آخر تحديث :الجمعة 25 ابريل 2025 - الساعة:00:49:08
المعصرة.. حرفة ارتبطت بالمكون التاريخي والحرفي لسيلة الشيخ عثمان
(تقرير/ أحمد حسن العقربي)

عرفت منطقة السيلة الشعبية التاريخية في مدينة الشيخ عثمان القديمة حرفة المعصرة واستخراج السليط من نبات السمسم قبل حوالي 100 عام إن لم تكن أكثر ، وهي مهنة لها جذورها في التاريخ العربي القديم وفي العصر الإسلامي وحتى أواخر السبعينات عندما كان يستخدم بجمل في المعاصر واستمرت حتى يومنا هذا ولكن بوسائل كهربائية بدلاً عن استخدام الجمل في الدوران لاعتبارات تدخل في إطار دعوات الرفق بالحيوان من ناحية ومن ناحية أخرى زيادة التكاليف لمصاريف الجمل التي تكون تكاليف أكله من العلف باهظة من ناحية أخرى.

 

المعصرة والقصة الكاملة

 

وقبل الخوض في معركة المعصرة التي ارتبطت بذاكرة الشيخ عثمان القديمة نعيد إلى أذهان القارئ أن حرفة استخراج زيت السمسم (السليط) هي من الحرف التاريخية والمهمة التي اشتغل بها أهالي عدن القدماء وحتى يومنا هذا ، حيث يجب توافر السمسم الذي كان يزرع من المحافظات المجاورة لعدن مثل لحج وعدن ، خصوصاً السمسم .

 

السليط الجلجل علاج وغذاء

في كتاب الدكتور السوري / صبري القباني ( الغذاء لا الدواء) أفرد بعض صفحاته لفوائد زيت السمسم ويقول :" إن زيت السمسم له من اسمه نصيب ، فهو سليط ، أي أنه مسلط على كثير من الأمراض إلى أنه خال من الكوليسترول ويحتوي على نسبة كبيرة من الكالسيوم ، لذا يصنف ضمن الأغذية الطبية النافعة ، فهو مفيد للعظام والأسنان ، وهو مفيد كذلك لمرض الضغط ويسهم في خفض درجة حرارة جسم الإنسان عند ارتفاعها بفعل الأمراض ، كما يستخدم مكملا غذائيا إذا وضع مع الفول ، ويُغلى به السمك واللحم ، كما أنه يدخل في صناعة الحلوى الشعبية الشهيرة مثل الطحينة المصنوعة من الشعير البلدي ، وتميزت به مدينة الحوطة بلحج والوهط ، ومن الاستخدامات الشائعة تدليك الجسم المتعب أو العضلات المتشنجة به فيزيل بفضل الله آثار التعب وتشنج العضلات ويعالج آلام المفاصل، أما عند دهن الشعر به فإنه يعمل على تغذية بصيلاته فيزيده نعومة ولمعاناً كما أنه يساهم في تخفيف آلام الصداع ، وللسليط استخدامات أخرى كثيرة فقد كان قديما يستخدم في إضاءة السرج عن العرب ".

 

ويسألونك عن المعصرة؟

 

يفيد الحاج "عظامي" - وهو محترف في المعصرة لفترة تصل إلى حوالي 70 عاماً -  شرح لي مكونات المعصرة فقال :" تتكون المعصرة من ثمانية أجزاء مهمة هي : العرج (الزير) ، وهو تجويف مخروطي يصنع من شجر السدر ، وهو يسهم في تثبيت جزء المعصرة الأسفل في داخل الأرض، فلا تميل أو تتحرك ، أما عمق تجويف العرج من الداخل فتجويف نصف متر يكون قطره في الأعلى متسعاً، ويضيق في الأسفل في داخل الأرض فلا تميل أو تتحرك ، أما عمق العرج من الداخل فنحو نصف متر ويكون قطره في الأعلى متسعا، ويضيق في الاسفل لتحريك السك داخل العرج، وللحيلولة دون خروجه من مكانه، وشجرة السدر تقدر قيمتها بأكثر من ألفين وخمسمائة ريال سعودي وتجلب من حضرموت وسقطرى وبعض مناطق شبوة، ويستغرق تجويف العرج الداخلي أو ما يسمى الزير وتسويته من أسبوع إلى عشرين يوماً، أما السك فهو عبارة عن كتلة خشبية صمَّاء وناعمة الملمس طولها يتراوح بين 100 و120 سم عرض القاعدة من الأسفل ومدينة الرأس من الأعلى ليسهل دخولها في تجويف القوبع، ويصنع السك من شجر السمر ووظيفته الضغط على حبوب السمسم داخل العرج لطحنها ".

 

ماذا عن الأثقال؟

 

الأثقال بحسب الخبير والعصار الشعبي "العظامي" فإنها عبارة عن أكياس من الرمل أو الحجارة ، توضع على الساحتة فتشكل ضغطاً قوياً على السك ليؤدي عملية الطحن بشكل جيد ، وهناك مكون السيف فهو يتكون من قطعتين من الخشب مربوطتان بعمود التوازن بالجمل من جهته اليمنى ووظيفته جر عمود التوازن المربوط بالساحتة ثم جر كامل مكونات المعصرة عكس عقارب الساعة.

 

عملية استخراج زيت السمسم

"عفيف صالح" وهو متخصص بعملية استخراج السليط قال :" يبدأ العمل لاستخراج زيت السمسم بعد صلاة الفجر فيضع العصار حوالي نحو 45 كيلوجراما من السمسم الأبيض أو الأسود في جوف المعصرة (العرج) ويضع المشد على الجمل بعد أن تعصب عيناه حتى لا يصاب بالدوران ، ويحرك الجمل للدوران عكس عقارب الساعة ، فعندئذ يأخذ السك في طحن السمسم تحت ضغط كبير عليه بواسطة وضع أثقالاً من الحجارة أو أكياس الرمل ، ويستمر الجمل في الدوران نصف ساعة حتى تتحول حبيبات السمسم إلى حبيبات مجروشة، عندها يضاف مقدار بين لتر ونصف اللتر ولترين من الماء ويقلب الخليط بسكين وباستخدام اليد اليسرى، لأن العصار يدور مع اتجاه حركة الجمل كي لا يدهسه، ويستمر التقليب ساعة بعدها يترك الجمل يقوم بمهمة العصر بشكل مستمر مدة ست ساعات متواصلة، وحينما يكف الجمل  عن الدوران يأمره العصار بالاستمرار قائلا له:" إمش" فيستمر وإذا أراد أن يقف يطلب منه ذلك  فيقول له " بس" ، فيقف لأن الجمل يعرف لغة العصار ، ويكون دور العصار هذه المرة مراقبة الجمل حتى لا يقف، ومراقبة عصارة الزيت الملتصقة بحائط المعصرة من التسرب إلى الخارج ، وبعد انتهاء المدة الزمنية المحددة يتجمع زيت السمسم في منتصف العرج فيشرع العامل الذي يساعد العصار في تجميع الزيت في وعاء أُعِد لهذا الغرض إما بشطفه أو بالملعقة الخاصة التي أُعدت لهذا الغرض ، ويراوح إنتاج المعصرة اليومي بين 18 -20  لتراً ".

 




شارك برأيك