آخر تحديث :الاربعاء 20 نوفمبر 2024 - الساعة:01:26:46
اللهم لا شماتة
د. عبدالله الشعيبي

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

كتب لي أحد الاصدقاء من صنعاء يقول فيها لماذا الجنوبيون وحراكهم شامتاً و مسروراً لما حدث لصنعاء ،فرديت عليه : إن ما تقرأه في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من قبل بعض الأفراد لا يعبر بصدق عن الشماتة والفرح وليست من قيمنا الانسانية ولا الدينية ولا الفكرية الشماتة بمفهومها المتعارف عليه بالنسبة للإنسان البسيط ولكننا يمكن اعتبارها تعبير شخصي عن ردة فعل فحواه أنه لو كانت هناك دولة نظام وقانون وعدالة ومساواة وحرية  لما حصل ما حصل في صنعاء ولما كانت حرب ????م ولما قامت الحروب الستة على مدينة صعدة اليمنية ، ولو كانت هناك دولة حقيقية لما سمح للقبائل والجماعات امتلاك السلاح ولما قامت الدولة بشن الحروب على مواطنيها نتيجة اختلافات فكرية وسياسية ولما تغاضت الدولة عن حقوق أهلها التي تستمد شرعيتها منهم ولما استمر الفساد في التوغل في كل مؤسسات المجتمع حتى أصبح مكون أكبر من مكون الدولة ؟

ولو كانت هناك دولة تراعي مصالح شعبها لما فكر الناس في شن الحروب على الدولة للدفاع عن نفسه وحقوقه في الحياة ، وإنه لمن العجب والغرابة أن ?? سنة من إسقاط النظام الملكي والدولة لم تتحقق والاستمرار في الوهم الثوري مستمر إلى ما لا نهاية وهنا إما أن يكون المجتمع غير مستعد للقبول بالتغيير أو أن قواه الثورية لم تكن مؤمنة بعملية التغيير والبناء .. اليمن في استمرار باتجاه التراجع السيئ في مختلف مجالات الحياة وهنا ما يجب البحث فيه بطريقة علمية وواقعية .

وختمت ردي بالقول : إن متابعة تفاعل مواقع التواصل الاجتماعي وبالذات من قبل بعض الأفراد من صنعاء وغيرها مركّز على عمليات النهب وليس الأرواح التي سقطت في صنعاء وأسبابها ودوافعها وكأن المنهوبات هي الأصل وأن لا قيمة تذكر للأرواح البشرية التي سقطت مع أن المسالة يجب أن تتم على أساس لماذا حدث ذلك ولماذا لا قيمة لروح الانسان ؟ ولماذا لم يكون التفاعل الحالي موجود في الحروب السابقة غير الشرعية؟ ولماذا لم يتم التحقيق فيها ومحاسبة ومعاقبة من قام بها وخطط لها ؟ ثم لماذا نغضب من ردود فعل آنية لأشخاص عانوا من تلك الحروب ونتائجها وكأنها حروب مقدسة وربانية ؟ أين الضمير الإنساني من تلك الحروب وماذا فعلنا مع ضحاياها وهل تم تعويضهم او الاعتذار لهم ومعاقبة مرتكبيها ام ان ذلك غير وارد في العقلية اليمنية التي تتغنى بالحكمة بعد كل أزمة او حرب او ثورة حتى ما يسمى بثورة فبراير التي تم إجهاضها تحت شعار الاحتكام للحكمة المفقودة وهل من الحكمة ان تكون هناك حروب ؟ ولو قلنا ان تعويض أبناء الجنوب تم الاعتراف بها فهل تم تنفيذه على الواقع وكذلك بالنسبة لصعدة وغيرها ؟ الحكمة تتطلب شجاعة في الاعتذار والفعل لما بعد الاعتذار وليس المماطلة والتسويف ؟ والحكمة تتطلب ان لا نستقوي على من تم هزيمته ؟ وعلى سبيل المثال لم تتحرك تلك الحكمة نحو ممتلكات المجتمع وكأنها فيد طبيعي وشرعي للمنتصر ولمن ناصرهم عندما تم نهب مؤسسات وثروات الجنوب  ؟ ان السكوت على مصائب الآخرين والتشفي بمصابهم وتاريخهم لا يمت للحكمة بصلة ؟ ان غياب الدولة هي السبب والمجتمع هو المسؤول الاول عن ذلك الغياب نتيجة صمته وقبوله للأفعال المضادة لتطلعاته التي يقوم بها بعض الناس وبعض القوى المجتمعية ولا يمكن ان نحلم ولكننا نسمح للآخرين والحكام بقمع أحلامنا حتى لو هي احلام بسيطة بعيدة عن حلم الثراء والسلطة وهنا فالشعور يدفعك الى التشفي المؤقت من تلك القوى التي تجتهد في قمع أحلامنا حتى أصبحنا نخاف أن نحلم ونتجنب البوح بأحلامنا او الاقتراب منها !!!! لذا دعني أقول لك لو حدث ,وان اعتبرناه تشفي فهو تشفي من تلك القوى او الأفراد الذين خطفوا وقمعوا حلمنا الطبيعي والمشروع التي تتبناها كل الشرائع السماوية والقوانين الدولية وليس من شعب أو بلد.

صنعاء مكانتها في قلب كل يمني وعربي وهي لا تستحق ما يحدث لها ولا يمكن لصنعاء وكل اليمن ان تعيش بشكل طبيعي في ظل غياب دولة النظام والقانون واستمرار سياسة الثأر والانتقام والفيد ... إن استمرار عقلية الإقصاء والفيد تمنع البناء والتغيير نحو الأفضل ومن المعيب استمرار مثل تلك السياسات ... إن اليمن تحتاج إلى رؤية عقلانية وعلمية تؤسس لدولة النظام والقانون وتسمح لليمن بالتطور والتغيير وأي عملية ثورية لا تفكر بذلك فإنها لا تستحق صفة الثورية لأن الثورة ليست القضاء على نظام أو حاكم بل هي عملية بناء مستمرة في مختلف المجالات وهل الثورية تسمح لنا بإلغاء مكونات الدولة كما حصل مع مكونات دولة الجنوب ؟ .

اليمن لازالت أسيرة الفتونة والفيد والرفض للشباب وللعلماء والمثقفين ورافضة للتغيير في ظل استمرار رفض الاعتراف بالواقع وتطلعات الناس ،،، وأي مجتمع يرفض التنوع الفكري والسياسي يستحيل تحقيق أي تغيير وماذا لو قلنا ان هناك من يمتنع عن نطق عبارة مطار عدن الدولي او سيئون او اي مطار تحت مبرر ان ذلك يهز من مكانة مطار صنعاء الدولي الذي لا يرتقي الى الدولية ولا غيره من المطارات او ان الاعتراف بذلك يعني الانفصال مع ان هناك دول اخرى تفرح بوجود مطارات دولية في كل مدنها وتسعى للتوسع على سبيل المثال فقط ، فماذا يمكننا ان نسمي ذلك ؟ ان اليمن بحاجة الى مراجعة علمية لتاريخها وواقعها بعيداً عن الخوف من التنوع وأحلام التغيير .

إنقاذ اليمن لن يتحقق الا بتأسيس دولة النظام والقانون والتخلص من ثقافة الفيد وثقافة ان السلاح بكل أنواعه زينة الرجل وهذا يعني ان العقل ليس له وجود ولا ندري ان كانت هناك أية قرآنية نصت على ان السلاح هو زينة الرجل ، وإنقاذ اليمن وتطوره لن يتحقق الا عندما نحترم ونحب العلم ونقدر علماءنا ومبدعينا ... فهل اليمنيون قادرون على استيعاب ذلك ام يستمرون في رفضها وتحريمها ؟

أمّا أن نبني مواقفنا على أساس ردات الفعل فذلك لا يبني الأوطان ولا الانسان ونتمنى من الذين يتبنون ذلك أن يراجعوا مواقفهم وأفعالهم حتى لا يشوش على تفكيره .

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص