آخر تحديث :الاربعاء 15 مايو 2024 - الساعة:02:37:00
آخر الأخبار
ماذا يريد الحراك بالضبط من مؤتمر الحوار ؟
علي ناصر البخيتي

الاربعاء 00 مايو 0000 - الساعة:00:00:00

بعد زيارة السفيرين الروسي والبريطاني لفريق القضية الجنوبية وتأكيدهما أن الدول العشر الراعية للتسوية يتعاملون مع يمن واحد ويدعمون يمناً واحداً, وذلك وفقاً لقرارات الشرعية الدولية حسب قولهما, كرر سفير مجلس التعاون الخليجي نفس العبارة وأكد أن المبادرة نصت على وحدة اليمن, تساءلت بعدها ما الذي يريده الجنوبيون من مؤتمر الحوار؟

فهناك بون شاسع بين ما يطرحونه وبين الواقع المحلي والإقليمي والدولي, فالجنوب اليوم غير مهيأ لفك الارتباط كما كان غير مهيأ للوحدة في العام 90م, بل إن واقع فك الارتباط اليوم أكثر صعوبة وأكثر خطورة بكثير من واقع دخول الوحدة وقتها.

كما دخل الجنوبيون الوحدة بعاطفية يسعى البعض إلى فك الارتباط بعاطفية أيضاً, دون اكتراث بالأوضاع في الجنوب والخلافات التي تعصف به، والتيارات التي تتجاذبه والحركات الجهادية والجهوية ومراكز القوى التقليدية الجنوبية القديمة والحديثة التي تتهيأ لاقتسام غنيمة الانهيار.

باعتقادي أن ممثلي الحراك في مؤتمر الحوار يفوتون على الجنوب والجنوبيين فرصة تاريخية مهمة بسبب تركيزهم على الشعارات، والمطالب الصعبة التحقيق على المدى المنظور على الأقل, وفي نفس الوقت يصمتون عن المطالب المعقولة والتي ستدعمها أغلب القوى في المؤتمر, وستحدد لهم البوصلة من الآن قبل فوات الأوان.

لا أعتقد أن هناك خطة لدى الإخوة في الحراك للعمل في مؤتمر الحوار, ولا يوجد لديهم سقف عالٍ وسقف ممكن وحد أدنى للمطالب, ويأتي الغالبية للتنفيس عن غضبهم وعن الشعور بالمظلومية مستمتعين بسكوت الأطراف التي ساهمت في ظلمهم, دون أن يعي الحراكيون أن سكوت تلك الأطراف لا يعني اعترافهم بمظلوميتهم, إنما هي استراحة محارب تقتضيها المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية, وسيعاودون الكرة من جديد.

تنتهي الجلسات اليومية وأنا أتحسر في نفسي وأسألها: ما الذي كسبه الإخوة الجنوبيون في هذه الجلسة؟

الاعتذار لم ينالوه, التراجع عن الفتاوى أو حتى إدانتها لم يطالوه, إدانة حرب 94 م – وليس نتائجها فقط - لم يحصلوا عليه, حتى عندما طالبت بالرد على الخطاب التحريضي الديني ضد الجنوبيين ومطالبهم بفك الارتباط أو بحق تقرير المصير, عبر إصدار بيان عن فريق القضية الجنوبية نعتبر فيه أن القضية الجنوبية قضية سياسية ولا يجوز أن يتم حشر الدين فيها والتعامل معها بالفتاوى والخطاب الديني, أيدني بعض الجنوبيين بخجل ولم يصروا على مقترحي الذي عارضه الإصلاحي محمد قحطان بقوة، ولكن بطريقة دبلوماسية أظهرته كالحمل الوديع المستعد لعمل كل شيء من أجل الجنوب والجنوبيين, وعندما خففت لهجة المقترح إلى المطالبة بإصدار بيان نعتبر فيه أن من حق كل طرف أن يتبنى المطالب التي يريدها مهما كان سقفها عالياً وأنه لا يجوز تكفيره أو اتهامه بالخيانة, لم يحظ المقترح بالتأييد, ولم يصر عليه الجنوبيون, فأحسست وقتها أني أغرد خارج السرب وأني أظهر ملكياً أكثر من الملك, مع أن مطالبي كانت موضوعية وواضحة وتخص القضية الجنوبية بل وفي صميمها.

الخطأ الأكبر الذي ارتكبه الجنوبيون بحق قضيتهم هو إخراجها من سياقها الوطني إلى سياق جهوي, ثم تطور الأمر إلى أن اتهم الجنوبيون بعضهم البعض ببيع القضية وخيانتها وادعى كل طرف أنه الحامل الشرعي لها, وهكذا تشظى الصف وضعفت القدرة على صناعة حتى خطاب جنوبي واحد أو على الأقل يعبر عن الغالبية بوضوح, وتواصل مسلسل حصر القضية الجنوبية إلى أن أصبح البعض يعتقد أنه وحده من يحق له الكلام عنها, وأن غيره إذا تحدث عنها فلأن لديه أجندات خاصة, وللأسف فإن من يحاول احتكار التحدث باسم القضية يلتقي مع الجلاد في الكثير من الأمور دون أن يشعر, ويغتر ببسماته وضحكاته ومنطقه المعسول.

ومن هنا فإني أنصح الإخوة بأن يتدرجوا في مطالبهم ليعرفوا النيات المبيتة, فعندما يطالبون باستعادة الأراضي المنهوبة مثلاً, في الوقت الذي لم يطالوا الاعتذار أو إدانة الفتوى - التي لن تكلف أصحابها إلا قيمة الورقة التي عليها الاعتذار أو الإدانة - عندما يطالبون باستعادة الحقوق في ظل حكومة تمثل تحالف الحرب, فإن مطالبهم تصبح كالسراب, وسيتم تمييع القضية إلى أن تصبح بعض الأطراف التي خاضت حرب 94م جاهزة لخوض حرب جديدة, بعد أن يكتمل مسلسل التهيئة والتعبئة الدينية, إضافة إلى تدفق صفقات الأسلحة, كذلك استقطاب قيادات جنوبية جديدة بعد انتهاء صلاحية القيادات التي عملت معهم بعد حرب 94م.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص