آخر تحديث :الجمعة 13 سبتمبر 2024 - الساعة:00:10:54
آخر الأخبار
الغش في الامتحانات وسبل الحد منه
د. مجيد علي غانم

الخميس 00 سبتمبر 0000 - الساعة:00:00:00

إن تفشي ظاهرة الغش في الامتحانات غدت مرض أكثر من كونها ظاهرة وتوسعت كثيرا بعد عام 1994م، نظرا لعوامل كثيرة منها تتعلق بالنظام التعليمي والمركزية الإدارية القائمة التي ساعدت على انتشارها وأخرى أسباب سياسية واجتماعية واقتصادية منها كثيرا المحافظات الجنوبية عكست نفسها على الجانب التعليمي.

والغش في الامتحانات ليس وليد اليوم وليس مقصورا على بلاد دون أخرى بل يعتبر عامل هدم في العديد من البلدان النامية التي لا يوجد فيها استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي ولأهمية الأمر يتم تداوله من خلال بحوث ومقالات ومناقشات وورش عمل عديدة يسهم فيها مختصون في المجال التعليمي وكلها تصب في مجرى التحسين النوعي لنظام الامتحانات المعمول به، إلا أن واقع التعليم المتردي في بلادنا لم يساعد على تحقيق نجاحات تحد من انتشاره خاصة في الامتحانات الوزارية المركزية وهي امتحانات التعليم الأساسي والثانوي.

ظاهرة الغش توسعت بعد حرب 94م لعوامل كثيرة منها تتعلق بالنظام التعليمي والمركزية الإدارية

وما يلاحظ أن نظام الامتحانات المعمول به حاليا في اليمن يكلف كثيرا من المال والجهد دون أن يعطي مردود ايجابي الذي من أجله وضعت الامتحانات.. وهي تعتبر وسيلة للتقييم الصادق للحصيلة المعرفية و التربوية المكتسبة لدى الطالب إلا أن واقع الحال لا يظهر ذلك بل على العكس فإن النظام يساعد على تكوين عادات سلوكية سيئة لدى الطلاب وفي سبيل ذلك يصرفوا كل طاقاتهم في التحضير ليوم الامتحان ، حيث يكرم الغشاش ولا يهان مستخدمين طرق غش غير مشروعة تتطور في كل عام مستفيدين من حالات الانفلات الأمني وأيضا عدم قدرة وزارة التربية مواجهة ذلك بواقعية.

وما حصل هذا العام من تسرب للأسئلة وعلى ضوئها تأجلت مواعيد الامتحانات لمواد دراسية عديدة تظهر بصورة فاضحة تفشي الغش بحجم أسوأ مما كان عليه في السنوات الماضية.

 نظام الامتحانات المعمول به في اليمن يكلف كثيرا من المال والجهد دون أن يعطي المردود الايجابي

إن الامتحانات اليوم تحتاج إلى حزمة من الاجراءات لانتشالها من واقعها المزري خاصة وأن التوجيهات تسير نحو دولة فيدرالية وهذه إحدى المعالجات للتخلص من المركزية المقيتة والتي أصابت البلاد خلال الفترة السابقة بالوهن والفساد وفقدان القيم التي أثرت كثيرا على التعليم.. و من أهم الاجراءات يمكن عرضها على النحو التالي:

1- اعادة الثقة للطلاب بأن الامتحانات ليست غاية ولكنها وسيلة للتقييم وهي مرتبطة أساسا بوضع الطلاب الدراسي في مدارسهم وقد سبق أن هناك تجربة في المحافظات الجنوبية قبل أيام الوحدة بمنح نسبة بين 20% و30% لأعمال السنة وهذه المعالجة عممت على البلاد كلها في التسعينات إلا أنها لم توظف بطريقة صحيحة الأمر الذي لم يجعل لها تأثيرا ايجابي عند الطلاب.. لذا يمكن رفع النسبة إلى خمسين أو ستين في المائة مع وضع ضوابط حتى لا تفقد قيمتها.

للأسف يكتفي المسؤولون باتهام مافيا الفساد بإفشال الامتحانات دون ملامسة جوهر المشكلة

2- منح صلاحية كاملة للمدرسة في اجراء الامتحانات الداخلية معتمدة على تقييم المدرسين ورقابة وإشراف الإدارة المدرسية والموجهين عند الضرورة ولا داعي لنظام الكونترول لأنه يستقطع في كل شهر فترة لا تقل عن أسبوع وتشغل المدرسة بالامتحانات بكل طاقمها مع أنه بالإمكان إعطاء صلاحية للمعلمين بإجراء الاختبارات وفق ما يرونه مناسبا و بهذا نعيد الثقة بالمدرسين باعتبارهم حجر في العملية التعليمية.

3- عدم ربط الامتحانات النهائية بالوزارية المركزية لأنها خلال الأعوام الماضية لم تثبت نجاحها على أن تقوم هذه الجهات بتكليف كليات التربية والموجهين الأكفاء بإعداد الأسئلة لكل المواد الدراسية ثم القيام بالتصحيح مع الاستفادة أيضا من المدرسين المشهود لهم بالنزاهة و الكفاءة.

4- عدم التقيد بتاريخ موحد الأداء الامتحانات في كل البلاد واعتماد جداول زمنية في كل أقليم تتناسب وظروفه.. بغرض تهوين الأمر للطلاب وإزالة الرهابة والخوف.

5- اعتماد نظام امتحانات حديث يتعلق بالجانب المهاراتي و التحليلي.. وكذا العمل بنظام امتحانات الكتاب المفتوح بخطوات تدريجية .. وهذا سيساعد على إظهار الفروق الفردية بين الطلاب وكذا التمييز في مهاراتهم وقدراتهم.

إن ما تم التطرق إليه حول  الغش في الامتحانات يعتبر مساهمة متواضعة حول مرض يصعب الخلاص منه إلا بتظافر كل الجهود وهو لا يقل خطورة عن تفشي المخدرات لأنه يعمل على تحطيم القيم والنفوس وينتج مجتمع غشاش لذا لابد من تناوله من قبل كافة التربويين والكتاب المخلصين والمجتمع بكل فئاته ولاشك عند القيام بذلك ستظهر كثير من الأفكار التي ستساعد على تحقيق الغاية المرجوة.

 

 

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص