آخر تحديث :الاربعاء 20 نوفمبر 2024 - الساعة:01:26:46
احذر دعوة هذه المرأة..!
ياسين الرضوان

الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

لن أنسى ذلك أبداً، عندما رأيتها تصرخ مفجوعة وهلِعة، لقد كانت بعيدةً عني، ويبدو أنها امرأةٌ في سنِّ الأربعينات أو ربما حزنها من جعلها تبدو كذلك، تصرخ بشدة وتدعو الله بحرقة بالغة، تساءلتُ: ما الذي تفعله هذه المرأة؟، أجابت نفسي: كأنها مجنونة، ترى ما قصتها؟، لقد وضعت نفسي - دون معرفة - بفخ أسئلةٍ محكمة، لا بدَّ ألا أذهب من هذا المكان إلا وقد عرفت أجوبتها جميعاً، الفضول يقتادني وراءه كرجلٍ ضخم الجُثّة، اقتربت أكثر نحو المرأة، في إحدى حوافي (الممدارة)، سألتُ بعض المتواجدين: ماذا حصل لهذه المرأة؟!، وهي لا تزال "تصرخ وتدعو الله بأن يُحرق قلب من أحرق قلبها"، قلبي الصغير لا يتحمّل، وهي لا تزال تردد:" سلبك الله أعزَّ فرحة، ولا أتمها عليك" ما أقسى دعوة هذه المرأة، أنا فقط أحاول أن أرسم لكم (تعقيدات المشاعر الفوضوية)، كشعر تلك المرأة المنفوش من فوق حجابها، هل تعرفون: بدأتُ أخاف من صدق دعوتها القاسية والممزوجة بسواد دموع عينيها، أحسستُ أنَّ هذه الدعوة لن تُرد، لشدة حرارتها؛ لكنني فهمت لماذا تعاطفت معها بهذا الشكل بعدما سمعته عن ولدها المسكين الذي خرج لشراء (حليب بالموز) له..؟!

هذه قصة حزينة أصابت كبد هذه المرأة المسكينة، وهي أن السماء العدنية أسقطت رصاصة راجعة، لتسكن في أحشاء (طفلها الوحيد)، فأردته قتيلاً، ولم يأتِ هذا الطفل إلا بعد انتظار سنين من المعاناة، حسبما قيل لي من بعض الحاضرين هناك، كانت الأم تلفُّ محترقة كأنثى أسدٍ تتشمّمُ دم طفلها الصريع، تفكرت حينها بأن لدى الأطفال الصغار (مَـلَـكَـة) امتلاكٍ لقلوبنا نحن الكبار، تذكَرت (ابنة أخي)، عندما فارقتها آخر مرة، وهي تُمرّر سبّابة إصبعها الضئيل على خدي، مبتسمة بوجهي كما لم أر مثلها بحياتي، فتقول بأحرف طفولية بطيئةٍ، لم تنضج بعد:" حبيبـــــي عتــــــل"، الترجمة: كأنها أخذت بإصبعها عسل من خدِّ حبيبها، وليتخيل كل واحد منا طفلته أو طفله، مؤكدٌ لا يزال ذلك (العتـل) عالقاً في قاع ذاكرة كل واحدٍ منا، حزنت على فراق فتاة أخي الصغيرة، وهي تلاعبني وتداعبني كأني قد أصبحت طفلاً لها، هل تصدقون؟! ابتسمت وأنا أكتب هذا، لكنني حزين كثيراً لتلك الأم، التي سيعيش قلبها معوّقاً ومختنقاً طيلة حياتها..!!!

انصرفتُ أعدُّ خطواتي شارد الذهن مشتتاً، أحاكي دواخل نفسي المرتبكة وغير المرتبة:" الأمر يستحق أن يُشعر الناس جميعاً بصدق ما يشعر به من حولهم، مثل حالة هذه الأم وغيرها..، ممن يتسبب بها الرصاص الراجع من الجو، أرجوك يا من تقرأ هذه الحروف، تعامل بها أنت، واجعلها تصل لكل من حولك، سواءً بتوعيتك أو بنصحك أو بأي شكل من الأشكال، أعرفُ أنك شعرت بصدق ما هو مكتوب، وعشت ذكريات طفلتك، أرجوك أوصلها لمن لديهم أطفال، أو سيكون لديهم أطفال بعد فرحهم بزواجهم، قل لهم: "إنَّ كلَّ رصاصة قد تُزهِق روحاً، دون أن يعرف من قام بإطلاقها، ستسقط عليه دعوة تلك المرأة، ومثلها كثير..، من السماء، وبالطريقة نفسها، وكله في الأخير سيكون "قدَرٌ راجع أو رصاص راجع"..!

احذر أخي حشرجة دعاء تلك المرأة وغيرها، و الله إني لأرثي على من أطلق تلك الرصاصة من دعوة من رأيت، أخي الحبيب أنت في غنى عن ذلك كله، لا داعي لإطلاق الرصاص؛ بحجة فرح، أو الخطوبة، أو عقد القِران، أو الزواج أو غيره، وكما قلنا لك، ستصبح في حكم (قاتل العمد) بعلمك أو من دونه، وسيقام عليك حدُّ الله أيضاً، وربما من دون أن تعلم، أو سيُحرق الله فرحتك أو خطوبتك أو زواج ولدك أو صديقك أو قريبك، أتذكر تلك الدعوة التي تفزعني كلما خطرت ببالي: "أحرق الله قلبك بفرحتك"، ولا داعي للمكابرة أو المغامرة، أو استبعاد أن يحدث ذلك معك، صدقني كما لك حبيب، لغيرك حبيبٌ يدعو بحرقةٍ من أجله، أرجوك احذر.. أرجوك احذر أن تصيبك دعوات تلك المرأة، وتلك الأخت، وتلك الأم، وتلك الزوجة، وذلك الأب، احذر دعواتهم جميعاً، وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فلدينا أشياء جميلة نستحقُّ أن نعيش من أجلها..!    

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص