آخر تحديث :الثلاثاء 09 يوليو 2024 - الساعة:08:04:29
تقرير خاص : الحوثيون تحت مقصلة العقاب
(الأمناء/ متابعات خاصة:)

كشف موقع "بوليتيكو" الأميركي كواليس القرار الذي بموجبه شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها هجومًا مركزًا ضد أهداف للحوثيين في اليمن ليلة الجمعة.

ووفق الموقع، فإن المناقشات استمرت لأيام، رغبةً من الرئيس الأميركي جو بايدن في استنفاد الخيارات الدبلوماسية، وسط انقسام بين إدارته ووزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" بشأن الرد على هجمات الحوثي على الملاحة الدولية.

وفي الاجتماع الذي عقد صبيحة مطلع العام، بعد أن شنت مليشيا الحوثي هجوماً آخر على سفينة شحن دولية في البحر الأحمر، أبدى الرئيس الأميركي جو بايدن استعداده حينئذ لمناقشة احتمالات الرد العسكري الأميركي على هذه الهجمات.

وأشار "بوليتكو" إلى أن توجيهات بايدن اتخذت شقين، إذ وجَّه فريقه إلى بذل المزيد من الجهد على الجبهة الدبلوماسية لإصدار قرار من الأمم المتحدة بإدانة الهجمات، وأمر البنتاغون بإعداد العدة لخيارات الرد العسكري على مليشيا الحوثي.

ووفق الموقع، فقد آلت مناقشات الاجتماع بعد نحو 10 أيام من انعقاده إلى تنفيذ الولايات المتحدة وحلفائها ضربات واسعة النطاق على أهداف تابعة للحوثيين في اليمن.

 

خيارات:

ووفق "بوليتكيو"، فقد عُرضت على بايدن خيارات الرد العسكري على المليشيا الحوثية مرة أخرى. وقرر بايدن في نهاية الاجتماع أن الوقت قد حان للمضي قدماً في الرد. وأصدر تعليماته لوزير الدفاع لويد أوستن، الذي كان لا يزال يعمل من المستشفى، بتنفيذ الضربات.

ونقل الموقع الإخباري الأميركي عن مسؤول بارز في البنتاغون قوله: "إن تنسيق العملية قد استغرق بضعة أيام؛ لأن الدول الأخرى المشاركة أرادت الاطلاع على المستند القانوني للضربات، ومعرفة الإسهام الذي تريده الولايات المتحدة منهم على وجه التحديد".

ولم يأمر بايدن بشنِّ الضربات الأميركية على الحوثيين لأكثر من 9 أيام بعد أن أوعز إلى فريقه للأمن القومي بتحديد الخيارات العسكرية للهجوم، وتوافق ذلك مع ما أعلن عنه مراراً من رغبة في استنفاد الخيارات الدبلوماسية، وتجنب انجرار الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط.

 

هجوم واسع:

وقصفت طائرات مقاتلة أميركية وبريطانية، ومعها سفن حربية وغواصات أميركية، مواقع عسكرية للحوثيين في مناطق مختلفة في الأراضي اليمنية.

ونقلت "بوليتيكو" عن مصدر مطلع إن الغواصة النووية الأميركية "يو إس إس فلوريدا" شاركت في الهجوم، وفي تعليقه على الهجوم الواسع، قال الرئيس الأميركي جو بايدن: "إن الإجراء الدفاعي الذي اتخذناه اليوم يأتي في أعقاب حملة دبلوماسية واسعة النطاق، وهجمات متصاعدة للمتمردين الحوثيين على السفن التجارية، هذه الضربات المحددة إنما هي رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة وشركاءنا لن يتساهلوا مع الهجمات على قواتنا، ولن يسمحوا لجهات معادية بتعريض حرية الملاحة للخطر في إحدى أكثر الطرق التجارية أهمية في العالم".

 

إرباكات الضربة:

 رغم الإرباك الذي يمكن أن تسببه الضربة الأميركية والبريطانية لأداء الحوثيين في المرحلة الحالية، فإنها تخدمهم وتؤهلهم إقليميّا كجماعة تنتمي إلى “محور المقاومة” بعد أن كان ينظر إليهم في المنطقة على أنهم مجموعة طائفية متشددة ومرتبطة بإيران.

ويجعل التصعيدُ في البحر الأحمر السعوديةَ في وضع معقّد ويعيق سعيها للتوصل إلى اتفاق مع الحوثيين على وقف الحرب في اليمن والتفرغ لتنفيذ مشاريعها الكبرى التي يتمركز أغلبها في البحر الأحمر.

 

مخاوف السعودية:

وكان ارتباك السعودية أمام المستجدات واضحًا، إذ دعا بيان للخارجية السعودية إلى ضبط النفس، وهي الدولة التي لا تزال في حالة حرب مع الحوثيين الذين وصفهم البيان بـ”الجمهورية اليمنية”، وذلك بعد مرور أقل من 48 ساعة على كلمة تهجم فيها زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي على الرياض متجاوزًا الأعراف الدبلوماسية.

وتوعد عضو المكتب السياسي لأنصار الله (الحوثيين) حزام الأسد برد مؤلم، مشددا على أن تعطيل القدرات العسكرية للجماعة ليس مهمة سهلة.

 

توسيع رقعة الحرب:

ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة بتنفيذ هذه الضربة تكون قد سقطت في ما تجنبته مدةَ أسابيع، أي توسيع رقعة الحرب، محذرين من أن الحوثيين جماعة تنظر إلى الحرب كهدف، ولا يهمها حجم الخسائر العسكرية التي تتلقاها ولا الخسائر التي تلحق المدنيين من ضربات أميركية قادمة، وأن ما يعنيها إثبات قدرتها على مواجهة الأميركيين ونيل استحسان إيران وتقديم نفسها كنسخة جديدة من حزب الله.

ولا توجد مؤشرات على أن لدى الولايات المتحدة رغبة في التصعيد، وهو توجه عكسته تصريحات باتريك رايدر المتحدث باسم البنتاغون الذي قال إن الضربات الأميركية والبريطانية كانت لها “تأثيرات جيدة” وإن البلدين سيواصلان مراقبة الوضع تحسبا لأي ضربة انتقامية.

 

ردود الفعل الإقليمية:

 

وتراوحت ردود الفعل الإقليمية بين الدعوة إلى التحفظ وضبط النفس، وبين وضع أمن البحر الأحمر خطًا أحمر لا يحق لأي جهة تهديده تحت أي عنوان، كما جاء في بيان الخارجية الإماراتية التي قالت إن أبوظبي “تعرب عن قلقها البالغ من تداعيات الاعتداءات على الملاحة البحرية في منطقة باب المندب والبحر الأحمر”، وأنها “تمثل تهديدًا غير مقبول للتجارة العالمية ولأمن المنطقة والمصالح الدولية”. وأكدت “أهمية الحفاظ على أمن المنطقة ومصالح دولها وشعوبها ضمن أطر القوانين والأعراف الدولية”.

وحدها سلطنة عمان التي أبدت موقفًا واضحًا ضد الضربة الأميركية والبريطانية، مستنكرة لجوء “دول صديقة” إلى عمل عسكري ضد اليمن، وهو موقف مفهوم بسبب قرب مسقط من طهران ودورها في الوساطة اليمنية – اليمنية رغم انتقادها على أنها قريبة إلى الحوثيين أكثر من كونها وسيطا.

وتواجه السعودية، المعنية مباشرة بأي تطور يحدث في اليمن، وضعًا صعبًا؛ فهي لا تستطيع إدانة تهديد الحوثيين لأمن البحر الأحمر وإظهار دعمها الصريح للضربة؛ لأن ذلك يهدد رغبتها في التوصل مع الجماعة إلى اتفاق يتيح لها الخروج من حرب اليمن وتأمين حدودها من أي هجوم حوثي.

وبالنسبة إلى السعوديين أيضا يأتي هذا التصعيد في غير وقته؛ لأنه سيعرقل الاتفاق مع الحوثي، وخاصة أنه يهدد إنشاء عدد كبير من المنتجعات التي يمكن أن تساعد في تحويل المملكة إلى منطقة سياحية نشطة.

 

نتائج ضربة "الجمعة" ضد الحوثيين:

أعلنت وزارتا الدفاع الأميركية والبريطانية، أن ضربة "الجمعة"، التي شنتها بريطانيا والولايات المتحدة على أهداف عسكرية للحوثيين كانت ناجحة، وستؤدي إلى إضعاف وتعطيل القدرة العسكرية للميليشيا.

ونفذت طائرات حربية وسفن وغواصات أميركية وبريطانية ضربات في أنحاء اليمن خلال الليل ردا على هجمات الحوثيين المتحالفين مع إيران على السفن في البحر الأحمر .

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الموجود في المستشفى بسبب مضاعفات عملية جراحية، في بيان، إن الضربات استهدفت قدرات الحوثيين بما في ذلك الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والرادارات الساحلية والاستطلاع الجوي.

 

إضعاف قدرة الحوثيين؟

المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية قال إن التقييم الأولي يشير إلى أن الضربات الأمريكية على الحوثيين كانت لها آثار جيدة، وإن البنتاغون سيستمر في مراقبة الوضع.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، إنه يعتقد أن الضربات التي شنتها بريطانيا والولايات المتحدة على أهداف عسكرية للحوثيين في اليمن ستؤدي إلى إضعاف قدرة الجماعة المتحالفة مع إيران.

 

الشرعية الدولية تضرب إرهاب الحوثي:

ويرى الكاتب والمحلل السياسي م. جمال باهرمز أن السياسة الخاطئة لأمريكا في السابق بسبب الانسياق لرغبات إسرائيل أدت إلى تغول مليشيات صنعاء ومن ورائها إيران بترك الدعم مستمرًا لصنعاء ومنع إضعافهم.

لكن بعد أن أدركت الرباعية أن حكام صنعاء ليسوا شركاء جيدين في المجتمع الدولي، وأن سياساتهم متقلبة وبدون خطوط حمراء اتضح أن الأسلم هو العودة للاستماع لصوت شعب الجنوب العربي ممثلاً بالمجلس الانتقالي الجنوبي ولدول التحالف وإضعاف أدوات إيران في المنطقة.

وأضاف باهرمز: "قبل محاولة اجتياح إسرائيل لغزة كانت الرباعية بصدد الضغط بالحرب على الحوثيين للموافقة على بنود الحل الشامل في اليمن، ولأن هذه البنود تتضمن حلولا وإطارا تفاوضيا خاصا للقضية الجنوبية ومن يمثلها المجلس الانتقالي الجنوبي؛ لذلك بدأت بريطانيا وأمريكا باستهداف وضرب مواقع الحوثيين وقبلها دعم قوات الجنوب بالسلاح الثقيل لردع الحوثيين، وسيستمر الضرب تدريجيا حتى ترضخ صنعاء لمطالب الرباعية، ولكن بعد الحرب على غزة أصبحت أولوية أمريكا وبريطانيا هي تأمين الممرات المائية في البحر الأحمر للدول المطلة عليه ولأوروبا وإسرائيل، ولذلك سيتم ضرب الحوثيين ليس لتهديدهم الممرات هذه، ولكن لمنع إيران مستقبلا من السيطرة والتهديد لهذه الممرات الاستراتيجية، وهذه الاستراتيجية تتناسب مع سياسة المجلس الانتقالي الجنوبي ودول التحالف العربي".

 



شارك برأيك