آخر تحديث :الاربعاء 20 نوفمبر 2024 - الساعة:01:26:46
المطب الترابي والمرور والشحاتة وبائع الفل
اكرم القداحي

الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

كم كنت أشتاق إلى ذلك المشهد العظيم الذي كنت أشاهده كل يوم وأنا طفل بجوار المدرسة التي كنت أدرس فيها بجوار حينا السكني وأنا في الصفوف الأولى الابتدائية وخاصة في فترة الصباح وقت الانتظار لطابور الصباح.

كان شرطي المرور يصحى في الصباح يرتدي الدريس الخاص لغرض  تنظيم حركة السير ويساعد الطلاب في العبور في الخط العام حفاظكا على سلامتهم بعد أن حدثت العديد من الحوادث المرورية بجوار تلك المدرسة والذي جعل إدارة المرور في المديرية إلى تفريغه من الطابور الصباحي للعمل بجوار المدرسة .

ونظرا لوجود مطب ترابي على الطريق قام طلاب تلك المدرسة بنصبه مما جعل إحدى الشحاتات وأطفالها بنصب خيمة على الرصيف بجوار الخط العام لطلب ما كتب الله لها ولأطفالها من فاعلي الخير من المارة .

وكذلك بائع الفل فقد أتى إلى نفس المكان بسبب وجود ذلك المطب الترابي حامل ثلاجته التي يضع فيها عقود الفل.

ولهذا فقد مثل المطب الترابي الذي نصبه الأطفال لإعاقة سرعة السيارات دور البطل من عدة جوانب هي :

-          خفف سرعة السيارات والشاحنات التي كانت تمر بسرعة جنونية والتي أفقدت العديد من المارة حياتهم وخاصة طلاب تلك المدرسة .

-          جعل رجل شرطة المرور يصطاد فرائسه ببساطة وسهولة إضافة إلى مزاولة عمله وواجبه في تنظيم حركة السير وتسهيل العبور لطلاب المدرسة .

-          الشحاتة المعدمة المقطوعة استفادت أيضا وحصلت على لقمة العيش من ذلك المطب الذي جعل رجال الخير من المارة ينظروا إليها وإلى أطفالها الصغار بجوارها بهدوء تام .

-          وبائع الفل كذلك أعال أسرته من ما كتب الله له من الرزق .

    والغريب أن كلا منهم كان يحسد الآخر وخير دليل عندما كان رجل المرور يمنع تلك الشحاتة من الاقتراب من المطب وكذلك بائع الفل وكان بعض الأحيان يحدث بينهم مشادات كلامية .

ولهذا فإن الله قد جعل لكل شيء سببا  وتكفل بأرزاق عباده سبحانه وتعالى وله الحمد ، ولكن لم يكن إعجابي من باب التأمل والتعجب على ذلك المشهد اليومي الذي استمر سنوات طوال .

بل إن هناك حكمة من هذا كله وعلينا الاستفادة منها وهي علينا الاستفادة من كل المطبات والعراقيل التي تواجهنا في حياتنا اليومية وتجاوز صغائر الأمور والعراقيل حتى وإن تضايقنا منها  فربما يستفيد منها آخرون أو قد تجنب بعض الأشخاص ما لا يحمد عقباه فكم من كلمات لا نلقي لها بالا أبكت عيون وكم من أفراح تحولت إلى أحزان وعلينا أن نعي جيدا أن وجود الخلاف يؤدي إلى الصواب .

 يقول الحق سبحانه وتعالى (( وعسى أن تكرهوا شيئا وهوا خيرا لكم))  صدق الله العظيم .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص