آخر تحديث :الاثنين 29 ابريل 2024 - الساعة:17:39:41
الامناء ترصد هموم ومعاناة المواطنين ..مسيلة بالمهرة.. نزوح الى الساحل وحنين جماعي للدولة السابقة
()

يقترب الحراك الجنوبي من طي عامه السابع في ظل أحداث ومتغيرات شهدتها الساحة الجنوبية خلال العام الذي مضى. ويرى الكثير من المحللين السياسيين والمتابعين لمجريات الأوضاع في الجنوب خاصة واليمن على وجه العموم بأن قيادات الحراك الجنوبي قد أثبتت فشلها الذريع في التعامل مع تلك المتغيرات والأحداث وتسخيرها لخدمة القضية الجنوبية, وعدها آخرون بأنها كانت فرصا تاريخية لم تكن سانحة أمام الحراك الجنوبي خلال السنوات الماضية منذ انطلاقة الثورة الجنوبية لتتويج نضال شعب الجنوب وتحقيق مكاسب سياسية تقترب من الوصول إلى الهدف المنشود الذي انطلق الحراك الجنوبي لأجله والمتمثل في استعادة الدولة الجنوبية بكامل حدودها إلى ما قبل الـ22 من مايو 1990م.

 

وخلافا للأعوام السابقة, سيحتفي أنصار الحراك الجنوبي بذكرى انطلاقة ثورتهم السلمية المباركة في ظل متغيرات محلية وإقليمية وتحديات حقيقية تواجه مسيرة الحراك الجنوبي وتضع خياراته وتوجهاته على المحك وتجعله في مواجهة حقيقية مع المجتمع الدولي بعد الإفرازات والنتائج التي تمخض عنها مؤتمر الحوار الوطني الذي اختتم أعماله في العاصمة اليمنية صنعاء مؤخراً وأفضى إلى ما اعتبرها حلولاً للقضية الجنوبية من خلال اعتماد مشروع الأقاليم الذي جرى بموجبه تقسيم الجنوب إلى إقليمين واتخاذ جملة من الإجراءات والمعالجات للعديد من القضايا الخاصة بمظالم أبناء الجنوب من الوظائف والتسويات والأراضي والمساكن وغيرها من القضايا التي يرى أبناء الجنوب بأنها لم تلامس جوهر القضية الجنوبية بل جاءت بمثابة تعميق للأزمة وسهام موجهة صوب القضية الجنوبية وتجزئة الجنوب والالتفاف على قضيتهم, فيما اعتبرتها صنعاء دليلاً على حسن نواياها وعزمها على تصحيح مسار الوحدة اليمنية وإعادة الاعتبار لأبناء الجنوب.

 

وبالمقابل وُضع الحراك الجنوبي تحت طائلة المعرقلين للتسوية السياسية في اليمن وتفويض مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات والعقوبات الرادعة بحق قياداته وناشطيه وبالتالي وضع أنشطة وفعاليات الحراك في الجنوب ضمن الأنشطة المحظور ممارستها وإيجاد ذريعة لملاحقة القيادات والشخصيات الفاعلة والزج بهم في غياهب السجون.

 

الجنوب في أروقة مجلس الأمن

لا يختلف اثنان على أن الحراك السلمي الجنوبي حقق خلال عامه السابع من عمر ثورته السلمية الكثير من النجاحات والانتصارات على الصعيدين المحلي والخارجي والتي تأتي في مقدمتها إيصال الصوت الجنوبي إلى أروقة مجلس الأمن الدولي وإجبار صنعاء على الاعتراف بالقضية الجنوبية ومشروعيتها وجعلها في قائمة القضايا الأساسية المطروحة على طاولة مؤتمر الحوار الوطني بغض النظر عن المتحاورين الذين تم اختيارهم لتمثيل الجنوب في ذلك المؤتمر الذي قابل شعب الجنوب وقائع أعمال جلساته بفعاليات احتجاجية عمت كافة المدن والبلدات الجنوبية رافضة لأي مشاركة فيه وهي الفعاليات التي حظيت بمتابعة واهتمام المجتمع الدولي والمبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر الذي أفصح في أكثر من تصريح له عن تفهمه ومتابعته لما يدور في الجنوب وبالمقابل رفضه للعنف الذي واجهت به قوات الجيش والأمن اليمني المتظاهرين في الجنوب وجرائم القتل التي طالت المدنيين في الضالع وعدن وحضرموت.

 

حفاظ على السلمية ورفض العنف

ومن بين الانتصارات التي حققها الحراك الجنوبي حفاظه على سلميته وعدم الانجرار إلى مربع العنف الذي حاولت صنعاء وبكل الوسائل جره إليه رغم استخدام العنف المفرط الذي وصل حد الإذلال وقتل النساء والأطفال وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها كما حصل في الضالع وعدن ولحج إضافة إلى قتل ناشطين بارزين من شباب الحراك وتعذيبهم واختطافهم من منازلهم أو من الطرقات والشوارع وتحويل المدن الجنوبية إلى ثكنات عسكرية والدفع بقوات الجيش للدخول في مواجهات مع شباب وأنصار الحراك الجنوبي وتنفيذ الاغتيالات بحق الشخصيات والكوادر الجنوبية باسم الجماعات الإرهابية التي تم نشرها في العديد من المدن الجنوبية ومحاولات إسقاطها بأيدي تلك الجماعات, وهي أوراق باتت مكشوفة سبق لنظام الرئيس اليمني المخلوع استخدامها في الجنوب قبل فشله أمام صمود شعب الجنوب, وجاءت من بعده بعض القوى المحسوبة على قطبي الصراع في صنعاء لمواصلة تنفيذها في محاولة الضغط على الجنوبيين بالقبول بمخرجات الحوار الوطني وإيهام المجتمع الدولي بأن الجنوب مناطق حاضنة للإرهاب.

 

مواقف غير مسئولة

يرى الكثير من المتابعين والمهتمين بما يدور على الساحة الجنوبية بأن تعاطي قيادات الحراك الجنوبي في الداخل والخارج مع الأحداث والمتغيرات التي شهدتها اليمن وكذلك مواقف بعض الدول العربية والدولية من الأحداث والوضع في اليمن وعلى وجه الخصوص منذ انطلاق وقائع أعمال مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء وانتهاء بقرار مجلس الأمن الدولي الأخير والخاص بالتسوية السياسية في اليمن, كان تعاطيا غير صائبا, إذ برزت ومن خلال التصريحات التي أدلى وما زال يدلي بها قادة الحراك الجنوبي لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة مواقف غير مسئولة.

 

حيث ركزت تلك القيادات من خلال تصريحاتها ومواقفها على محورين: الأول وهو الدفع بشعب الجنوب إلى الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي وتصوير المعركة بأنها باتت مع مجلس الأمن وبعض دول المنطقة بدلا من السعي لكسب تأييدهم وانتزاع حق شعب الجنوب من أروقته, فيما تركز المحور الثاني على إيهام شعب الجنوب بأن قرار مجلس الأمن الدولي جاء لصالح شعب الجنوب واعتباره مقدمة للحصول على فك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية والعمل على خداع الشارع الجنوبي بأن تلك القرارات لصالحهم وأنه يجب دعمها وتأييدها وعدم رفضها واتخاذ مواقف معادية منها, إضافة إلى كل ذلك فقد ذهبت بعض القيادات إلى تعبئة الشارع ضد بعض القيادات الجنوبية سواء الموالية لصنعاء أو المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني لتحويل الصراع إلى صراع (جنوبي - جنوبي).

 

الجنوب وصراع القيادات

ثمة حقيقة ينبغي على الجميع إدراكها والاعتراف بها وهي أن صراع البعض من القيادات الجنوبية في الداخل والخارج والذي ارتفعت وتيرته مؤخرا وظهرت مؤشراته بل وأعماله على السطح وأمام الملأ قد ساهم في إرباك القضية الجنوبية وأعادت الحراك الجنوبي مئات الخطوات إلى الخلف فيما يرى الكثير بأن تلك الصراعات وفي مثل هذه الظروف التي تمر بها الثورة الجنوبية أشد خطرا على القضية الجنوبية من نظام صنعاء.

 

ويؤكد نشطاء في الحراك الجنوبي وخصوصا من الشباب بأن كل تلك التجاذبات والتداعيات الغريبة والعجيبة لا تخدم مصلحة القضية الجنوبية بل أوجدت بيئة غير صحية وأجواء مشحونة زادت الأمور سوءا وتعقيدا نحن في غنى عنها, كما سببت نتائج عكسية أثرت سلبا على توازن هيبة وشعبية زخم الحراك مما جعل البعض من أنصار الحراك في حيرة من أمرهم وسط حالة تذمر ويأس ومعنويات محبطة جعلهم أكثر تفرجا وابتعادا عما يدور بالساحة الجنوبية.

 

ويرى النشطاء بأن حراكهم الجنوبي يواجه اليوم تحديات حقيقية خاصة مع تغيرات الأوضاع, وأصبح الخطاب السياسي للحراك في المقابل متكلسا مفتقدا للديناميكية, هذا بالإضافة إلى تحديات حقيقية تواجه الحراك الذي يتعامل برد الفعل ويفتقد للمبادرة الذاتية.

 

مشكلة الحراك ونقاط ضعفه

من خلال رصدنا للعديد من الآراء ووجهات النظر التي استخلصناها من شباب ونشطاء في الحراك الجنوبي من مدن وبلدات جنوبية عديدة حول تشخيصهم للمشاكل التي يعاني منها الحراك, وبرزت المشاكل التالية:

 

أولا: زيادة حدة الانقسامات والفرز القائم بين الجنوبيين بسبب الخيارات المطروحة وعودة القيادات الفاشلة إلى واجهة الأحداث.

ثانيا: تمزق داخلي وغياب أي رابطة تنظيمية بين مكونات الحراك، والعجز في الداخل عن تحقيق أي تقدم في وحدتهم رغم ملائمة الظروف من الناحيتين السياسية والأمنية، لغياب قبضة النظام الفعلية على الجنوب.

 

ثالثا: يصاحب الانقسام بين دعاة الخيارات المختلفة انقسامات داخل كل اتجاه، فخيار ما يسمى الاستقلال لا تربطهم أي وحدة تنظيمية ولو من باب التنسيق، وبالمثل اتجاه ما يسمى الفيدرالية، وكذا الجنوبيين في صنعاء.

 

رابعا: ونظرا للحالة العفوية, فإن السلوك المتطرف لبعض أطراف الحراك لم يكتف بمواجهة النظام بل فتح جبهات جديدة وحالة من العداء بين دعاة الخيارات وعدم القبول بحق الاختلاف.

 

خامسا: رئاسة عبدربه منصور هادي والتعيينات التي قام وسيقوم بها في الجنوب وفي المستقبل القريب لنا أن نتوقع خلطا للأوراق تضع الحراك أمام حقائق ليس مستعدا لها في ظل رئيس ورئيس وزراء من الجنوب.

 

سادسا: مؤتمر الحوار الوطني ووقوف العالم إلى جانب القيادة اليمنية لإنجاحه وضع الحراك أمام اختبار صعب, وبسبب عدم توحد مكوناته, وُجد من يتبرع لتمثيل الجنوب بعيدا عن تطلعات شعبه وكان أن وضع الحال الجنوبي أمام محك صراع جنوبي ـ جنوبي لا أحد أيده أو سيؤيده مهما كانت الظروف.

 

سابعا: تمدد القاعدة وسيطرتها على معظم أنحاء محافظات أبين وشبوة وتواجدها الملحوظ في حضرموت ولحج وعدن وما يحمله ذلك من مخاطر حقيقية على الجنوب.

 

 



شارك برأيك