آخر تحديث :الاربعاء 20 نوفمبر 2024 - الساعة:01:26:46
الأزمـــة .. الفرصـــة الاخيرة
قاسم داوود علي

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

يتابع الناس باهتمام وارتياح الأنباء التي تشير إلى قرب توصل كل من السلطة ممثلة برئاسة الجمهورية وتيار أنصار الله إلى اتفاق نهائي حول القضايا والمطالب المطروحة من طرف أنصار الله والذي سيؤدي إلى رفع مخيمات الاعتصام حول وداخل صنعاء, بعد أن تتحقق مطالبها, ويعيد الحياة الطبيعية للمدينة ولغيرها.
اتفاق الضرورة "والمصلحة" سوف يمكن من "نزع فتيل التوتر الراهن" وإلى جانب المطالب الثلاثة قد يشمل بعض من عناصر الأزمة ومظاهرها, إلا أنه وفقا لكل المعطيات والمؤشرات لن يطال كل القضايا الجوهرية المعلقة, ولا كل أسباب الأزمة.
وبالتالي لن يستهدف الأزمة نفسها, التي ستظل قائمة وتعبر عن تفاعلاتها وانفجاراتها بين الحين والآخر, في دورات جديدة, وستنتج في كل مرة أسبابها الخاصة, وديناميكياتها السياسية والاجتماعية.
الذي شهدته صنعاء في الأيام الأخيرة ليس سوى مظاهر لأزمة موضوعية أعمق واشمل, مما يجري تناوله والحديث عنه, والمطالب الثلاثة لا تمثل كل أسباب وعناصر ومظاهر الأزمة, وإنما بعضها, أو بعضا من مظاهرها, مظاهر التوتر والتأزم الأخيرة ليست مفتعلة أو مستجلبة ولا نتاج لاتفاق بين هذا وذاك, وإنما تشكلت لنتيجة طبيعيةٍ لتطورات وتفاعلات صراعية داخلية, ولقضايا ومشكلات عامة, وإفرازا لعملية التحول الجارية في البلاد, ولها امتداداتها في الماضي بمراحله المختلفة, وبتحديات الحاضر, وما يعتمل فيه, وتتصل أيضا بالمشاريع والرؤى والاستحقاقات القادمة.
لو لم تبرز العوامل – القضايا الثلاث, التي شكلت مطالب التحرك الشعبي, لأنتجت الأزمة أسبابها الأخرى, ولو لم يتصدر تيار أنصار الله للتحرك لأوجدت الأزمة بتفاعلاتها وغليانها أدواتها الاجتماعية والسياسية الأخرى, أو لاتسمت أحداثها بالعفوية والفوضى, مما يجعلها أكثر تدميرا وكارثية.
مهما تأخر التوقيع على اتفاق التسوية, واشتدت الضغوط من كل طرف على الآخر, فان الحالة ستظل تحت السيطرة, وفي إطارها السلمي, ولن تتحول إلى مواجهات مسلحة شاملة بالذات في صنعاء, ويرجع ذلك إلى عدة أسباب . من أبرزها أن أنصار الله وجماهيرهم الذين كانوا ضحية لست حروب طاحنة, لازالوا يعانون من آثارها, لن يندفعوا أو ينجروا إلى حروب مدمرة أخرى, كما أن رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي أكد أكثر من مرة أن ما دفعه لتحمل مسؤولية  إدارة الدولة هو حرصه على إنقاذ البلاد من الحرب الأهلية, وحفظ الدماء والأرواح, والى ذلك فإن ترأسه لمؤتمر الحوار بكل ما للحدث من رمزية تعد في مقدمة الاعتبارات التي تجعله حريصا على المسار السلمي للأحداث, مهما تطلب الأمر من تضحيات. كما أن لصنعاء اعتباراتها, وتوازناتها التي تعيها كل الأطراف, ومع هذا يظل القلق قائم ومشروع من تدخل أطراف أخرى.
باستبعاد خيار المواجهة المسلحة الشاملة, تبقى أمام الأحداث القائمة والأطراف الفاعلة فيها خيارين. اثنين هما: التسوية الجزئية الآنية, على الطريقة اليمنية المعتادة, التي تعالج بعض من أعراض الأزمة, وتزيد في الواقع من غليانها واحتقانها, واما استحضار الحكمة وتعظيم المسؤولية وتحويل الأزمة إلى فرصة.. إلى محطة تاريخية جديدة, يتم فيها:
•    تطوير تجربة مؤتمر الحوار, لتحقيق ما لم يحققه المؤتمر, وما لم تنضج مقومات النجاح فيه آنذاك, وإصلاح وتلافي الأخطاء والهفوات التي رافقت المؤتمر, وبما يحقق توسيع قاعدة الشراكة والمشاركة السياسية والوطنية, باعتبارها شرطا لازما لتحقيق المخرجات بمضامينها وأهدافها, وأشدد هنا على مكانة الجنوب وقضيته وتمثيله في أي عملية حوارية أو تفاوضية قادمة.
•    تقييم تجربة تحقيق الشراكة والتوازن في إعادة بناء أجهزة ومؤسسات السلطة, ومدى الاقتراب من تحقيق أهداف العملية .
•    مراجعة التوجهات والإجراءات المؤسسة للمستقبل, وجعلها نتاج للشراكة الحقيقية بين المكونات الأصلية, وليس الشراكة من تحت الطاولة أو بالإنابة.
أخيرا: الفت انتباه القارئ الكريم إلى المعطى التالي: أن المواجهات المسلحة التي شهدتها أجزاء من البلاد منذ انطلاق مؤتمر الحوار وحتى اليوم كانت حصرا بين قوى وأطراف شاركت في مؤتمر الحوار- باستثناء المواجهات المسلحة مع جماعات القاعدة وأخواتها أو بعضها.




شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص