آخر تحديث :الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - الساعة:15:44:55
أصنعوا السلام لا الحرب
جين ماريوت

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

قال الفيلسوف الاسباني جورج سانتايانا “أولائك الذين لا يستطيعون تذكر الماضي يُحكم عليهم بتكراره”. لدى اليمنيين ذاكرة ممتازة ومع هذا فأن دورات العنف، والثأر والسلطة مستمرة. كما رأينا في مؤتمر الحوار الوطني غالبية الشعب اليمني يريدون السلام والاستقرار والحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية. وقد أعطت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمنيين خارطة الطريق للوصول لهذا الهدف.  بالرغم من هذا فأنا أخشى من دورات العنف المتكررة، ومن الأفعال وردود الأفعال، ومن عدم قدرة هذا البلد على التنحي إلى الوراء وتأمل المدى البعيد دون التفكير بالمكاسب الشخصية أو الحزبية قصيرة المدى.
صدقوا أو لا تصدقوا فقد عاشت المملكة المتحدة نفس هذه الدورات في تاريخها الحديث. “مشكلة” ايرلندا الشمالية بدت مستعصية وغير قابلة للحل ولكن في عام 1995 تم فتح حوار أدى إلى المشاركة الكاملة لجميع الأطراف في العملية السياسية, في حين أن الأوضاع في اليمن وايرلندا الشمالية مختلفة، فأن الشعب اليمني يحتاج لشكل من أشكال عملية سلام مستدامة إذا أردنا لدورة العنف أن تتوقف وأن تستعاد الثقة. يستطيع المجتمع الدولي بالتأكيد تقديم المساعدة في تحقيق ذلك ولكن يبقى اتخاذ قرار وقف إراقة الدماء والدخول في حوار ونزع السلاح بيد الأفراد والجماعات والأحزاب المعنية بالنزاع. إنها مسئوليتهم للمساعدة على خلق مستقبل مختلف وأكثر سلما لليمن وشعبه الذين طالبوا بالتغيير. أتمنى أن يكونوا على قدر هذا التحدي وها هي تجربة شمال ايرلندا دليل موجز عن عملية السلام في ايرلندا الشمالية.
الخلفية
يمكن تعقب مشاكل ايرلندا الشمالية إلى تاريخها في الهجرة السكانية وبالتالي للتوزيع الغير متساوي للثروة والفرص. أثناء حركة الحقوق المدنية في الستينات من القرن الماضي تم إعادة تشكيل مجموعة كاثوليكية شبه مسلحة، الجيش الجمهوري الايرلندي من ضمن أقلية سكانية كاثوليكية بهدف الضغط على توحيد شمال وجنوب ايرلندا. كان هذا الهدف السياسي محل نزاع من قبل الأغلبية السكانية البروتستانتية. خلال الثلاثين سنة التالية شن الجيش الجمهوري الايرلندي حملة من الهجمات  الإرهابية ضد بريطانيا والمجتمع البروتستانتي. في المقابل شكلت المجموعات البروتستانتية منظمات شبه عسكرية خاصة بها لشن حملة من الهجمات الإرهابية ضد الكاثوليك. هذه المجموعات العسكرية كان لها أحزاب سياسية تمثلها فكان سين فين يمثل الجيش الجمهوري الايرلندي بينما كان يمثل المجموعات البروتستانتية أحزاب منها النقابيين التقدميين وغيرها.
تاريخ عملية السلام
بدأت عملية السلام في أواخر الثمانينات عندما تم تطوير صلات بين الحكومة البريطانية والأعضاء الرئيسيين في المجتمعات الكاثوليكية والبروتستانتية ممن كانوا على علاقة بالجماعات الشبه مسلحة بحلول العام 1994 كانت هذه الصلات قد نمت بشكل كافي لإجراء محادثات بين سين فين والمسئولين البريطانيين. قِيل لسين فين أن “التخلص” من الأسلحة ضروريا للمشاركة الكاملة في المحادثات بين الأحزاب. في الاجتماعات التالية مع حزب النقابيين التقدميين، أكد المسئولين البريطانيين على ضرورة التخلص من الأسلحة. في العام 1995، تم عقد الاجتماع الرسمي الأول بين رئيس وزراء الجمهورية الايرلندية مع سين فين. في هذه الأثناء طالب البروتستانت بعملية نزع سلاح يقودها المجتمع الدولي.  في العام 1995، نشرت الحكومة البريطانية وثائق إطار عمل يقترح مؤسسات ديمقراطية في ايرلندا الشمالية، تبعتها وثيقة مشتركة من قبل حكومتي بريطانيا وايرلندا تعرضان فيها مقترحات لعلاقات ضمن جزيرة ايرلندا وبين الحكومتين.
في مارس 1995، تم تحديد مبادئ واشنطن للدخول في مفاوضات أساسية من قبل وزير بريطاني وكانت كالتالي:وجود إرادة من حيث المبدأ لنزع السلاح بشكل تدريجي؛فهم عملي عام لما تتضمنه فعليا عملية نزع السلاح؛من أجل اختبار الترتيبات العملية ولإظهار حسن النية، يتم نزع بعض السلاح كخطوة ملموسة لبناء الثقة وكإشارة لبدء العملية في 24 ابريل 1995، أعلنت الحكومة البريطانية دخول الوزراء في حوار تمهيدي مع سين فين.
عقدت المباحثات في 10 مايو 1995 وتبعها اجتماع غير رسمي في واشنطن في 17 مايو 1995. في بيان بريطاني- ايرلندي مشترك في 28 نوفمبر 1995 تم الإعلان عن تدشين عملية “مزدوجة المسار” لتحقيق التقدم بشكل متوازي في جميع مفاوضات الأحزاب ونزع السلاح.
المسار السياسي كان لدعوة الأحزاب لمحادثات أولية مكثفة تحضيرا للمحادثات المقترحة لجميع الأحزاب و المسار الخاص بنزع السلاح كان لتأسيس هيئة دولية للقيام “بتقييم مستقل” حول عملية نزع السلاح لجنة ميتشل والمبادئ الستة الهيئة الدولية (لجنة ميتشل) ترأسها السيناتور جورج ميتشل (من الولايات المتحدة) والجنرال جون دي تشاستيلين (من كندا) والسيد هاري هولكر (من فنلندا).  عقدت اللجنة سلسلة من الاجتماعات، وأخذت أدلة من الجميع. كتبت في تقريرها في 1996 أن “الجميع الذين تحدثنا معهم يوافقون من حيث المبدأ على ضرورة نزع السلاح”. وجدت أن كل طرف كان لديه مخاوفه التي تستحق التفهم والمعالجة من قبل الطرف الأخر الذين يصرون على نزع السلاح أولا يجب طمأنتهم أن الالتزام نحو وسائل سلمية وديمقراطية من قبل أولائك الذين كانوا يدعمون العنف المحرّض سياسيا هو التزام حقيقي ولا رجعة فيه الذين تم إقناعهم بنبذ العنف والاتجاه نحو الطريق السياسي السلمي يجب طمأنتهم بأن عملية التفاوض الشاملة والهادفة هي عملية حقيقية.     لم يكن واقعيا تنفيذ نزع السلاح قبل بداية المحادثات الخاصة بجميع الأحزاب ولهذا اقترحت اللجنة أن تدرس الأحزاب طريقة يتم من خلالها تنفيذ بعض من نزع السلاح وذلك خلال مفاوضات جميع الأحزاب
هذه الطريقة تمثل تسوية بحيث إذا أردنا لعملية السلام أن تمضي قدما فيجب التغلب على أي جمود. بينما كلا الجانبين كانا متعنتين في مواقفهم، كلاهما كان قد عبّر مرارا عن الرغبة في المضي قدما.
هذه الطريقة تقدم لهما هذه الفرصة كان على الأطراف التأكيد على التزامهم المطلق والكامل
بالوسائل الديمقراطية السلمية الخالصة لحلحلة القضايا السياسية؛بنزع السلاح الكامل لجميع المنظمات الشبه عسكرية؛ بالموافقة على وجوب التحقق من نزع السلاح بشكل يرضي اللجنة المستقلة؛
بالتخلي بأنفسهم وبمعارضة أي جهود من الآخرين لاستخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة للتأثير في مسار نتائج مفاوضات جميع الأحزاب؛بالموافقة على التقيّد بأحكام الاتفاقية التي يُتفق عليها في مفاوضات جميع الأحزاب وباللجوء إلى الطرق الديمقراطية والسلمية الخالصة في محاولة تعديل أي من نواحي النتائج التي قد لا يتفقون عليها؛ بالحث على توقف القتل والضرب “كعقاب وبأخذ خطوات فعالة لمنع مثل هذه الأفعال؛ أكدت اللجنة أيضا على أن عملية نزع السلاح يجب أن لا تتطلب من أي طرف أن يظهر وكأنه يستسلم نزع السلاح يجب أن يُنفّذ بشكل يرضي هيئة مستقلة يتم تعيينها من قبل حكومتي بريطانيا وايرلندا “على أساس التشاور مع الأطراف الأخرى المعنية بعملية المفاوضات” عملية نزع السلاح يجب أن تكون نتيجتها التدمير الكامل للأسلحة بطريقة تساهم في السلامة العامة ولكن يجب أن لا يتعرض أي فرد للمقاضاة كان على عملية نزع السلاح أن تكون مشتركة بحيث تقدم “للأطراف فرصة أخرى للاستفادة من عملية نزع السلاح لبناء الثقة خطوة خطوة خلال المفاوضات” تضمن اللجنة بأن جميع المعلومات التي تستلمها ولها علاقة بعلمية نزع السلاح أن يتم حفظها بشكل سري وأن أي سجلات لدى اللجنة تحفظ بشكل أمن التشريعات لضمان شرعية اتفاقية السلام والعملية قامت الحكومة البريطانية بتمرير عدد من قوانين نزع السلاح بين 1997 و 2001 بعد أن تم مناقشتها من قبل البرلمان.
النتائج
في سبتمبر 2005، نشرت اللجنة تقريرها النهائي حول أعمال نزع سلاح الجيش الجمهوري الايرلندي. نقل الجنرال جون دي تشاستيلين وزملائه أنهم كانوا “راضون أن الأسلحة التي تم نزعها تمثل إجمالي ترسانة الجيش الجمهوري الايرلندي”. تم التأكيد على هذا من قبل شاهدان مستقلان عن اللجنة وهما القس الكاثوليكي الأب اليك ريد، والرئيس السابق للكنيسة الميثودية النظامية في ايرلندا المبجّل هارولد جود.
قامت المجموعات البروتستانتية شبه العسكرية أخيرا بنزع أسلحتها في يناير 2010. تم تأكيد ذلك من قبل الجنرال دي تشاستيلين واللورد ايمس ورئيس أساقفة ارماغ والسير جورج كويجلي وهو موظف حكومي سابق.
اليوم هناك أعضاء من سين فين وحزب النقابيين الديمقراطيين البروتستانت يتشاركون السلطة في حكومة ايرلندا الشمالي.
السفيرة البريطانية لدى اليمن


شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص