آخر تحديث :الخميس 06 مارس 2025 - الساعة:15:34:54
صالح.. زعيم من حق البلاد..!
(الأمناء/ ياسين الرضوان)

طلع علينا الزعيم القومي للأمة العربية، الذي غدر بشركائه الجنوبيين في أوَّل طريق، وجعل البلاد تعيش حالة اختناقاتٍ متتالية، وإن حاولت أن تتنفسَ فلا تزفر إلا ناراً، إن الأزمة لم تأتِ من الخارج البتة، بل أتت ممن يحكمها ويُسيِّر شؤونها، وعقلياتهم التآمرية، لم يرتضوا أن يعيشوا كإخوةٍ متحابين يبنون ويعمرون بلداً موحداً، سيكون مستقبله مزدهراً ، لو استغلوا ذلك حقاً لشجعوا لغة المحبة الحقيقية، لكنهم لم ينشغلوا إلا بإدارة الصراعات، وخنق الشعب، وزراعة الشوك، ويريدونها أن تزهر بالورود!، كلهم يصنعون معارك وأزمات؛ كي يعقدوا مقايضاتٍ دائمة مع هذا الشعب المسكين، وابتزازه في كلِّ مرَّة، ويا أنا يا الجحيم !!، وكلاهما جحيم في جحيم، فصدقهم حتى يصلون بك إلى جنَّات النعيم..، وإن فعلت فما عليك إلا أن تستمر في العيش في وسط الجحيم !.

صالح بالعقلية القديمة

لم يملَّ صالح أبداً من التمثيل بالطريقة ذاتها، لا يزال يعيش بعقلية السبعينات التي جرفته أمواجها به للحكم، ولم يفهم أن العالم صار غرفة واحدة، لم يعرف أن كل شيء يصل للناس، وهم أحرارٌ في أن يصدقوه أو يكذبوه، لأنهم يعيشون في عصر الضوء والكلمة، ومن يظنُّ أن قوته وأسلحته ستجعله يسود إلى الأبد فهو واهم، ولنا في صالح والعاصفة وجيشه عبرة، ومن قبل هذا غرق جيش فرعون في البحر، وستغرق كل الجيوش التي تلجأ إلى تلك الخيارات، ومن دون حتى أن يكون لديك الوقت لتعلن إيمانك بمنهج العدل الإلهي، في كل مرة تنجو من الهلاكِ المبين ثم لا نتعظ، لماذا علينا دائماً أن نغلِّب مصالحنا الضيقة؟!، لماذا علينا أن نعمق الشروخ ونخسر أكثر؟!، هل الجنوبيون أنانيون إلى هذا الحدِّ الذي يجعل صالح يضمُّ الوحدة كفرعٍ أساسي في الدين، ويعلِّمنا أنَّ كلَّ الذين خرجوا للمطالبة بأرقى الطرق السلمية بحقِّ تقرير مصيرهم قد صاروا (مرتدِّين) بطرفةِ عينٍ واحدة؟!، ما هذا القبح يا عالم؟!، هل ستعود من جديد كما كنت، "صمام أمانٍ للوحدة" ؟!، وهل لا تزال مؤمناً بخيار القوِّة والبطش والغلبة..؟!، أوروبا تتصدَّع بقوةٍ وهي التي تتوفر فيها كل عوامل القوة والتنمية والتعليم والصحة، إنهم ينفصلون كما ينفصلون عن نسائهم و"لا من شاف ولا من دري"، مع علمهم بضرورة أن يعيش أطفالهم بخير؛ لأنّهم في الأخير أطفالهم، أما زعيمنا فيتحدث عن القومية وعن اللغة والدِّين وحسنُ الجِوار، ولا يفقه شيئاً من كل هذه الأحاديث !، ياااه.. كم سنظلُّ ندور وندور دون أن نُثبِّتها بحق وقد أعطتنا فرصاً وأعواماً كثيرةٍ لفعلها !، كيف يمكن أن نُدرك ذلك ونحنُ كالجِمال، لا نفقهُ حكمة دوراننا في النقطة نفسها !، ولا نفقه كيف يخرج زيت الجلجل! ، ولا مزاج صاحب هذا معمل الجلجل لكي تتوقف الجمال عن الدوران، نحن في غير العصر الذي كنت تعيش به، عصر إمامتك انتهى، اصحا يا زعيم فهنالك طاقة..، ولم نعد بحاجاتٍ للنوق والجمال كي تدور بنا..

فإلى متى يظل الزعيم يخطب بنا خطابات (الثعالب) البريَّة ؟! ، لقد نشأنا في مدرسة خطاباتك منذ الطفولة، ونحن نسمع لك، نفهم أنَّاتك ونفهم نزقك، ونشوز كلماتك ونعرف متى تخرج عن النَّص، ومتى تلتزم به، لقد كبرنا سيادة الزعيم ..كبرنا على استماع تبريراتك وخطبك المُملَّة والرتيبة حدَّ القرف، إلا عندما نريد أن نضحك ونسلي على أنفسنا قليلاً، نقضي وقتاً ممتعاً ونحن نستمع إلى فلسفة صراخك، وأنت تميل لتشتم هادي والانفصال والإصلاح والشقيقة الكبرى، والمرتزقة، وهذه التي كذب عليك بها إعلاميك (الحبيشي) وسكرتيرك الصحفي، عن منظمة (بلاك وتر) . حتى "يا عيباه.. يا عيباه عليكم"، لم تعد تصرفها المصارف اليمنية، وما عادت تؤكِّل عيش، وبالله بلاش لغة الصواريخ والغصب والقصف..

الوحدة أو الموت !

 كلهم كانوا يهتفون بالشعار ذاته، "الوحدة أو الموت.. الوحدة أو الموت"، وسيفدون عدن من جديد، كم ستتحمل عدن من هؤلاء الفدائيين..؟!، كم هو مؤلمٌ أن تستمع للثعالب وهي تتحدث لك عن حسنِ رعايتها للأرانب، وكأن وحدة الأرانب حقاً تُهِمُّ الزعيم وسدنته؟! ، ولو كانت تُهِمُّه فعلاً لما وصل الحال بنا إلى هذا الاختناق، لقد أشعلت الحرائق في كل طريقٍ نريد أن نُسعِف الوطن منه، ونطبب جراحاته، لقد كنت كالوحش ذي السبعة رؤوس، الذي كنا نشاهده في مسلسلات الكرتون أيام طفولتنا، والذي كانت تقصُّ لنا عنه جداتنا، الوحشُ الذي يمنع الناس من العبور، الوحش الذي يخرج من فمه النيران، ليشعل الحرائق في المدن، لماذا لا تنتهي قصتك يا رجل؟!، لماذا لا تصبح كحلقة قديمة نحنُّ لمشاهدتها عندما نكبر؟!، لماذا تتبعنا دائماً كالهواجس والكوابيس المفزعة؟!، التي لم تعد نهتم لها لشدة ما تسبِّبه لنا من ألم، عليك أن ترحل أيها الرجل، وأن تترك الخطابات البلهاء والسخيفة؟ ، لقد كبرنا على هذه القِصص ولم نعد نُصدِّق ما كنا نُصدقه في زمنٍ سابق، لم يعد يصدقك إلا جماعة من الحيوانات التي تحمل أسلحةً على أكتافها، مدَّعيةً أنَّها كائنات بشرية، تأتي إلينا بالسلاح ولتفهِّمنا أن الوحدة مرهونة بحياتنا، لماذا علينا أن نعيش أو نموت بالوحدة التي تفهمها أنت؟!، هل هي سبب وجودنا؟!، هي قيامة حياتنا؟!

مبادرة (حب الوطن)

لو أردت حقاً أن تكون وطنياً حقاً وصادقاً يُضرب الناس والتاريخ به المثل وتتداولك ألسنة الخير، ولو كنت تخاف على الوطن وعلى نسائه وأطفاله وبنيانه التي بنيتها منذ السبعينات حد قولك، وفيها (المدرسة والطريق والجامعة والماء والكهرباء..)، لماذا لا تواجه عاصفة الحرب بعاصفة السلم الحقيقية وليس ما تردده بخطاباتك الدائمة بعاصفة الأمل الناعمة؟!، فأنت رجل السلم كما تقول؟!!، لماذا لا تطحن عظام الانفصال والتحالف الغازي وتقضي على كل مرضٍ من وجهة نظرك وتعلنها مدوية أمام العالم كله، بخروجك وخروج أسرتك من الحكم وخروج كل تلك الميكروبات (آل الأحمر وجميع القوى التقليدية والعسكرية الفاسدة) التي أوصلتنا إلى هذا الطريق من الحكم، وليبدأ الشعب باختيار (سلطة مدنية حقة)، يدعمها العالم والإقليم، وأن يكون ضمن اشتراطاتك، أن تكون حكومة (كفاءاتٍ وطنيةٍ في الحقيقة) ويكون الولاء فيها لحزب الوطن، ولا تحتال علينا بحزبٍ اسمه الوطن وتقول لنا لقد خرجت!، ولا ضير إن عُدت بعد عشر سنين من خروجك من البلد أنت وعائلتك وليشارك أبناءك في الانتخابات بكل كفاءة وصدق، افعلها من أجل الشعب والله والوطن، كن شجاعاً لمرةٍ واحدة، وأظهر للعالم كله، كم أنك لا تهتمُّ لأمر السلطة، أظهر لهم كم أنك وحدوي صادق، عليك بنفسك وللوحدة بعد ذلك ربٌ يحميها، وإن صدقت مع الله وكان هدفك نبيلاً فلا يضيع الله وحدة وجدت ليحيا الناس بكرامة ودون إقصاء وظلم..

الوحدة من دون قناعة

 أيها الزعيم.. أرجوك لا تستمر بتلاوة آيات خطاباتك ومواعظك الدينية وجدوى التمسك بالوحدة، حتى لو أفلحت اليوم وبعد غدٍ في الإمساك بها كما أفلحت سابقاً بذلك عبر القوة ،  ولابدَّ أن يأتي اليوم الذي سيُهدم فيها هذا المعبد ويكسر فيها ذلك الصنم، إنها سنَّة الحياة، القناعة لا القوة ولا التحريض ولا العنف أجدى وأنفع وأبقى، ما لم يكن مقنعاً لن نجبر أحداً على تصديقه، كن صاحب مشروعٍ وطني عظيم ومخلدٍ بقناعات الناس، ولا تجعل الوحدة كالمرأة التي تظلُّ في بيتها لأن زوجها يمنعها من الخروج بحجة "يا عيباه عليكم"، كما تقول دائماً " ما ينفعش هذا الكلام" ، ستخرج في يوم كما أنت الآن خارج السلطة، يجب أن تدرِّس المرأة درس (الاقتناع) بعدم جدوى الخروج؛ لأنها مقتنعة بذلك، وإلا فلن تكون مجهوداتك إلا هدراً للوحدة والطاقة والمال وقبلها الدم، إن المشروع الوطني الكبير، يتمثل بخروجك أنت وجميع المعروفين بفسادهم وتبعيتهم لحزب أو لعائلة أو لشخص، ورغم كل ما حدث حمِّل الجنوبيين أمام أنفسهم وأمام الله والناس والتاريخ مسؤولية انتهاء الوحدة، وكذا الإصلاح وبقية القوى التي نظنُّ في مطالبها الأنانية، افعلها بخطاب صادقٍ أمام الله والناس، وليتسامح الجميع ليس من أجل عودتهم، بل من أجل تركِ البلد تعيش حياتها، وتُعيد بُنيانها، وتطور من نفسها وإدارتها، كبقية دول الخليج، ودون أن تكون تابعةً لأحد، وهذه هي أحلامك التي ترددها على مسامعنا منذُ الصغر في خطاباتك، حقِّقها ودعها لما يريدها الله لها في أن تكون "اليمن السعيدة"، هذا الوطن المُثخنُ بالجراح يحتاج إلى جرعة وطنية عالية، وليس للدماء أو لدعوات كالتي تدعوها، كن زعيماً قوميَّاً حقيقياً وإلا فلست إلا مجرد (زعيم من حق البلاد) من حقِّ القرية، وأقصى ما يمكنك الاهتمام به هو الماء والكهرباء المقطوعين والمدارس الخاوية إلا من لغة الحافة التي عشت فيها، بينما شباب اليوم قد تجاوزوا هذه الأساسيات بآلاف الهيكتارات، افعلها وخلِّص اليمن، من هذه العذابات، افعلها وكن خالداً مخلداً، وحتى لو انتهت الوحدة فستكون أكثر رجلٍ وطني عرفته اليمن، تغلَّب على نفسك وشيطانك المُضاعف، وطموح الوراثة، فالموت على مقربةٍ من ذيلك، وهو إليك أقرب من حبل الوريد.. والله من وراء المقصد ، وبه الحول والطول..

 

 











شارك برأيك