آخر تحديث :الاربعاء 08 يناير 2025 - الساعة:00:25:30
المدرسة في الغربة وطن ... خلاصة تجربة الغربة والأغتراب!
د. قاسم المحبشي

الثلاثاء 00 يناير 0000 - الساعة:00:00:00

 

حكاية أول مدرسة عربية أهلية تكافلية في الصين الشعبية

عبارة تكثف الى أقصى حد ممكن معاني الغربة والاغتراب بما تحمله من شحنة الشوق والحنين الى الوطن الخراب. من أقاصي الشرق الأدني جاء مهندس الطيران صالح عبد عوض المحبشي حاملا منه الوطن في حقيبة. ذلك الوطن الصغير الحميم الذي صنعه وزملاءه من المغربين العرب في بلاد الصين البعيدة لتمكين فلذات أكبادهم من التعلم والتعليم بعيدا عن اوطانهم الأصلية. هناك في مدينة كوانجوا التجارة على نهر الؤلؤة العظيم اسسوا مدرستهم الأهلية التكافلية بجهودهم الذاتية. حتى يمنحون اطفالهم بعض الأمل بالمستقبل الذي ينتظرهم بعد خراب أوطانهم الحبيبة! مدرسة أسموها مدرسة الصداقة العربية الصينية. سألناه عن فكرة المدرسة ورسالتها وأهدافها وهو رئيس مجلس أدرتها فأجاب بالتالي:(جاءت فكرة تأسيس مدرسة الصداقة العربية الصينية في مدينة جوانزو الصينية التجارية التي تقيم فيها أكبر جالية عربية من مختلف الأقطار العربية، جاءت المبادرة في تأسيسها من وقع  المعاناة  التي تعيشها الكثير من العائلات العربية في تدريس اطفالها في مدارس المدينة الخاصة التي تفرض أسعار باهضة للرسوم الدراسية، ناهيك عن المنهج التقليدي المعتمد فيها للتحصيل العلمي للتلاميذ والتلميذات الملتحقين بها لعدم وجود بدائل أخرى، وهذا ما أجبر أوليا أمور التلاميذ العرب للإستدانة لتغطية الرسوم, أو أضطر بعضهم للرحيل من الصين مكرهين لا مختارين لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف تدريس أبناءهم، والبعض منهم اضطروا الى حرمان فلذات أكبادهم من التعليم، في حين لجاء أخرون من أوليا الأموار إلى تدريسهم بنظام الانتساب المدفوع الأجر رغم أنه لا يسمن ولا يغني من جوع التربية والتعليم للمرحلة العمرية المبكرة، مرحلة الطفولة التي تستدعي التعليم النظامي كضرورة لازبة للتنشئة السليمة، إذ تبين أن تعليم الأطفال بالانتساب يؤثر سلبا على مستوى نموهم التربوي وتحصيلهم العلمي. بإزاء هذا الخيارات المريرة، تداعى بعض أولياء أمور الأطفال في مدينة غوانزو للتفكير بماذا يمكنهم فعله لضمان مستقبل اولادهم وبناتهم؟ والبحث في السبيل الممكن لتعليمهم بعيداعن سطوة التعليم التجاري المهيمن في مدينة التجارة العالمية. فاهتدوا بعد بحث مضني في مختلف الممكنات المتاحة الى فكرة مبتكرة تمثلت في  إنشاء مدرسة تكافلية تعاونية بين أولياء أمور التلاميذ العرب، وشكلنا لجنة تنسيقية لهذا الغرض واستطعنا بحمد الله وتوفيقه  وجهود بعض أهالي الأطفال بخوض هذه التجربة في السنةالدراسية الماضية للفصل الدراسي الثاني حيث تكللت بالنجاح ولله الحمد. وعملاً بمبدأ ( أحب لأخيك ماتحبه لنفسك ) طرحنا هذه التجربة على مجموعة من الآباء وأبدوا رغبتهم بالانضمام ودعم المشروع التكافلي التعاوني، ولهم كل الشكر على ذلك، والشكر موصول  للاخوة أصحاب المكاتب التجارية العرب الذين قاموا بتسجيل أبنائهم تشجيعاً منهم لهذا المشروع الخيري التكافلي الواعد والحرص على نجاحه وتطويره حتى يؤتي ثماره الطيبة. وهكذا صار لنا أول مدرسة عربية تكافلية في الصين، مدرسة الصداقة العربية الصينية التي احتوت بين جنباتها الأمنة فلذات أكبادنا من الأبناء والبنات في صفوف التعليم الأساسي من التمهيدي حتى تاسع ابتدائي. قرابة ??? تلميذ وتلميذة من مختلف الأقطار العربية، في عام الافتتاح ونتطلع لتزايد عدد الملتحقين للاعوام القادم، لما لتتميز به مدرستنا من تسهيلات وخصائص لوجستية وأكاديمية جاذبة، أهمها تيسير تعليم الأطفال بتكاليف ميسرة بالمقارنة مع الخيارات الأخري، إذ أن ما يميز مدرستنا كونها مشروعا تكافليا غير ربحيا لا يهدف الى جني مصالح مادية وكل هدفه هو توفير ظروف مناسبة لتربية وتعليم أطفال المقيمين العرب بأقل التكاليف الممكنة مع ضمان الجودة في التعليم بعيدا عن أي توجهات أو ميول أيديولوجية وسياسية تذكر. فمدرستنا تفتح ابوابها لجميع التلاميذ والتلميذات العرب الراغبين في التعليم المنتظم في برنامجها التربوي التعليمي الذي يسعى الى تنشئتهم على أفضل القيم والتعاليم العربية الإسلامية بالانفتاح العقلاني على مناهج ولغات الاخرين لاسيما اللغة الصينية واللغة الانجليزية وأضاف أن الهدف من هذا المشروع التكافلي خَلْق بيئة ومناخ دراسي جيد لأطفالنا ومنهج تربوي وتعليمي عربي إسلامي قويم يُثري حصيلتهم العلمية وينَمّي مهاراتهم اللغوية الإنجليزية والصينية بأقل التكاليف. أما عن حيثيات المشروع فيتكون من الأتي:
1- المقر: تم التعاقد مع أحد المدارس التعليمية الصينية لاستخدام المقر والدعم التدريسي للغة الإنجليزية والصينية.
 
2- المنهج الدراسي: منهج عربي مُدّعم باللغة الصينية واللغة الانجليزية.
 
3- المواد الدراسية: سيتم تدريس المقرر اليمني مواد أساسية وهي اللغة العربية والعلوم والرياضيات والتربية الإسلامية واللغة والعلوم.
 
4- ساعات الدراسة: الحضور في الساعة 7:00 صباحًا, الحصة الأول تبدأ في الساعة 7:30 صباحًا
وتنتهي الحصة السابعة والأخيرة في الساعة الثانية ظهرًا.
 
5- المواصلات:  ست باصات لنقل الطلاب من مقر سكنهم الى مقر المدرسة واعادتهم.
 
6- الرسوم الدراسية: بعد عمل دراسة على المصروفات المتطلبة من ايجار مقر, ومواصلات, ورواتب ونثريات أخرى, تبين أن رسوم الطالب الواحد 23 كًألف يوان, وإن وُجد عجز إضطراري يتم تقسيم مبلغ العجز على عدد الطلاب بالتساوي, ودفع الرسوم الدراسية سيكون على دفعتين كل فصل درسي دفعة)
في الماضي الرومانسي كان الفنان يحيى عمر الجمالي يقول: المرأة في الغربة وطن! أما في الحاضر التنافسي فهذا صالح المحبشي يقول: المدرسة في الغربة وطن! 

تذكرت وأنا اقرأ العبارة المكتوبة باللون الأحمر فوق الكاسات والحقيبة(المدرسة في الغربة وطن! قصيدة الشاعر محمود درويش 

آه يا جرحي المكابر
وطني ليس حقيبة
و أنا لست مسافر
إنني العاشق والأرض حبيبة

و إذا استرسلت في الذكرى!
نما في جبهتي عشب الندم
و تحسرت على شيء بعيد
و إذا استسلمت للشوق،
تبنيت أساطير العبيد
و أنا آثرت أن أجعل من صوتي حصاه
و من الصخر نغم !

جبهتي لا تحمل الظل 
و ظلي لا أراه
و أنا أبصق في الجرح الذي
لا يشعل الليل جباه !
خبئي الدمعة للعيد
فلن نبكي سوى من فرح
و لنسم الموت في الساحة
عرسا.. و حياة!

و ترعرعت على الجرح، و ما قلت لأمي
ما الذي يجعلها في الليل خيمة
أنا ما ضيّعت ينبوعي و عنواني و اسمي
و لذا أبصرت في أسمالها
مليون نجمة
رايتي سوداء،
و الميناء تابوت
و ظهري قنطرة

يا خريف العالم المنهار فينا
يا ربيع العالم المولود فينا
زهرتي حمراء
و الميناء مفتوح
و قلبي شجرة!

مدير مدرسة الصداقة العربية الصينية 
السيد صالح المحبشي أهداء عمادة كلية الآداب أربعة كاسات تحمل شعار المدرسة ووسمها وحقيبة الوطن الضليل لكل من عميد الكلية أ.د علوي عمر مبلغ ونوابه الثلاثة وأنا منهم.
واليكم صورة الوطن  في حقيبة

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص