع الطلاب بالدفعة، كون نصف دراستي للعام كان بالفصل الدراسي الأول، منهج معاهد علمية مختلف كثيرا عن منهج وزارة التربية والتعليم المفترض اننا درسناها بالفصل الثاتي،دون وجود مدرسين ولا كتب لدينا، وكانت نتيجة الامتحان مشرفة والحمد لله، ?? ?
،مقارنة بواقع التعليم الذي تلقيناه، ورغم الحصار "البراشيمي"الممنهج الذي فرض علينا بدوافع سياسية، وخلافا لغيرنا بالمركز يومها، كوننا كنا محسوبين على معاهد المسرح وأناشيد "سلمى ياسلمى.. وزاد الغلا زاد".. وغيرها من اناشيد حزب الإصلاح بتلك الحقبة الإخوانية العصيبة، كما كان ينعتنا، طيب الذكر "الحويج"، مدير مدرسة العباس بالعزلة يومها، موبخا وساخرا منا،وهو ينظر يومها شزرا إلى خطي الجميل والمنظم بملف الإجابات، ظنا منه، بأنني أحرص على اقتناص فرصة الحصول على منحة دراسية عبر المركز، على حساب طلاب مدرسته الأكثر اجتهادا وتعبا مني وزملائي القادمين للامتحان بمركزه، من المعهد الإصلاحي،نتيجة التفريط بحقنا في اعتماد مركز امتحاني أسوة بما كان عليه واقعنا التعليمي بزمن المعاهد.
والخلاصة أنني توجهت بعدها، وبإصرار ذاتي، لدراسة الصحافة والاعلام بجامعة عدن، خلافا لرغبة، الاهل ومعارضة الجميع، لتعاودني مجدداً بعد التخرج وبقوة، هواية العودة للإيقاع بالثعابين،،ولكن الكبيرة منها هذه المرة على وجه التحديد وليس الصغيرة،فحسب.
ولتكن سمومها وخطورة لفتها وقوتها الجسمانية ماتكون، لاني عزمت ومتكل على الله في توجهي هذا وهو خير معين ونعم المولى ونعم النصير.
ولهذا بدأت بفتح أخطر ملفات الفساد المالي في تاريخ العمل المصرفي باليمن ومصر على مواصلته مابقيت في روح وقلب ينبض بإذن الله. ودعواتكم أحبتي خير زاد ومعين لنا. 
#وعدتلهوايةالإيقاع_بالثعابين

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل