آخر تحديث :الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - الساعة:19:33:01
من جرف سلمان إلى تجريف صنعاء
منصور هائل

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

قُتل "السيد" حسين بدر الدين الحوثي في 10 سبتمبر 2004 بعد أن حاصرته قوات الجيش في جبال مران وفي جرف سلمان تحديدا، وفي الأربعاء القادم تحل الذكرى العاشرة لرحيل "السيد الشهيد" وعلى سبيل الاحتفاء بهذه الذكرى هنالك الكثير من الرسائل والمنشورات التي يتداولها ويبثها أنصار الحوثي:

"يا جرف سلمان عانق أرجاء صنعاء

يا جرف سلمان

حدودك السماء

والأفق يضيق إلا من صرخة شهيدك

وصيحات الموجوعين

غربة رياحك تستوطن كل شيء

هنيئا لمن صرخ اليوم مسنودا بصخورك

ومد ناظره إلى ما نهاية الكرامة والحياة"

تلك بعض النتف من رسائل أنصار السيد المؤسس التي سوف تنهمر أكثر فأكثر مع حلول الذكرى العاشرة لرحيله بصورة بشعة ومشينة لا تليق بالجيوش والدول وكان ذلك في عهد "الزعيم" السابق، وحينما كانت الفرقة الأولى مدرع بقيادة الجنرال علي محسن صاحبة اليد الطولى في تلك الحروب وكان اللواء 310 بقيادة –الشهيد ايضا حميد القشيبي- من أهم الألوية التي شاركت في الهجوم على مران وارتكاب المجازر بحق أهاليها، وتدمير أغلب قراها على طريق الزحف إلى الجبل غير أن –القشيبي- لم يصل إلى عتبة جرف سلمان لأن رصاصة  استعجلته وأصابته في غضروف عموده الفقري في 4 سبتمبر –حسب مصادر- ومن ذلك اليوم لم يعد يقوى على السير إلا بعكاز إلى أن لقي مصرعه في 8 يوليو الفارط على يد أنصار الحوثي أو الشقيق الأصغر للحوثي المؤسس.

بالأمس كان الحصار على جرف سلمان واليوم ها هي صنعاء محاصرة ومنحصرة وتكاد تنكمش إلى أن تتحوصل لتصبح بحجم جرف سلمان!

في يونيو 2004 شنت الحرب على منطقة مران وكانت هذه المنطقة مسرحا لمواجهات ومعارك ضارية أسفرت عن مئات القتلى والجرحى، ودمرت معظم القرى، وكانت مراكز القوى تتوهم أنها سوف تحسم المعركة بالإجهاز على رأسها، ومع مضي الأيام والأعوام تكشف للعيان أن هذه المراكز كانت ولازالت متحالفة مع الأخطاء والخطايا الكارثية، وتهاوت خرافة الحسم العسكري وأصبحت أكذوبة الحل بالقتل ممنوعة من الصرف ولكن مثل هذا المنطق يستعصي على فهم من لا يجيدون التعريف بأنفسهم أو التعرف عليها إلا بالقتل.

لقد فتح الإجهاز على الرجل المحاصر في الجرف أبواب جهنم الواسعة لمتوالية الحروب في ربوع قيض لها ان تتخضب وتتخضب دوما بالدماء، وبعد أن كانت مران هي المسرح الأول للحرب اتسع نطاق المسرح ليصل إلى قلب صنعاء ويحتوي كامل نطاق "الجغرافيا الزيدية" مع تفلت شظاياه وتدافع تداعياته العاصفة في عموم البلاد.

ثمة توصيف رسمي، استشراقي يقول بأن الحروب كانت ستة وتلك أكذوبة أخرى لا تنطلي على الضالعين فيما يدور، فالحروب هنا لا تحصى والحرب هنا مستدامة مع بعض الانقطاعات والفواصل غير الموسيقية.

إن "جرف سلمان" حكاية بلا نهاية، ترتبط بأساطير التأسيس لسلطة السيد التي صارت مترامية بلا حدود.

من غير مواربة صارت صنعاء اليوم تحت رحمة الشهيد "السيد" والشيطان وحده يعلم ما الذي ينتظرها يوم الأربعاء القادم.

وها هم "الحوثيون" الأوفياء للشهيد القائد والمؤسس يحفرون الخنادق ويقيمون الأسوار وينصبون الخيام حول العاصمة وفي منافذها ويقيمون في قلبها، ويتدافعون في مسيرات واعتصامات وتظاهرات تهتف بإسقاط الجرعة والحكومة وتنفيذ مخرجات الحوار، وكل التظاهرات مليشاوية سلمية جدا!

إنهم لا يكذبون وإن كذبوا، مع أن الأمر الذي لا يخفى على أحد تجلى في ارتفاع صوت بومة الانتقام الناعق من كل حدب وصوب.

في السياق ليس ثمة ما يمنع "الحوثي" من الاندفاع إلى الانتقام من قتلة شقيقه الأكبر والمؤسس والانتقام لأجداده والعشرات من ذويه وأنصاره جنبا إلى جنب مع رفع شعار إسقاط الجرعة والحكومة وتنفيذ مخرجات الحوار وبناء "الدولة المدنية"!

وفي السياق -أيضا- يمارس "الزعيم" السابق دور البومة الهرمة الأكثر لؤما التي لا تنام وتبذل كلما أوتيت من مكر ودهاء كيما تنتقم من الذين خلعوه من كرسي رئاسة سلطة الانتقام، وتنعق في بعض الأحيان، قائلة إنها تقف على مسافة واحدة من الخنادق والحرائق التي حفرتها وأشعلتها.

وفي العموم تحل الذكرى العاشرة على الرحيل الفاجع لمؤسس الحركة الحوثية والبلاد تستنقع في الدم وتمضي إلى حتفها كأي "شهيد"  تتناهش جثته الذئاب والجرذان.

الواضح أنها مرحلة شعار: لا صوت يعلو فوق صوت بومة الانتقام.

في ظل هذا الصوت وتحت ظلاله يمكنكم القول: على الدنيا السلام، وعلى المشتغلين في ماكنة الانتقام والمعولين عليها أن ينتظروا دورهم.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص