آخر تحديث :الثلاثاء 11 فبراير 2025 - الساعة:16:39:47
الوحدة اليمنية بين الوهم والحقيقة!
علي الخلاقي

الثلاثاء 26 فبراير 2021 - الساعة:11:44:06

بات من المخجل الحديث اليوم عن وحدة يمنية، خصوصا في يوم ذكراها المرير في عشرينيات مايو من القرن الماضي، حين تكون ذكرى الوحدة جرح ينكأ بنصفها المظلوم فهنا يكون الإحتفال بها او تمجيدها أمر لا يجوز إطلاقا من باب المراعاة للذوق العام الذي بات شطره الجنوبي يتحدث بصوته العالي على رفضه لهذه الوحدة جملةً وتفصيلاً.

إن الأصوات الإعلامية الوحدوية شمالا وتلك القلة القليلة المرتهنة جنوبا لم تعد تقيّم مخرجات هذه الوحدة بصوت عقلاني ينم عن إستدراك حقيقي لصوت الشارع اليمني جنوبه وشماله، لازالت لغة التجبر وفرض القوة والحديث عن حدث كبير كالوحدة اليمنية كأنه قدر لا مفر منه مغالطة كبرى ينفيها واقع اليوم وتلك المفرزات السيئة التي أثبتتها لنا حرب ال2015 من قتل وإحتلال همجي لشعب يرفض شكل دولة الوحدة في سبيل حقه في التعبير عن رأيه وشكل دولته التي يحلم بها.

ناهيكم عن أنه من غير المنطقي ان نتحدث عن دولة واحده ورئيسها الذي يتغنى به الوحدويون مهجّر في دول الجوار، وجيشها مجرد كشوفات هزلية لا وجود له، وحكومتها مشرّدة في اصقاع الأرض لا تعلم عن معركة كارثية او معاناة شعب يأن منها قرابة الثلاثين مليون نسمة.  لم يفلح قادة الوحدة او بالأصح من يتحدثون عنها بشيء، بل أن أفعالهم ومواقفهم تقول عكس ما يقومون به، اصبحت اليمن اليوم على شفى تقسيم يجرها لكي تصبح دويلات وليس دولتين حتى، بسبب هذا التعالي السياسي البغيض، تحزبوا وتآمروا وتخندقوا وحكموا لعقود بكل ما يقود للفرقة والعصبية والتشرذم، ثم ها نحن اليوم نراهم يزايدون على الناس بأسمها واليمن تمر بأقسى وأسوأ تجربة في تاريخها على مدى الألف سنة الأخيرة دون رؤية خطاب حقيقي عن حلول واقعية بعيدا عن المكابرة وإقصاء الشريك الآخر لتحل أزمة اليمنيين وتجعلهم يقفون على طاولة حوار جاد بين قادة شطري اليمن لكي يتفقون على مرحلة وخارطة زمنية تهدف لعودة صنعاء ثم منح شعب الجنوب حقه في تقرير مصيره بعيدا عن وصاية أحد او فضيلة ومنحة من آخر.

إن من يرى واقع اليمن اليوم بتجرد عن عواطفه سيدرك أن عاصمة الوحدة قد ذهبت للأسف ولن تعود حتى يحج الشيطان إلى مكة، وحين يتحقق المحال بعودتها سيكون الحديث عن وحدة وشراكة سياسية مهما كان شكلها أمر يمكن تفهمه والخوض فيه، وبالطبع يجب ان يكون ذلك بالشكل الذي يوافق عليه شطرها الثاني الذي لولاه ولولا نضاله لما تمت وتوحدت رقعتها وليس بالشكل المفرد الطاغي بقراره على صوت وحق الآخر.

يجب ان يعي الأخوة في الشمال عدة حقائق لا تقبل التأخير او التمييع، اهمها ان جنوب اليوم يقف يدا بيد مع دعاة الوحدة لعودة صنعاء بهتافاته وسلاحه ورجاله وأن ذلك إن لم يتم إستغلاله بجدية فلن يكون ذلك ممكنا بالغد حين يبسط الحوثيين سيطرتهم على ما تبقى من تركة صغيرة في الشمال ليقضوا بذلك على أي شكل من اشكال التقارب مع الجنوب، وان يعوا أن الجنوب قد دخل بشراكة ومناصفة ولم يكن مجرد ملحق او ورثة هنا او هناك لأحد.

يمثل الجنوب ثلثي مساحة اليمن وعلى هذا الأساس يجب ان تكون موازين قوة إتخاذ القرار في شكل الدولة اليمنية القادمة، ويجب ان يدرك الجميع ان الحديث عن الوحدة بهكذا خطابات تعمق التشظي باليمن جنوبه وشماله وتزيد من تمزقه ولن يكون المستفيد حينها لا نحن ولا هم وقد يخسرون نصف ما تبقى لديهم في الشمال بين شافعية وزيدية ترفض بعضها بعضا في الوسط واقصى الشمال وحينها سيزيد الخرق على الراقع ولن تكون هناك فرصة لإصلاح ما تم تفويته اليوم.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص