آخر تحديث :الاربعاء 27 نوفمبر 2024 - الساعة:00:30:02
فاسد بقرار جمهوري!..
ياسر الأعسم

الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

تحدثوا كثيرا ان عقارب الساعة لن تعود الى الوراء ،ونعتقد اليوم ان ساعتهم اصبحت بلا عقارب ،والبلاد تتحرك في فراغ الظلمة،ونشعر بأن الماضي يكرر قبحه،وان عجلة التغيير تصنع اصناما جديدة!..

 كان (صالح) يعلم ان كل مسؤولين نظامه فاسدون ،وحين قرر تأسيس هيئة مكافحة الفساد لم تكن الغاية محاسبتهم،واجتثاث فسادهم ،وانما فتح ملف لكل واحد منهم حتى يضمن طاعتهم ،فمن يخون وطنه مشكوك في ولائه ،ولا يؤمن غدره!..

في هذه البلاد يعيش الفاسد مثالا للشرف ،ويموت مناضلا كبيرا ،ويلف جثمانه بعلم الجمهورية،ويسجى على عربة عسكرية،وينعون الوطن بفقدانه ،وعرفانا بمآثره النضالية يخلد اسمه على مدخل شارع اوبوابة مدرسة،ومنهم من ورث ابنه مكانه!..

بعد ربيع الصدور العارية ،ومئات الاجساد التي نزفت ،واستشهدت من اجل حلم التغيير ،وبعد عامين من الفترة الانتقالية ،وستة اشهر (حوار)،نستطيع ان نقول بكل اسف،وبكثير من الوجع انه لم يتغير من النظام غير الرئيس!..فقد كانوا يختارون الشخص الاسوأ ،ويعلقونه في مرآة السلطة!..واليوم يمارسون طقوس السياسة نفسها ،واصبحت الامتيازات طعما ،ومصدرا لشراء الذمم المعارضة،وفي محافظة عدن يتم توزع المناصب بالمحاصصة ،فنصفهااحتكرتها(الابينه)،والاخرى التي افتوا بـ (عدننتها) لا تشرق شمسها الا على (اصلاحي)،والمحزن في الامر انه حتى الفاسدون الذين تخلص منهم النظام السابق عادوا الى مواقعهم بقرار جمهوري!..

من الصعب ان نتجنب الاحتكاك بالسياسة ،ونتحاشي الاصطدام بالواقع ،وليس من السهولة هضم كثير من القرارت الاخيرة!..فحين تكون حياتنا سلعة في سوق السلطة ،واحلامنا بضاعة في مزاد الاحزاب ،فلا تتوقعوا ان نبارك سياستكم ،ونؤمن بمستقبل الدولة المدنية الحديثة ،ولا نعلم الى متى سيظل السياسيين يتعاملون مع المواطنين البسطاء كمجموعة من الاغبياء!.. 

مسكينة (عدن)،وابناؤها ،فمعظم المناصب الحساسة في قبضة اشخاص من خارجها!..المسؤولون عليها بالجملة ،وبدل الوكيل عشرة ،وطابور طويل من المدراء ،والنواب بثقافات متنوعة من كل محافظات الجمهورية ،و(كروشهم) منفوخة ،وخدودهم (مربربة)،ولكن حين تنظر الى(عدن) تجدها تعيسة ،ومتعفنة بالقمامة ،وطفح المجاري ،وشوارعها مخدرة بالحبوب ،والحشيش،ويستوطن الباعة ارصفتها،وفي كل (مطب)عائلة تتسول ،ولا هيبة لأمنها ،ولا حرمة للمدارسها ،ولا كرامة لمستشفياتها ،ولا حشمة لمتنفساتها ،وحين يخرج اهلها للمطالبة بحقوقهم يتهمون بالعبث بسكينتها ،وزعزعة امنها،ويقمعهم جنود النظام !..

خمسة عقود قوست تركتها ظهره ،ونحتت خطوطا عريضة على جبينه..قال بحرقة :"هذه البلاد بلا كبير،وصناع قرارها بلا حياء،ويبحثون عن مسؤول بلا قيمة ،ويريدون شعب متجردا من شرفه..يا اخي..مكينة سفري بعشرين ريال ستضمن لك منصبا احلق شنبك تبتسم السلطة في وجهك!..ثم توقف عن الحديث ،وتنهد بعمق ،وبصق على الارض باشمئزاز،ومضى!.."

اقبح ما في عدن قيادتها،والمسؤولون عنها..ان الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحا ،ولكنه يعيش صغيرا ،ويموت صغيرا!..

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل