آخر تحديث :السبت 10 اغسطس 2024 - الساعة:02:15:56
لماذا صمت الرئيس علي سالم البيص ؟
صلاح السقلدي

السبت 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

 

   لديّ اعتقادا قويا بأن الرئيس الجنوبي اليمني السابق/ علي سالم البيض، حين قرر الذهاب الى العاصمة السعودية الرياض غداة انطلاق عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية باسم التحالف العربي منذ عامين باليمن وإعلان تأييده لتلك العاصفة ”الحرب“ خدمة للقضية الجنوبيةـ بحسب تصريحاته حينهاـ كان يعرف أن الرياض ستتعامل مع القضية الجنوبية بتجاهل سياسي تام، وأنها لن تتعاطى معها إلا كورقة ضغط وابتزاز سياسي وعسكري بوجه القوى اليمنية ، ليس فقط  تلك القوى التي تخوض ضدها حربا عسكرية محتدمة منذ ذلك التاريخ ( قوات الرئيس السابق صالح وحركة الحوثيين "أنصار الله“)،بل حتى بوجه القوى المتحالفة معها عسكرياً ”حزب الاصلاح وغيره“، ولكنه أي السيد البيض كان يعرف أنه في حال أن أحجم عن تلك الزيارة وعن ذلك التأييد سيكون في مرمى الجميع وأولهم الحراك الجنوبي" الثورة الجنوبية“ وسيكون هو الشماعة التي ستعلق عليها الخذلان الخليجي للقضية الجنوبية بالصورة التي نراها اليوم وبعد عامين من انطلاق تلك الحرب  والماثلة للعيان اليوم بكل المجالات وليس فقط بالجانب السياسي ( التحالف اليوم لم  يعد الوضع الخدمي الى عدن ولو بجزء بسيط مما كان عليه قبل الحرب ولا نقول كما كان قبل الحرب)ـ مع أنه وللأمانة والانصاف لم يصدر من دول التحالف ومنها بالطبع السعودية أية وعود لحل القضية الجنوبية” أي حل سياسي كان“،ولم يعطِ أية اشارة لا للسيد البيض ولا لغيره من القيادات والقوى الجنوبية الثورية بأن قضيتهم ستكون في أجندته بعد انتهاء الحرب مقابل المشاركة العسكرية الجنوبية الفاعلة بالحرب لا من فوق الطاولة ولا من تحتها، ولا على شكل تصريحات ولا تلميحات ، بل على العكس من ذلك تماما فقد كانت هذه الدول ومعها الرئيس عبدربه منصور هادي أكثر وضوحاً وصراحة بأهداف تلك بأنها حرب استعادة سلطة هادي ومحاربة ما تقول عنه تلك الدول بأنه تدخل إيراني باليمن، تماماً كما كان موقف بموقفهم صريح وواضح حيال الوحدة اليمنية وحيال المطالَب الجنوبية الداعية لاستعادة الدولة الجنوبية وفك الارتباط من الجمهورية القائمة على شاكلتها هذه القائمة منذ الحرب على الجنوب عام ١٩٩٤ م ،وقد تجلى هذا الوضوح  وهذه الصراحة بعدة صور ومواقف،منها على سبيل المثال لا للحصر ما تضمنتها القرارات الدولية الصادرة اثناء الحرب الخاصة بالوضع باليمن والتي تؤكد جميعها على  إبقاء الوحدة اليمنية على صورتها الحالية ،وأبرز تلك القرارات الاممية هو القرار رقم٢٢١٨ الذي تقدم بمشروعه أمام مجلس الامن الدولي  المملكة العربية السعودية والذي يؤكد صراحة أنه لا مجال للحديث عن اليمن إلا بوضعها الجغرافي والسياسي القائمان حاليا، بل وشدد ذلك القرار بصيغة تهديدية على مسألة الوحدة اليمنية  ،ما يعني ذلك أن القضية الجنوبية لم تكن  في أية مرحلة من مراحل الحرب الخليجية الجارية باليمن مدرجة بأولويات اهتمامات دوائر صنع القرار السعودي ولا غير السعودي من دول الخليج التي ساندها الجنوب بحربها هذه بكل ما أمتلك من طاقات على محدوديتها ورجال ، ولا حتى مدرجة بهامش سياسيات تلك الدوائر.

 

    وعلى ما تقدم ذكره فأن صمت البيض اليوم له ما يبرره، فهو الصمت الذي لا يدل على الرضاء وفقاً للمقولة الشائعة ” الصمت علامة الرضاء“بل هو الصمت الذي يدل على عكس من ذلك تماماً، فالسيد البيض وفقا لاعتقاد كاتب هذه السطور آثر الصمت كخيار اضطراري كون البديل عن الصمت هو الكلام ،وأي كلام  منه رافضا لهذا التعاطي الخليجي مع الجنوب على الأقل في الوقت الراهن قد يُوظَّف  من قبل خصوم الجنوب ـ وما أكثرهم ـتوظيفاً خبيثا ويكون عامل كبح للجهود التي  تبذلها رموز متواجدة ببعض السلطات المحلية المحسوبة على الثورة الجنوبية والتي تحاول استعادة مكانة مؤسسات الدولة بالجنوب.

      ولكن وبالنظر الى مستوى منسوب الخلاف الذي بلغ بين أطراف الصراع الخليجي بالجنوب وفي عدن تحديدا بين السعودية وحزب الإصلاح والرئيس هادي من جهة والإمارات العربية وقوى محلية محسوبة على الحراك الجنوبي من جهة أخرى  فأن صمت الرجل لن يطول ،وقد يفاجئ الجميع في أية لحظة بموقف يقلب الطاولة بوجه الجميع ،فكما هو معروف عنه لا يمتلك سعة صدر  رحب وبالذات بالمواقف التي يرى فيها تهديدا على مستقبل القضايا التي يؤمن بها ومنها بالتأكيد القضية الجنوبية .هذا علاوة على أن الرجل شعر بأنه أرغم من قبل كل الأطراف بمن فيها الحراك الجنوبي نفسه بأن يعلن تأييده لعاصفة الحزم ووقوف الثورة الجنوبية الى جانب دول التحالف وحزب الإصلاح والرئيس هادي وهذين الأخيرين لا يروقان للبيض مواقفهما تجاه الجنوب،بل يرى فيهما ألد أعداء الجنوب  ورأس حربة حرب ١٩٩٤م دون اي شرط أو اتفاق ولو شفويا مع التحالف وشرعية هادي ويرى أن بإعلانه الاشتراك بتلك الحرب على تلك الطريق المجانية قد جعل شركائه ينظرون الى المقاومة الجنوبية مجرد أجيرة وتابعة لهم، وهذا الاعتقاد يضاعفه إشراك المقومة الجنوبية حتى الآن بحرب خارج الجنوب لينوب عن هؤلاء الشركاء بالتضحيات والخسائر في وقت يرفض هؤلاء الشركاء حتى الحديث العابر عن شيء أسمه القضية الجنوبية.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص