آخر تحديث :الاربعاء 20 نوفمبر 2024 - الساعة:01:26:46
قرابين وثعابين !!
محمد علي محسن

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

جماعة داعش هي امتداد لجماعات جهادية ارهابية تكفيرية كالقاعدة والجهاد والهجرة وتنظيم الاسلام وسواها من المسميات الاصولية المتطرفة المناهضة لكل فكرة تجسد قيم التسامح والاستنارة والحياة والتفكير الانساني .
الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في مقالة له نشرتها صحيفة " الشرق الاوسط " يوم 28سبتمبر عد تنظيم داعش كنتيجة طبيعية لحكومتي سوريا والعراق ، فحكومة تقتل شعبها  واخرى تفرق بينهم على اساس طائفي.
ربما كان محقا في حال ان جماعة داعش مقتصرة على جغرافية في العراق وسوريا ؛ ولكن الواقع يؤكد ان داعش لم يكن صنيعة جرائم نظام بشار او المالكي فحسب وانما يمكن الجزم انه نتاج جملة من الاسباب والعوامل والظروف وقبلها بالطبع الانظمة السياسية الاستبدادية .
فهذه جميعها يحسب لها توفير بيئة خصبة لتفاقس نواة الارهاب ونموه وانتشاره كظاهرة عولمية مازالت ماثلة حتى يومنا هذا الذي يراد تصويرها وكأنها نبتة شيطانية لا صلة لمجتمعاتنا وانظمتنا واشياخنا وثقافتنا وتاريخنا .
فداعش ليس إلا نتيجة للفكرة الخاطئة القائلة زمنا بوجوب رضوخ العالم لحكم دولة الاسلام القائم على اساس تطبيق شريعته المنزلة من السماء والالتزام بها حرفيا ومثلما جسدها خاتم الانبياء ومن بعده صحبه ومن تبعهم وسائر على نهجهم ودونما تبديل او تأصيل مغاير يتماشى مع تطور المسلمين وتغير مصالحهم وحالهم .
أيا يكن الامر فمن وجهة نظري الشخصية المسألة لا تتعلق هنا لا تتعلق فقط بتنظيم داعش في العراق وسوريا وانما هي أكبر من ذلك ولها صلة بنا كمجتمعات مازالت خارج سياقها التاريخي والحضاري ، فلا الغني منا بمقدوره التنصل عن الارهاب كفكرة خبيثة لطالما دعمها ورعاها واستغلها في مصلحته أو ان الفقير منا اكتفي بكونه مجرد قربانا واضحية والى وقت طلب الثعابين .
ففي الحالتين كلانا الغني والفقير ، الجاهل والمستنير ، ندفع ثمن هذا الارهاب وما لم تتوافر الرغبة والارادة السياسية لمحاربته وفي مهده وحيثما نشا وترعرع وتكاثر وتوزع على جهات الدنيا ؛ فإن محاربته بالقوة والسلاح قد تفلح الآن في كسر شوكته نتيجة للتحالف الدولي الكبير .
ومع كل ذلك يبقى الارهاب معركة خالصة بدول المنشأ وعلى وجه الدقة الشقيقة الكبرى التي أعدها سببا رئيسا في مسألة التأصيل الفقهي لجماعة داعش وأمها واخواتها ، كما واعدها حاضنا وداعما لهذه الجائحة المنتشرة اليوم كظاهرة عولمية منبعها فقراء اليمن والصومال وافغانستان والعراق ومصر بينما الحقيقة انها آتية من قفار البادية وثروتها الطائلة المبددة حقبة على مثل هذه الافكار المتطرفة المحاربة اليوم .
نعم هؤلاء الفتيان ما كان لهم النشوء والتوسع والانتشار لولا وجود مجتمعات حائرة خائرة فاقدة الفاعلية والتأثير والقوة ، ولولا وجود تراثا متخما بالتزمت والعنف والتطرف والرفض - ايضا - لكل اشكال التطبيع والتعايش مع الاخر المختلف دينيا وطائفيا وثقافيا وانسانيا .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص