آخر تحديث :الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - الساعة:17:42:54
الحراك الجنوبي .. الموقف من أحداث صنعاء!!
عبدالكريم سالم السعدي

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

تشهد العاصمة اليمنية صنعاء هذه الأيام أحداث تكاد تكون مترتب لها مقدما وفق اتفاقات معينة , يؤكد ذلك صمت الدولة اليمنية وكذلك المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة وممثلي الدول العشر المعنيين بأزمة اليمن والدول الراعية للمبادرة الخليجية التي تمخض عنها مؤتمر صنعاء للحوار الوطني الذي يبدو أن الأيام بدأت تظهر لنا ما كان خافيا من اتفاقات في كواليس هذا المؤتمر والتي لم يعلن عنها إلا لأطراف معينة ومحصورة وفي إطار ضيق للغاية يأتي في مقدمة تلك الاتفاقات التخلص من المليشيات المسلحة قبلية كانت أو سياسية أو عقائدية سواء بأيدي الدولة أو بأيدي تلك المليشيات ذاتها من خلال استثارة الخلافات فيما بينها والتغاضي عن تحركات طرف ضد آخر بل ودعم طرف ضد آخر إذا تطلب الأمر ذلك !!

تمتد جذور الصراع في صنعاء إلى ما قبل خمسون عاما تقريبا شهدت تلك الأعوام موجات صراعا متقطعا على فترات خلال المرحلة التي تلت انقلاب 26سبتمبر1962م وما سبقه من محاولات انقلابية كانت تمثل فترة إرهاصات لانقلاب سبتمبر , وما تشهده صنعاء اليوم لا يعدو كونه حلقة أخرى جديدة من حلقات الصراع القديم والذي يأتي هذه المرة بأسلوب متطور شكلا من حيث تبني الشعارات والأهداف الظاهرة يختلف عن الأساليب التي اعتاد  فرقاء صنعاء على إتباعها في حل خلافاتهم والتي ورثوها من تاريخهم القريب حين كان  يغزو بعضهم بعضا ويسلب أمواله ويسبي نسائه  وفقا لكتاب (تاريخ صنعاء) للمؤرخ الشوكاني , هذا الصراع الذي  تطورت أساليبه لاحقا فأصبحت القبيلة تقطع طريق القبيلة الأخرى والمتنفذ يسطو على حياض متنفذ أضعف وتطورت حتى بلغت الشكل الذي نراه اليوم , والجديد في الموضوع عامة هو أننا كنا كجنوبيين شهود على هذا التاريخ المتصارعة أطرافه ومراقبين له عن بعد فيما مضى أما اليوم وبفضل اتفاقية الحزب الاشتراكي اليمني التي عمد بها عبوديتنا لقطاع طرق صنعاء في العام 1990م فقد صرنا متابعين عن قرب لأحداث هذا الصراع بل وأصبحنا ضحايا له في كثير من الأوقات وأدوات يوظفها كل طرف  ضد الآخر !!

ثورة اليوم في صنعاء لها أبعاد أخرى وأهداف أيضا أخرى غير المعلنة , تلك الأبعاد والأهداف ممكن للمتابع أن يستقرأها من خلال العودة لتاريخ الصراع هناك , ويرى الحوثيون اليوم أن الوقت قد حان لإنجاز أرضية تواجدهم الشرعي كخطوة أولى في المشاركة المعترف بها  إقليميا ودوليا في حكم اليمن , وفي ظل ضعف الدولة هناك وتردي أحوالها أوجدت المبررات التي مهدت للحوثيين الذين قضوا ردحا من الزمن يخوضون حربهم بعيدا عن صنعاء  وضواحيها بأن يدخلوا صنعاء أفواجا قد تخلوا عن حذرهم الذي تفرضه عقيدتهم , فرفعوا شعار إسقاط الجرعة وتنفيذ مخرجات حوار صنعاء الوطني وتغيير الحكومة , وهي الشعارات التي اختاروها بذكائهم المعهود والتي يدركون أنها باتت شعارات ومطالب بات ينادي بها الشارع العربي عامة وليس الشارع اليمني فقط وبالتالي فمن غير المنطق ولا العدل الوقوف أمامها وليس من الإنسانية عدم التعاطف معها !!!

بناء على كل ما تقدم فأن الضرورة تحتم علينا كجنوبيين عدم الاندفاع في تبني مواقف قد لا يكون الوقت مناسبا لها , كما أن الحكمة تفرض علينا الاتزان وعدم الخلط بين الخصوص والعموم  خصوصا أن صراع صنعاء لا يتطلب منا أن نكون طرفا أو داعمين لطرف بعينه ضد طرف آخر فالأطراف المتصارعة بما فيها أحزاب اللقاء المشترك وحكومة المجتمع الدولي يرفعون  شعارا واحدا وهو المطالبة بتنفيذ مخرجات حوار صنعاء تلك المخرجات التي سبق لأبناء الجنوب تحديد موقفهم منها ورفضها وهي المخرجات التي جاءت بناء على المبادرة الخليجية  التي لم تشر إلى الجنوب وقضيته لا من قريب ولا من بعيد , كما أن اندفاع البعض من أبناء الجنوب التي تفرضه أحيانا بعض الروابط العاطفية  سواء  مع الحوثيين أو مع بقية القوى الأخرى  لا يقتضي بالضرورة تبني مواقف معلنة باسم الحراك فالعمل الثوري والعمل السياسي لا تمر مواقفه عادة عبر قنوات العاطفة , فلمن شاء الحق في التعاطف مع هذا الطرف أو ذاك ولكن بعيدا عن إقحام الثورة الجنوبية وحراكها السلمي في ذلك كما يجب الابتعاد عن فوضى البيانات وإعلان المواقف التي لا تبنى على أسس سليمة ولا تعبر عن مصلحة أبناء الجنوب ولا تخدم أهداف ثورتهم !!

ختاما نأمل أن نرى في الأيام القادمة شيئا من الحكمة في ما يطرحه البعض فيما يخص أحداث صنعاء وصراع قواها , كما نأمل أن يتذكر الجميع أن الحراك الجنوبي لم يفوض احد للحديث باسمه وتحديد مواقفه مما يحدث وان هناك مكونات لها قياداتها ومتحدثيها الذين يمتلكون فقط حق الحديث بأسماء مكوناتهم ومجالسهم وتجمعاتهم وغيرها , وبناء على ذلك فإننا ندعو الجميع إلى اليقظة وإعداد العدة لما ستحمله الأيام القادمة والابتعاد عن الانشغال بالتأييد لهذا الطرف أو ذاك فكل الأطراف اليمنية المتصارعة دون استثناء تنظر إلى أبناء الجنوب بأنهم يدخلون في (ملك يمينها) فلا داعي لإرهاق أنفسنا بالبقاء كثيرا في صفوف المشجعين علينا أن نعمل ونجتهد في أن نصبح لاعب مؤثر على الساحة لا (مصفق) لكل من خطى خطوة إلى الأمام حتى وان كانت تلك الخطوة تقود إلى نهايتنا !!

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص