- من ثلاثة محاور .. الرئيس الزبيدي يكشف عن استراتيجية ردع شاملة ضد الحوثيين
- تعرف على سعر الصرف وبيع العملات مساء الأربعاء بالعاصمة عدن
- من بوابة المؤسسة الاقتصادية.. تصاعد الخلافات الداخلية في صفوف الحوثيين
- بعد اتفاق غزة.. هل يصبح اليمن الساحة الأخيرة للصراع الإقليمي؟
- الرئيس الزُبيدي : مشروع المجلس الانتقالي واضح منذ تأسيسه وهو استعادة دولة الجنوب بحدود العام 90
- شبوة تواجه الأطماع بشجاعة : لن نقبل بالهيمنة على النفط ولا بتهميش للكفاءات
- الدكتور الخُبجي يستقبل فريق محافظة لحج ويؤكد أهمية الدور الميداني
- حلقة نقاشية لمناقشة إدراج عدن ضمن قائمة التراث العالمي
- وزير النقل يتفقد حركة نشاط ميناء الحاويات كالتكس
- رئيس الوزراء يشدد على شراكة الحكومة مع الأمم المتحدة لإعادة تحديث أولويات العمل والتدخلات
الاربعاء 00 يناير 0000 - الساعة:00:00:00
تعد الاحتفالات السنوية من الظواهر الاجتماعية التي رافقت حياة الإنسان منذ ماقبل التاريخ، بوصفها انزياحا سوسيولوجيا وسيكولوجيا عن السياق الاجتماعي الروتيني للحياة الاجتماعية، إنزياح يتم التعبير عنه بتنويعات شتى من الأفعال والتفاعلات والعلاقات والممارسات والقيم والرموز والمشاعر والانفعالات عند مختلف الشعوب والجماعات ، فكل جماعة أو تجمع أو شعب من شعوب الأرض يمارس الاحتفال بوصفه تأكيدا للوجود والحضور وتعبيرا عن الفرح والسعادة بالحياة وإنجازاتها وتجديدا للطاقة وتحفيزا الأمل بالمستقبل. ففي الأزمنة القديمة ما قبل التاريخ كان الناس يعتفلون بأنفسهم وباعيانهم في سياق زمني أسطوري شديد الالتصاق بالطبيعة وتقلباتها ومواسمها، وكانت اعظم الاحتفالات عند الشعوب القديمة هي احتفالاتهم بحصاد الثمار نهاية كل عام وتوقعاتهم بما سوف تجود به السماء والأرض في قادم الأيام. غير أن الأمر المختلف في هذه الظاهرة المستمرة عند جميع البشر هو مدى وعيهم بالزمان بوصفه تاريخاً، والتاريخ هو انقطاع عن الطبيعة يحدث استيقاظا للوعي. مع تبلور الوعي التاريخ بسيرورة الحياة بالزمان ، بأبعاده الثالث، الماضي والحاضر والمستقبل، إي الذاكرة والوعي والخيال، بدأ التفكير بتوقيت الزمن وتحديده وتقسيمه الى لحظات وساعات وأيام وأعوام وعقود وقرون. بصيغ مختلف عند الشعوب والأقوام والحضارات، إذ يختلف التقويم عند الصينيين عن التقويم الإسلامي والتقويم اللاتيني . ولكنه يتشابه في وظائفه الاجتماعية الأساسية، فوظائف الاحتفال هي ذاتها عند بني الانسان إذ تشبع لديهم حاجات حيوية، لكسر الروتيني وتغيير النمط وسعادة الإنجاز وتوقع المستقبل، والقياس والتقويم المقارن بين ما قبل وما بعد؟ ماذا تحقق في العام الذي مضى وماذا يمكننا تحقيقه في العام الجديد؟ ومن السخف النظر الى احتفالات الشعوب المسيحية بوصفة مجرد احتقادا دينيا وشجرة ميلاد وكريسمس وشرب الخمر أو غير ذلك كل تلك الرموز والعناصر هي جزء من الباراديم الكلي للاحتفال الذي يعني أكثر منها بالتأكيد. وكلما كانت حياة الأفراد والشعوب منظمة ومستقرة وأمنة في قواعدها المؤسسية الراسخة كلما كان للاحتفال بعيد رأس السنة قيمة واهمية واعتبار، إذ يمكن لمواطني تلك الدول المسيطرة على ممكنات تاريخها أن يحتفلوا بما مضى من أيامهم وما حققوه من إنجازات في إطار العام الذي مضى بسعادة وفرح مصحوب بالأمل والتطلع الى عام جديد أجمل وأفضل. أما من يفتقدون قدر السيطرة على شروط حياتهم اليومية في بلدانهم ويعيشون حياتهم في مهب العاصفة وبلا مزايا كما هو حالنا في البلاد العربية المسممة بالحروب والفساد والخوف والخراب، بما يعجزنا عن توقع ما تخبئوه الليالي والأيام القريبة القادمة، فليس للاحتفال بتعاقب الأعوام بالنسبة لنا معنى واعتبار، فنحن نعيش في زمن دائري، يكرر باستمرار ما قد جرى وكان منذ قديم الازمان بمختلف الأنماط والصيغ والاشكال ودون أن نعي أن الزمان تاريخ وأن التاريخ يسير من الماضي الى الحاضر الى المستقبل، فمن العبث الحديث عن الاحتفال برأس السنة الهجرية أو الميلادية، فالأمر سيان! وطالما وقد عجزنا عن القبض على ممكنات التاريخ والسير في ركابه مثل سائر الأمم والشعوب والأقوام، فليس بمقدرونا منع غيرنا من التعبير عن أفراحهم كما يشتهون! دعوهم يحتفلون بعامهم الميلادي الجديد بطريقتهم. ولا تنشغلون بهم بل يجب أن نسأل أنفسنا السؤال البسيط ؟ ماهو الزمن، وكيف نعيه بوصفه تاريخا لمن يصنعونه؟ والأمر المهم هنا ليس هو ماذا يقول الناس ويفعلون هنا والآن؟ بل هو لماذا يقولون ما يقولونه؟ ويفعلون ما يفعلونه؟. ومن ينجب يسمي ومن ينتج يجني ومن يبني يسكن ومن ينجز يحق له أن يسعد كما يحلو له! أما العاجز فليس لديه خيارات غير الحسرة والندم على الزمن الذي ضاع دون أن يعلم كيف ضاع ولماذا؟ونحن جميع البشر كائنات تاريخية نعيش التاريخ كما تعيش الأسماك بالماء! والتاريخ هو ما يصنعه البشر بأنفسهم ولا شيء يأتي اليه ولا شيء يخرج منه، ولكنه يكسر رؤوس البشر ولا يتكسر رأسه ابدا!
في العصور الفطرية القديمة كان أسلافنا يتدبرون حياتهم في سياقهم الطبيعي الأسطوري على نحو اكثر استقرارا مما نعيشه نحن اليوم بعد أن فقدنا الطبيعة الحانية ولم نتمكن من ترويض التاريخ المتوحش!