آخر تحديث :الاحد 05 مايو 2024 - الساعة:00:21:07
والله وحشني موت!
عبدالله جاحب

الاحد 20 مايو 2020 - الساعة:21:52:14

ليست مقدمة للقاء يوم غرامي حافل بالمشاعر والحب بعد سنين الانتظار والفراق بين عاشقين بعد عجاف الحنين واللهفة، وليس وصلة موسيقية لمقطع للفنان ماجد المهندس، ولن تكن بروفا لإنتاج أغنية جديدة، أو مقدمة لخوض غمار برنامج أو مسابقة في الغناء العربي في برامج (ذو سوف) على قنوات الـ (إم  بي سي).

لا، ليس كذلك ولن تكون كذلك، إنه لسان حال السواد الأعظم من عامة الشعب في هذا الوطن، الذين حكمت عليهم جميع الأطراف المتصارعة والمتنازعة في المشهد والساحة السياسية والعسكرية بالموت "البطيء"،  وإدخالهم غرف الإنعاش، جراء نوبة انقطاع مرتباتهم ومصدر دخلهم ومصدر رزقهم الوحيد (المعاش).

يعد الآلاف من أصحاب البطون الخاوية والسواد الأعظم من معشر "الجياع" الساعات والدقائق والثواني،  وينتظرون طلوع شمس يوم غد بفارق الصبر، إذا صدقت معهم قوى النهب والهبر ومافيا الفساد والمفسدين بصرف الفتات لهم يوم الغد، فهؤلاء لا عهد ولا ميثاق لهم "جميعاً".

ستجد الآلاف وعند بزوغ الشمس وطلوع شعاع يوم "الغد " من الوجوه المتعبة والأجساد النحيلة المتهالكة،  يقفون في طوابير طويلة ويفترشون الساحات أمام فروع مصرف "الكريمي" الجمهوري، من أجل فتات يسد ولو الشيء اليسير من حاجات تلك "الوجوه السمراء" ويصمت موسيقى البطون الخاوية التي أصبحت سيمفونية الصباح والمساء في كل منزل وبيت ودار.

وبعد أن تصل وتستلم وتقبض على "الحبيب المنتظر" وبعد أن تغني له مقطوعة:

والله وحشني موت  

أخاف في انقطاعك أموت

بعدك حالي أصبح جحيم

والمطبخ أضحى بعدك خراب

حتى الفئران هجرتني وأحبابي القطط تركتني

والله غيابك عذاب حتى صاحب الدكان في غيابك كرهني وزعل مني

ولكن صدمتي مش في غيابك

 صدمتي  الآن في حضورك..

وليالي بيصبح كابوس طويل في حضورك بين:

 متأخرات صاحب البقالة

 والراشن، وكسوة، وكبش العيد...

والله وحشني موت وحضورك هو الموت

وهكذا تستمر المعاناة وترمي بظلالها وتضع السواد الأعظم من الجياع وأصحاب البطون الخاوية في اختيارات ومواقف صعبة ، جراء الفتات الذي سيزيد من أوجاعهم وأنين معاناتهم وفي اختيارات أفضلها علقم، إما سداد البقالة، والتخلي عن الباقي، أو إسكات البطون الخاوية بشراء "الراشن" أو التخلي عن كسوة العيد للأطفال والتضحية وحذف لحمة وكبش العيد، وكلها علقم.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل