- تعرف على سعر الصرف وبيع العملات مساء الثلاثاء بالعاصمة عدن
- عاجل : بدء صرف مرتبات ألوية وشهداء العمالقة الجنوبية لشهر أكتوبر
- بالاسماء.. 746 ألف دولار ميزانية وفد العليمي وغالبية النساء المكرمات من تعز.. بريطانيا ترفض حضور العليمي فعالية نسوية تكريمية غير رسمية
- رئيس الإمارات يستقبل وزير خارجية قطر
- مصادر لـ«الأمناء»:إجراءات مرتقبة لمكافحة الفساد ومحاسبة المسؤولين المتورطين بالفساد
- أهمية الجنوب وموقعه البحري الاستراتيجي
- وكالة إماراتية : قيادات الحو/ثي تتخلص من أملاكها في الحديدة استعدادا لهزيمة عسكرية
- محكمة الأموال العامة تعقد أولى جلسات محاكمة المتهمين بقضية فساد مصافي عدن
- اجتماع بعدن يناقش الترتيبات لتنفيذ مشروع خط كهرباء ساخن لمستشفى الصداقة
- محافظ سقطرى يناقش مع فريق مصلحة الجمارك جهود تطوير العمل الجمركي
الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00
لقد جاءت نتائج الأحداث المتسارعة في اليمن على غير ما توقع مالاتها البعض سلفاً بأن دخول الأطراف المشاركة في الحوار مرحلة التنفيذ للعملية الانتقالية سيُحرز تقدما مقبولا للتوازن السياسي في اليمن على فرضية إمكانية حدوث التفكك الطوعي و(السلمي) للقوى المهيمنة على السلطة ومراكز النفوذ، وفك بعض الأحزاب والحركات السياسية ارتباطها بميليشياتها المسلحة أياً كانت نظامية، أو تلك الميليشيات المسلحة بمرجعياتها السياسية والحزبية والطائفية والدينية، لتعبيد الطريق أمام بقية القوى للانخراط في العملية الانتقالية.
أدت نتائج هذه الأحداث إلى بروز تحالفات خطيرة تكمن خطورتها في قوة تأثير الانتماء المذهبي في تشكلها لتتجاوز البعد القبلي والانتماء السياسي واستطاعت هذه التحالفات بسطوة الانتماء المذهبي والديني تفتيت التحالفات السياسية والاجتماعية كأحد العناصر المكونة للمنظومة السياسية واستقرار الدولة، وأثبتت الوقائع أن التيارات السياسية كانت غطاء هش للتحالفات السابقة، لتبرهن بذلك قوة التأثير للانتماء الطائفي والمذهبي على مؤثرات الانتماء للتيارات السياسية.
وأصبح أعداء الأمس أصدقاء اليوم يجمعهم خندق واحد وأهداف سياسية بعضها مرحلية نابع من الرغبة في الانتقام وتصفية الحسابات بين قيادات القوى السياسية لإضعاف كلاً منهم الآخر بفرض قوة وسلطة المذهب الديني ، ووصل مستوى هذه التحالفات إلى طور أكثر خطورة يهدد مستقبل اليمن ودول الجوار.
ما يدور في اليمن من اقتتال بين المليشيات المسلحة يثير المخاوف من إنتاج واقع مدُمر للمجتمع، رغم ما يجمع عليه البعض حول أهداف الحروب المتفرقة في محافظات البيضاء، و اب ، و مأرب ، والجوف والحديدة ، كقيام جماعة الحوثي بمحاربة جماعة (أنصار الشريعة )جناح تنظيم (قاعدة الجهاد في جزيرة العرب) .. إلا أن السعي لتنفيذ هذا الهدف بهذا السيناريو والنزعة التي تبديها جماعة أنصار الله (الحوثيين) تجاه القبائل وأبناء مناطق جغرافيا القتال (الشوافع) ستكون له أضراره وآثاره المدمرة الأشد خطورة على المجتمع، مقارنة بما سيلحقهُ الحوثيون من خسائر في صفوف تنظيم القاعدة في اليمن، نتيجة الحسابات الخاطئة ، مع التأكيد أن هذا لا يعني عدم محاربة تنظيم (القاعدة)، لكن بطرق ووسائل وتقنيات أقل تأثير على المجتمع وأكثر فاعلية لمحاربة القاعدة.
إن نتائج هذه الحروب ستخلق عوامل جديدة ستوظف تأثير الانتماء المذهبي لتأسيس تحالفات سلبية في مناطق وجغرافيا المذهب الشافعي ولا يستبعد أن تزيد من الالتفاف القبلي حول (أنصار الشريعة) واستغلال تنظيم القاعدة هذا الوضع الناتج عن أعمال القتال الذي تطغى عليه صبغة الانتماء المذهبي، والقيام بالتحريض ضد الطرف الآخر بذريعة ما تطلق عليه (محاربة الروافض) والخشية من إضعاف الاصطفاف القبلي والاجتماعي القائم لمحاربة الإرهاب وتشجيع أبناء القبائل على احتضان عناصر القاعدة في مناطقهم.
أصبحت هذه الحروب ترسم واقعاً جديداً يكرس ثقافة الكراهية المذهبية بين أبناء الوطن الواحد، ومن الواضح أن جماعة أنصار الله الحوثيين تراهن على أن محاربتها لتنظيم القاعدة قد يُسهل لها إعادة رسم الحدود بين المناطق الزيدية والشافعية كأحد أهدافها الطائفية لتمزيق الشمال عبر الحروب المذهبية، وفرض واقعاً جديداً لإخضاع سلطات الدولة والقبائل للمرجعية السياسية الدينية (الإثنى عشرية) ، وفي المقابل يُراهن تنظيم القاعدة على فرض هذا السيناريو لإيقاع الأبرياء في أعمال القتال والعنف في هذه المناطق كي تتحول إلى مناطق حاضنة له، للحصول على الحماية ، ولرفد صفوفه بعناصر جديدة.
ومهما أخفت جماعة أنصار الله الحوثيين أنشطتها في قالب جديد كمحاولة لإبعادها من دائرة الاتهام والترويج لمصطلح اللجان الشعبية ومحاربة القاعدة، وكذا إخفاء الميليشيات الحزبية والدينية والقبلية لدورها التي أصبحت على مسافة قريبة من أنصار الشريعة والترويج لمبرر قتال القاعدة ( للروافض) فإن ذلك لن يعفيهما من تحمل تبعات هذه الحروب وقتل الأبرياء.
الواضح أن اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي استبشر اليمنيون خيراً بتزامن توقيعه مع حلول فصل الخريف هذا العام ، على أنه سيُسد الثغرات والإخفاقات لبعض مخرجات الحوار في ما يتصل بشكل الدولة وخيار الإقليمين وحق تقرير المصير للجنوبيين المرجح التوافق بشأنها وتضمينها في الدستور القادم .. إلا أن نشوة النصر وتمدد جماعة أنصار الله الحوثيين بالطريقة التي تعاملت بها مع الشوافع للسيطرة على بعض المحافظات ، عكست هشاشة وإمكانية سقوط اتفاق السلم والشراكة الوطنية لتجاوزه بعض الخطوات التي كان ينبغي القيام بها قبل إبرامه لتُمهد للتهيئة للأوضاع لتنفيذه فيما بعد، بالنظر إلى أن شراكة القوة هي الطريق الأقصر إلى التمزق، والمصالحة قد تؤدي إلى شراكة متوازنة، الأمر الذي استشعر من خلاله الجيران خطورة الوضع في اليمن على الأمن الإقليمي والدولي في حال استمراره، أو سيطرة بعض الجماعات على باب المندب والممر البحري الدولي الذي تمر فيه أكثر من 21000 قطعة بحرية من سفن وناقلات نفط عملاقة سنوياً، بالإضافة إلى ما كشفته الوقائع بوقوع بعض الأطراف الموقعه عليه في دائرة الاتهام والمنتظر أن تصدر عقوبات دولية ضدها، بعد ثبوت تورطها في تضليل المجتمع الدولي، وهذا سيؤدي إلى تساقط بعضها كأوراق الشجر في فصل الخريف ، كما ستجد بعض الدول أنها عاجلت بإعلان مواقفها المؤيدة لحركة الحوثيين ، بعد أن باتت أفعالها تؤشر على أن وجودها أصبح مصدر خطر يُهدد الأمن الإقليمي والدولي، ومنها (إيران( التي قد تشعر لاحقاً بأخطائها لدعم هذه الحركة في وقت لازالت تسعى فيه لإقناع الدول (الست) التي تفاوضها بشأن إغلاق ملفها النووي، ورفع أو تعليق العقوبات المفروضة عليها في المباحثات المزمع عقدها في 24 نوفمبر القادم .
في الختام ندعو كافة القوى والتيارات السياسية والدينية النأي بنفسها عن هذه الصراعات وتغليب مصلحة الوطن والأمن والسلام ، ومراعاة مصلحة الجميع بمختلف الاتجاهات والانتماءات الدينية والسياسية والقبلية، وإفساح المجال لإنجاح الجهود والمبادرات الإقليمية والدولية الهادفة لإنقاذ اليمن من التشرذم والتمزق المذهبي.