الثلاثاء 14 ابريل 2025 - الساعة:14:40:48
بغض النظر عن المواقف المعلنة، ما تكشّف بعد انحسار الدعوات المطالبة بما سُمي "الحكم الذاتي" في حضرموت يؤكد أن ما رُوّج له تحت شعارات براقة لم يكن سوى غطاء هش لمشروع اليمن الاتحادي بصيغته البائسة التي دمرت البلاد وشتت العباد، ذلك المقترح الذي لم يكن يوماً مخرجا من مخرجات الحوار الوطني، بل صِيغ في مكتب الرئيس السابق عبدربه منصور هادي وحُرّك عبر أدوات حزب التجمع اليمني للإصلاح (إخوان اليمن).
وقد بات واضحاً أن فئة "دولة الواي فاي"، لم تكن تحمل مشروعاً حقيقياً بقدر ما كانت تكرّس حالة من الفوضى المفاهيمية، والاختزال الخطير لدور حضرموت. فكيف تُختزل حضرموت، بتاريخها وموقعها، في مقترح هلامي لا يرقى إلى مستوى الكيان السياسي الذي صنعته هذه الأرض في لحظات مفصلية من تاريخ المنطقة؟.
حضرموت ليست طارئة في المشهد، بل كانت دائماً في صُلبه. من قيادتها الفكرية والسياسية للاستقلال الأول عام 1967، إلى إطلاق شرارة الثورة الثانية في أبريل 1997، كانت دائماً الحامل الحقيقي للمشروع الوطني، اختزال هذا الدور في مظلومية اجتماعية أو في طموح إداري ضبابي يُعتبر تقليلاً من شأن جغرافيا كانت ولا تزال صاحبة الوعي ومصدر القرار.
التاريخ السياسي لحضرموت كُتب بيد رجالها، وفي مقدمتهم عمر سالم باعباد، الذي صاغ أول دستور للدولة الوطنية في شبه الجزيرة العربية، محدداً نطاق الدولة السياسي من باب المندب إلى ظفار ـ آنذاك ـ، واختار العاصمة عدن بوعي لا يعرف المناطقية ولا التفتيت.
إن تحويل حضرموت إلى كيان تابع، محكوم برغبات المال السياسي العابر، لا يخدم أبناءها ولا مستقبلها. بل على العكس، هو تكرار لتجارب فاشلة لطالما استنزفت الجنوب وأهله.
لو استُثمرت الأموال التي أُهدرت على تسويق مشاريع الوهم في إنشاء محطة كهرباء واحدة، أو طريق حيوي، لكان ذلك أنفع للناس وأجدى للقضية.
حضرموت ليست بحاجة إلى من "يمنحها" حكماً ذاتياً، فهي صاحبة الفعل، لا المفعول به. وهي اليوم، كما كانت بالأمس، قادرة على قيادة مشروع وطني حقيقي، بعيداً عن الارتجال والتضليل والارتهان، والتدخلات الأجنبية الخبيثة.
