آخر تحديث :الاثنين 02 ديسمبر 2024 - الساعة:23:22:06
موقف الشرعية إزاء تصعيد حلف قبائل حضرموت.. قلة حيلة أم سياسة ممنهجة لخلق كيانات منافسة للانتقالي
(الأمناء نت / العرب : )

تراقب الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بنوع من السلبية الارتخاء التدريجي لسلطتها على أجزاء من محافظة حضرموت جرّاء تزايد نفوذ القبائل وتشكيلها سلطة موازية تنازع الحكومة اختصاصاتها في إدارة الثروات الطبيعية والتحكّم بمواضع إنتاجها ومسالك نقلها إلى وجهات التحويل والتسويق والاستغلال.

 

ويعزو بعض المتابعين للشأن اليمني سلبية السلطة الشرعية إزاء الخطوات المتوالية من حلف قبائل حضرموت إلى قلّة وسائلها في مواجهة الحلف المستند إلى نفوذ القبائل المحلية وأيضا إلى قدراتها البشرية والمادية وحتّى إلى سلاحها، وإلى عدم رغبتها في إثارة المزيد من القلاقل في ظل وضع اقتصادي واجتماعي بالغ التعقيد، بينما يلمّح البعض الآخر إلى سياسة ممنهجة تتبعها الشرعية وتقوم على إفساح المجال لإنشاء المزيد من الكيانات السياسية والاجتماعية والقبلية لمعادلة نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي في المحافظة، مستدلّين على هذا الرأي بأن الشرعية بحدّ ذاتها شاركت بشكل مباشر في إنشاء أحد تلك الكيانات متمثّلا بمجلس حضرموت الوطني.

 

وتدرّج حلف القبائل بشكل لافت في خطواته التصعيدية من السيطرة على منابع النفط ونصب الحواجز في طرقات ومسالك نقل الخام والمعادن، إلى إصدار إشارات بشأن خيار الحكم الذاتي في حضرموت وصولا إلى إعلانه التمرّد على قرارات مجلس القيادة الرئيسي ورفضه التعامل معها.

وقال الحلف الذي يرأسه الوجيه القبلي عمرو بن حبريش في بيان مشترك مع مؤتمر حضرموت الجامع إنّه بعد مرور ما يقارب خمسة أشهر على المواقف المعلنة من قبل الحلف والمؤتمر “وتبني استحقاقات حضرموت المشروعة لصالح الشأن العام، اتضح وبما لا يدع مجالا للشك أن مجلس القيادة الرئاسي لا يملك القرار الكافي لما يخدم الوطن أو ما يساهم في حلحلة الإشكاليات التي تواجه المجتمع في حياته اليومية، وإنما دورهم (الشركاء المشكلون للمجلس) يقتصر على المحاصصة السياسية في ما بينهم والتجاذبات الحزبية التي تخدم أغراضهم الخاصة.”

 

وأضاف البيان “وعليه فإننا نعتمد خيار عدم التعامل مع هذا الواقع وكل ما ينتج عن ذلك لا يعنينا في حضرموت. وإن التصعيد على الأرض هو الخيار الوحيد لمواجهة ذلك، وهو السبيل لوضع حد لتلك التصرفات المتغطرسة والكفيل برد الاعتبار لحضرموت وأهلها.”

 

وجاء البيان بمثابة ردّ فعل متحدٍّ على إصدار النيابة الجزائية في حضرموت مذكّرة اعتقال بحق مسلّحي حلف قبائل حضرموت المشاركين في إقامة حواجز على الطرق لمنع شاحنات نقل الوقود من المغادرة إلى وجهاتها لتزويد محطات توليد الكهرباء خارج المحافظة.

 

وجاء في مكتوب موجّه من النيابة إلى المدير العام لإدارة الأمن والشرطة بحضرموت الساحل “نظرا إلى بروز أفعال التقطع لوسائل النقل والمواصلات وكذلك تعطيل سيرها من خلال احتجازها، ومنها وسائل النقل التي تحمل وقودا وتتبع خدمات محطات الكهرباء، وهي أفعال شدّد القانون في العقوبة ضد مرتكبيها (..) يتعين سرعة قيام جهات الضبطية القضائية باتخاذ إجراءاتها في نطاق صلاحيات الضبط القضائي.”

 

وعليه، يضيف المكتوب ذاته “فإنه وبناء على توجيهات النائب العام للجمهورية، يكون منكم السرعة في الضبط واتخاذ إجراءات جمع الاستدلالات بشأن الوقائع المذكورة، والرفع إلينا للتصرف بشأنها وفقا للقانون.”
ومؤخّرا أصبحت المحافظة بموقعها الإستراتيجي المنفتح على بحر العرب والمحيط الهندي مدار صراع على النفوذ داخلها تنخرط فيه جماعة الإخوان المسلمين ممثلة بحزب التجمّع اليمني للإصلاح الممثل داخل المؤسسات المدنية والعسكرية للشرعية اليمنية، جنبا إلى جنب المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يولي حضرموت أهمية خاصة باعتبارها جزءا لا تنازل عنه من المجال الجغرافي لدولة الجنوب المستقلّة التي يعمل على تأسيسها.

 

 

 

ولم تخرج الشرعية اليمنية عن برودها المعتاد في ردها على تلويح حلف قبائل حضرموت بخيار الحكم الذاتي واكتفت بإيفاد المحافظ مبخوت بن ماضي لاستيضاح الأمر من مصدره ولمحاولة وقف مسار التصعيد.


وتنفذ القبائل المسلحة المنضوية في الحلف منذ مطلع يوليو الماضي احتجاجات شعبية وقبلية واسعة وأغلقت حقول النفط بهدف الضغط على الحكومة لتلبية مطالبها التي كان من بينها تمكين أبناء المحافظة من التمتّع بموارد محافظتهم بما في ذلك الحصول على الوقود بأسعار رمزية.


واضطرّت السلطات لمسايرة مطالب الحلف غير الواقعية ومن بينها تزويد السوق المحلية في المحافظة بوقود رخيص لا يغطي تكلفة الإنتاج والتحويل. وأصدر المحافظ بن ماضي قرارا يقضي بتزويد السوق بمادة الديزل المنتج من شركة بترومسيلة لإنتاج واستكشاف النفط المملوكة للدولة بالسعر المدعوم.





شارك برأيك