
في زيارة رسمية نفذها "رواد ملتقى الفكر والبناء" في مديرية حالمين بلحج استهدفت أقدم كوكبة من مناضلي المديرية خدمت البلاد طولاً بعرض ، وهما المناضلان / محمد صالح الأعجم ( الفقيه ) ، وعلي صالح الأعجم ، هذه الأسرة التي لا زال ينبوعها المدرار يرفدنا بالكوادر المتسلحة بالعلم والأدب والقول والحكمة وكانت الزيارة لأولئك الأبطال يوم أول أمس الثلاثاء الموافق 23 يناير 2018م إلى قريتهما في منطقة الغيل بحبيل الريدة بخالمين تقديراً وعرفاناً لتاريخهم المشرف خلال مسيرتهما النضالية في ميادين الشرف والتضحية والفداء دفاعاً عن الوطن منذ ستينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا من خلال مشوارهما الكفاحي في حل قضايا الناس وسخاء الدار في البصمات الخيرية , حيث يعتبر المناضلان الفقيه والأعجم من أبرز رجال حالمين ذلك الوقت وهما من أبرز رجال ثورة وصناع كرامة وشموخ قدما لهذه المديرية الكثير من الخدمات والمواقف الرجولية والبصمات الخالدة.
إن هذا التكريم المتواضع لا يساوي شيئا مع تاريخ الأخوين المناضلين لكن اعتبروها وساماً لا يقدر بثمن على صدورهم.
حفاوة في الاستقبال ومشاعر فياضة
انطلقت رحلتنا من عاصمة المديرية إلى المكان الذي عاش وترعرع فيها رجال النضال بمنطقة ( الغيل ) الأكتوبري والعلامة محمد صالح الأعجم ( الفقيه ) وأخوه المناضل علي صالح الأعجم الذي يتراوح متوسط عمريهما المائة عام - ونسأل الله أن يهبهما الصحة والسعادة والعمر المديد - انطلقنا باتجاه حالمين الثورة والنضال يتقدمنا شخصيات ووجاهات وكوادر حالمين أبرزهم الشخصية الوطنية والخيرية (أبو عميد النسري ) فاستقبلونا استقبالاً بهيجاً وسط أجواء تحركت فيها مشاعر النضال الثوري وامتزجت فيها دموع الثائرين , وكانت الزيارة قد حملت لهم بين ثناياها انطباعا يعيد رسم ملامح آمال ذكريات رد الجميل والاعتراف بأدوارهم النضالية التي أفنوها في خدمة وطنهم الجنوبي المعطاء .
إنه شعور لا يوصف يعبر عن قصة وفاء مع الرعيل الأول الذين شعروا بأنهم مهما غابوا عن أنظار الجميع بسبب تقدمهم في العمر لكن لن يغيبهم التاريخ ولن تختفي مآثرهم الخالدة وذكرياتهم الباقية في قلوب الناس ، وهاهم أجيال اليوم يبادلون هذه الكوكبة الرائعة من المناضلين الشرفاء الوفاء بالوفاء على نفس الطريق والدرب الذي سلكه هؤلاء الأوفياء المخلصين .
حياة عطرة وتاريخ نضالي مشرف
كان للمناضل الفقيه محمد صالح الأعجم وإخوانه قاسم وصالح وعلي دور بارز في الثورة الأكتوبرية هم وكوكبة لامعة من أبناء حالمين الذين رفضوا أن يكون للإنجليز قدم تدنس ترابه الطاهر فواجهوا المستعمر بالرفض والمقاومة خلسة في منطقتهم الضباب هم ومجموعة من رفاق دربهم الذين تربطهم علاقة متينة أمثال الحاج علي صالح الماس رحمه الله ، وطاهر سعيد الجعشاني رحمه الله ، وحسن محمد الملقب (فرعون) رحمه الله ، وعمر صالح الحشري أطال الله في عمره ..
كان المناضلان ( الأعجمان ) رجال حرب وسلم في زمن الأحداث ، ومصدر إزعاج لقوات الإنجليز التي كانت تتمركز في جبل ( لحمرين ) رغم تعرضهم لكمائن مسلحة لكن ينجون بأعجوبة لأنهم كانوا مكلفين في مهمة زرع الألغام في منطقة (بيضان) ، هذه المنطقة التي كان العدو يسلكها ، وخاض الثائران معارك حامية الوطيس وجرحوا في جبهات القتال لأنهم كانوا من أبرز مقاتلي جبهة حالمين التي تثق فيهم القيادة، ومهما تحدثنا عن تاريخهم فلا نوفي بحقهم إطلاقا لكن سيبقى هؤلاء الثوار يمثلون سلوك ثورة بأسمى معانيها ولم يكونوا يومآ عشاق مناصب، ولا عباد مال بل من بسطاء الناس عاشوا يكرهون المباهاة والظهور قدموا للوطن وضحوا من أجله ليس من أجل شيء وإنما عشقوا الحرية وآمنوا بالثورة وقدسوا الوطن دون أن يدرسوا مفرداته ..
ماذا قال رواد حالمين في الزيارة ؟
في زيارتنا لهذه الأسرة الأكتوبرية تحدث رئيس الملتقى الأستاذ / عادل العمري بالقول : " إننا أتينا إليكم يا رجال الثورة بقلوبٍ تحمل لكم محبة وفخر ووفاء ، وصلنا إلى هذه الديار العتيقة المحمية برجالها لكي نكرمكم ونرد لكم الجمائل على ما قدمتموه ،لم نأتِ إليكم بهدايا باذخة ولكن أتينا بقلوب صادقة يملؤها الوفاء رفعة وعزة ونحمل بين جوانحنا شهادة تقدير من أبنائكم الثائرين في مضمونها تحايا وسلام لروحكما النضالية ومشوراكما الكفاحي البارز .." .
وبعدها ألقى الشيخ علي يحيى حسن العمري كلمة ثورية تحدث فيها عن مناقب الرجلان ( الأعجم ) وشرح للجميع شرحاً مفصلاً عن معرفته بهذه الشخصيات الأكتوبرية التي ضحت بالغالي والنفيس وشاركت في كل المراحل والأزمات التي كانت تعصف بالبلاد في العقود الماضية . وتطرق الشيخ ( العمري )عن مستجدات الأوضاع في الساحة فكان ناصحاً للجميع مشدداً على وحدة الصف والتكاتف والدفاع عن الانتصار والحفاظ على حقوق الشهداء والقضية الجنوبية . ومن جانب آخر شكر رئيس الهيئة الاستشارية في الملتقى الأستاذ محمد فضل صالح كل الحاضرين وحياهم على هذه الألفة والمودة والزيارة العظيمة لمثل هؤلاء الأحرار الذين صنعوا لنا ولأبنائهم تاريخاً مشرفاً وقدموا لهذه المديرية حياتهم ووقتهم ، لم نستطع أن نعمل كمل عملوه في زمن صعب جداً ..
وفي لقاء التكريم ، لقاء العرفان بالجميل ومبادلة الوفاء بالوفاء ، ألقيت كلمتان من قبل مدير مكتب الثقافة الأستاذ لطفي القاضي ومدير مكتب مدير عام المديرية الأستاذ عبدالعزيز الأعجم أحد أولاد المناضلين , وكانتا كلمتان رائعتان عبّر خلالهما الثنائي الجميل بالشكر الجزيل لملتقى رواد أبناء حالمين على هذه اللفتة الجميلة والأعمال الجبارة وتفقدهم للمناضلين وأكدوا على وقوف مكتب الثقافة والسلطة المحلية إلى جانب الرواد في إنجاح مثل هذه الزيارات الميدانية وإحياء الأنشطة والفعاليات في المديرية.
في حفل التكريم .. دموع شاعر أبكت مناضلي ثورة أكتوبر بحالمين
كان للشعر الشعبي وتلطيف الأجواء حضور مميز بواقع مسؤول الشعر الشعبي في حالمين الشاعر الثوري أبو باسل النسري ، والشاعر الأديب عبدالحميد الأعجم ، فتغنى النجمان أجمل أبيات الشعر ، وأتحفونا بقافيتهم وهواجسهم الرنانة ، بحيث تركزت أشعارهم الأدبية عن مشوار المناضلين وكيف عاشوا وصمدوا وماذا حققت هذه الطلائع الأكتوبرية ، وكيف عانت هذه الكوكبة في الماضي من قساوة في العيش وصعوبة الحياة .
وأشاد الشاعر الثوري أبو باسل النسري بأدوارهم ووصفهم بالشمعة التي احترقت وأضاءت للآخرين دروب الحياة . معبراً عن سعادته البالغة بالتواجد إلى جوار هؤلاء المناضلين الذين نتباهى بهم ونضعهم تاجاً على رؤوسنا في مشهد جياش ذرفت فيه الدموع وفاءً وتقديراً لهؤلاء الأبطال التي تأثرت نفوسهم وبادلونا بنفس الدموع.
أبرز رجال المديرية والشخصيات الداعمة شاركت التكريم
تصدر زيارة المناضلين الشيخ المناضل أبو عميد النسري ، ورئيس الملتقى عادل العمري ، ونائب الرئيس الأستاذ صلاح المليكي ، ورئيس الهيئة الاستشارية الأستاذ محمد فضل صالح ، والشيخ علي يحيى أبو أنور العمري ، والشيخ حسين صالح الضحاك ، والشاعر الثوري أبو باسل النسري ، والشيخ حسين الجابري ، والدكتور ردفان صالح عبدالله ، والقاضي عبدالرحيم الماس ، ومحمود عبدالله محسن ، والعقيد سالم مثنى الماس ، ومحمد مطلق جابر ، وعبدالله صالح عبدالله ، ومن مكتب الثقافة الأستاذ لطفي القاضي ، والإعلامي فكري البشيري ، ومن صحيفة "الأمناء" صبري عسكر.