آخر تحديث :الاثنين 10 فبراير 2025 - الساعة:17:33:12
قراءة في العقل السلطوي العربي
د. عبدالمجيد العمري

الاثنين 00 فبراير 0000 - الساعة:00:00:00

أصيب بمرض نفسي وعقدة من الديكة، ولازال متخيل نفسه حبة رز، وكلما خرج من البيت ورأى ديكا ولى هاربا، يخاف ان ينقره الديك، وبعد ستة أشهر من العلاج النفسي تم إقناعه بانه ليس حبة رز وانه إنسان، خرج ورأى ديكا ، ثم ولى هاربا، فقيل له لما هربت قال انا مقتنع اني لست حبة ارز، فمن يقنع الديك اني كذلك.
فالمريض هو ذلك الأخطبوط المسيطر على العقلية الإدارية للدولة، والتي يخيف الناس من خلال أوهامه وتخيلاته، ويريد من الناس ان يصدقوه ويتبعوه.
والديك هو ذلك الخوف القابع في نفوس الناس، جراء الهوس الإعلامي والفكري لواقع الحال المآل.
واذا كان العلم قسم الجهل إلى جهل بسيط وجهل مركب، ووصف الجهل المركب بالجهل أن الجاهل جاهل ما يجهله،  فالجهل البسيط عدم المعرفة، والجهل المركب تصديق الذات ان هذا الجهل علم.
فنحن امام معضلة كبيرة، وفاجعة مدوية حينما تقيم النخب الفكرية السياسية التي تمترست حول مصالح ذاتية وحزبية، واستخدمت شعارات دينية وسياسية وديمقراطية، وهي لازلت تقود المشهد فهي المتحدث الرسمي عن الرب تارة، وهي المعبر عن الحرية والعدالة تارة أخرى، وهي السياج المانع من تدهور الذات العربية تارة أخرى.
النخب هي الدينمو المحرك للرصد والتقييم والتثقيف، والعقلية النخبوية غير مؤهلة علميا وغير رشيدة عمليا، فجزء منها خرج من رحم الاعلام، والكثير منها مرتبط بولاءات وحسابات حزبية وشخصية.
عملية تهجين النخب العربية تمت وفق تراكمات وصراعات، وأصبحت هذه العقول مرهونة بتلك الصراعات، والعقلية العربية عقلية ذكية لكنها غير زكية، وقد قال ابن تيميه في المعتزلة قديما اؤتوا ذكاء ولم يؤتوا زكاء
إعادة هيكلة العقلية العربية وتسليمها زمام القيادة للأفق الفكري والسياسي يحتاج أولويات كثيرة، فالريادة الفكرية تعتبر أعمق حلم للدولة المدنية الحديثة.
(سئل مهاتير كيف تخصصت في السياسة وانت طبيب، فقال انا انشغلت بالسياسة قبل الطب، ولكني درست الطب حتى اسوغ ذاتي للناس)، فالناس لا يعرفون الأفق الفكري، لكنهم معنيون بالجانب الخدمي، والجانب الخدمي لا يأتي ابدا من النخب العسكرية او الطبقة الجاهلة ، مجرد التفكير بخدمة الناس لا يتأتى الا من العقول الراقية.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص