- تل أبيب : يد إسرائيل الطويلة ستلاحق قادة الحوثيين في أي مكان
- 115 منظمة محلية تدين جرائم الميليشيات بحق المدنيين في قرية الحنكة بقيفة رداع
- صحيفة أمريكية : الصين ساعدت الحوثيين سرًا
- قوات العمالقة تضبط شحنة ذخائر وقذائف مهربة في ساحل رأس العارة
- اسعار المواشي المحلية بالعاصمة عدن اليوم السبت الموافق 11 يناير
- أسعار الخضروات والفواكه صباح اليوم السبت 11 يناير بالعاصمة عدن
- القوات الجنوبية تُفشل محاولة تسلل حوثية شمال الضالع
- سقوط جديد للريال اليمني صباح اليوم 11 يناير 2025
- أسعار الأسماك اليوم السبت فى عدن 11 يناير 2025م
- أسعار الذهب اليوم السبت 11-1-2025 في اليمن
منذ انطلاق الثورة الجنوبية في العام 2007 دأب نظام صنعاء على تغذية الخلافات بين الجنوبيين مستغلا التاريخ الجنوبي المتسم بالانقسامات في غالبه، وبرزت على السطح منذ وقت مبكر خلافات بين قيادات بارزة ومؤسسة للحراك السلمي الجنوبي، كانت تلك الخلافات غالبا ما تحبط الشارع الجنوبي وتتسبب بحالة من اليأس في صفوف ناشطيه ..
يزعم البعض أن هذه الخلافات مردها إلى دخول القيادات التاريخية على خط الحراك الجنوبي ويغمزون تحديدا إلى خروج الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض من منفاه ليعلن تأييده للحراك الجنوبي في العام 2009 في حين ينسى هؤلاء أنه قبل ذلك بكثير كانت قيادات مؤسسة للحراك تعمم على مناصريها بعدم حضور فعاليات جماهيرية دعت إليها قيادات أخرى وكان ذلك قبل خروج البيض بنحو عام .
هل أزمة الثورة الجنوبية في قيادتها فعلا ؟
نجح نظام علي عبدالله صالح في افتعال الكثير من المشكلات للحراك الجنوبي منذ وقت مبكر، ووجدت القيادات الجنوبية نفسها بقصد أو غير قصد تنجر وراء صراعات لا تخدم إلا نظام صنعاء ، بدأت المشاكل باكرا بالخلاف حول الزعامة مع غياب مرجعية سياسية للحراك الجنوبي منذ التأسيس، كما أن غياب العمل المؤسسي والعمل العشوائي كان أحد أبرز الأسباب التي أدت إلى تعدد المكونات ومعها تعدد الزعامات .
وظهر تهافت القيادات الجنوبية على المنصات منذ وقت مبكر وكان غالبا ما يؤدي إلى خلافات وصلت حد "الملطام" بين عدد من القيادات الجنوبية حول أحقية من يمسك بالمكرفون ويلقي الكلمة وكانت تلك الخلافات كما أسلفنا منذ وقت مبكر من ظهور الحراك الجنوبي وقبل خروج البيض من منفاه الذي يحاول كثيرون اليوم تعليق كل هذه المشاكل التي تواجه الثورة الجنوبية على شماعته متجاهلين الأسس الحقيقية لهذه المشاكل .
وأمام أزمة القيادة هذه برزت على السطح وبقوة مكونات شبابية ضاقت ذرعا بتصرفات الجيل القديم إلا أن اندفاع وحماس بعض الشباب أدى بهم الى أن يؤدوا أداء لا يقل سوءا عن أداء تلك القيادات التي حذت حذوها والتي تشكو من ممارساتها .
صحيح أن الأداء السلبي لبعض القيادات المعتقة في الحراك الجنوبي وخلافاتها الدائمة أدت إلى تذمر قطاع واسع من نشطاء الثورة الجنوبية وفي مقدمتهم الشباب ِإلا أن ممارسات بعض الشباب في اتجاه مواجهة أخطاء الصف الأول لم تكن موفقة في مجملها .. ومن ذلك الشعار البليد الذي رفعه بعض الشباب والذي أعطى انطباعا سيئا للثورة الجنوبية لدى مختلف المراقبين وهو شعار " لا قيادة بعد اليوم".
لم يفرق بعض الشباب بين أن مشكلتهم في قيادة فاشلة يجب تنحيتها واستبدالها بقيادة جديدة وبين أن من الخطأ الكارثي أن يسيروا بلا قيادة ولا ممثل ، فلا توجد ثورة من غير قيادة ولا يوجد نشاط من غير ممثلين .
سيمفونية "الشعب هو القائد"
يطرح بعض النشطاء الشباب حكاية أنه لا يمثل الجنوب إلا شعب الجنوب وأن الشارع الجنوبي هو القائد للثورة الجنوبية ، بل ويذهب البعض أبعد من هذا الطرح التسطيحي ويقولون بأن الشهداء هم القادة دون تحديد حتى لشهيد معين، ومثل هذا الطرح يظهر دون شك أن غالبية نشطاء الثورة الجنوبية الذين يطرحون مثل هذا الطرح لا تتوفر لديهم خلفية كاملة عن معنى القيادة الثورية ودور القيادة في الثورة .
لو قدر لنا أن نتفاوض على استقلال بلدنا فلن يأتي المجتمع الدولي ليتفاوض مع الشعب بأكمله كما لن يأتي إلى ساحة العروض ليتفاوض مع مليونية بأكملها، قدم شعب جنوب السودان مئات الشهداء في سبيل قضيته ثم وقع على الاستقلال جون قرنق وسلفاكير, وقبله قدم ثوار الجنوب أربعة آلاف شهيد, وفاوض على الاستقلال وفد الجبهة القومية برئاسة الرئيس قحطان الشعبي، وكان ياسر عرفات يفاوض على استقلال فلسطين ولم ينجح في الوقت الذي قدم فيه الشعب الفلسطيني آلاف الشهداء من خيرة شبابه، وهذه سنة الثورات أن يكون لها ممثلون ومفاوضون .. الأمر الذي يجعل من عبارات من قبيل : " لا أحد يمثل شعب الجنوب " عبارات عقيمة لا تحل الأمور ولا تربطها فلا يوجد شعب يمثله جميع أفراده بالملايين عند توقيع أي مسار تفاوضي .
هل الشارع هو القائد فعلا ؟
الشارع بطبيعته غوغائي، وهذه السمة ليس فيها شتم للشارع أو إساءة له وإنما هي تعبير عن الحالة الجمعية للشارع الذي لا يسمع منه حين يردد شعارات مختلفة إلا الصراخ في حين أن كل الشعارات قد تكون تصب في الهدف نفسه.
وفلسفة الثورات تقول إن الشارع يقاد ولا يقود, بمعنى آخر أن النخبة هي من يجب أن تقود الشارع وليس الشارع يقود النخبة .. فالنخبة قد يكون لها بعد نظر سياسي في القضية التي تناضل من أجلها وقد لا يوافق عليها الشارع ولو تمعنا في غالبية قصص التاريخ الماضي والحديث والمعاصر لوجدنا أن غالبية من كان بيدهم أمر الحسم في العديد من المدارات التفاوضية قدموا تنازلات لم تكن تحظى برضى أتباعهم إلا أن النتيجة جاءت لصالحهم في الأخير ، وخير مثال على ذلك موقف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية حين وافق على أحد بنود الصلح التي تنص على أن من جاءه مستجيرا من قريش أعاده المسلمون الى قريش ومن جاء قريشا مستجيرا من المسلمين لا تعيده قريش وحينها غضب كثير من المسلمين وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " يا رسول الله لمَ نقبل بالدنية في ديننا" إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صاحب بعد نظر ووافق على هذا الشرط وفي الأخير توج هذا الصلح بفتح مكة على أيدي المسلمين فتحا مظفرا .
الأصنام السياسية
يردد بعض الشباب الضائقين ذرعا بممارسات الجيل القديم عبارات هي في الأساس ناجمة من الاستياء العارم من خلافات قيادات الصف الأول إلا أن هذه المقولات يجانبها الصواب في الغالب .. من هذا القبيل يعتبر بعض الشباب أن السير خلف قيادة ثورية هو من العيب بل يقول البعض إن اتخاذ قيادي أو رمز في الثورة الجنوبية هي من قبيل تقديس الأصنام, في إشارة إلى القيادات التاريخية التي حكمت الجنوب قبل عام 90 .. بل أن البعض يلجأ إلى مقاطعة دعوات بعض القيادات لفعاليات ثورية معينة بسبب أن من دعا لها هو من القيادات التاريخية وأنه إذا لبى الدعوة سيكون من عباد الأصنام السياسية .
ثمة حقيقة يتغافل عنها الجميع وهي أن الثورات في أسها وأساسها عمل غير ديمقراطي ولا يعني هذا إساءة للثورات بقدر ما يعني أن الفعل الثوري لا يجب أن يحكم بضوابط العمل الديمقراطي من الشورى ومناقشة القرار .. فعبدالله أوجلان يوجه الأكراد من داخل سجنه في تركيا بوقف إطلاق النار ويمتثلون لأمره .. ولا يعني هذا أن مصيره في أيديهم بقدر ما هي حفاظا على رمزية الثورة التي يحاول البعض عندنا تصويرها وكأنها إساءة للثورة متناسين أنه لا ثورة من دون قيادة ولا ثورة من دون رموز .
تساؤل
لو نجح نظام صنعاء في تصدير الثورات الداخلية إلى داخل صف جماعة الحوثي بعد مقتل مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي ولو أن عددا من كبار قيادات الجماعة ثاروا وقالوا لا نقبل بأن يقودنا شاب في الثلاثين من العمر هو عبدالملك الحوثي ولو تقسموا مكونات وتفرقوا إلى جماعات وظهر منهم ستون قياديا ودعا البعض إلى إجراء انتخابات لتأسيس قيادة جديدة .. ولو أصبحوا بعشرة رؤوس بدلا مما هم عليه حاليا من رأس واحد .. هل كان الحوثيون سيكونون بالقوة نفسها التي هم عليها اليوم ؟؟
ختاما
من حقنا أن نعترض على الأداء الكارثي لبعض من يمثلون الثورة الجنوبية خصوصا في الخارج, لكن الذهاب في طرح بعيد عن الواقع الثوري يضر الثورة الجنوبية أكثر مما ينفعها ، فمن حقنا أن نعزل هذه القيادة جميعا ونأتي بقيادة جديدة تعيد للثورة الجنوبية ألقها وتوصلها إلى النصر. أما الدعوة إلى عدم وجود ممثلين للثورة الجنوبية وجعل الشارع يقود نفسه بنفسه وإظهارنا للعالم على أننا بعشرات الرؤوس وبأسنا بيننا شديد أمر يضر الثورة الجنوبية أكثر مما يخدمها على طريقة "لا قيادة بعد اليوم" أو "الشعب يمثل نفسه بنفسه" وكأن ستة ملايين مواطن جنوبي هم جميعهم من سيذهبون ليوقعوا على وثيقة الاستقلال الجنوبية !! .