آخر تحديث :الجمعة 17 مايو 2024 - الساعة:01:26:35
ما وراء الاقتتال الداخلي بين الحوثيين؟ وهل اقتربت نهايتهم؟
("الأمناء" تقرير خاص: )

"من أمن العقاب لم يسئ ــ فقط ــ الأدب، بل يخرق القوانين ويعيث في الأرض قتلاً وإرهاباً"... هذه الاستراتيجية اتبعتها مليشيا الحوثي الانقلابية، لتُكبِّد المدنيين حياةً مأساوية لم يسلم منها أحد.

تقارير عسكرية رصدت انتزاع عشرات الألغام الفردية من مخلفات ما زرعته مليشيا الحوثي في مديرية باقم بمحافظة صعدة.

الانقلابيون استحدثوا ألغاماً فردية مغطاة بالبلاستيك المقوّى، حيث يصعب اكتشافها، وهو ما يتسبب بتأخير عمليات المسح الميداني للألغام التي تزرعها المليشيات الموالية لإيران.

وزرعت المليشيات الحوثية أكثر من مليون لغم في مختلف المحافظات ــ بحسب تقارير محلية ودولية ــ راح ضحيتها مئات الأشخاص أغلبهم من النساء والأطفال.

وكانت دراسة اقتصادية قد بيَّنت أنَّ الألغام الحوثية في سهل تهامة تسبَّبت في انخفاض المساحة المزروعة بنسبة 38% خلال العام الماضي، وفقدان آلاف السكان مصادر عيشهم.

وأكّدت الدراسة التي أعدها باحثون دوليون بعنوان "تأثير الحرب على التنمية في اليمن"، أن عائدات المزارعين في منطقة تهامة انخفضت بنحو 42% عن مستويات ما قبل الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي.

وأشارت إلى أنَّ تعرُّض المحاصيل والحقول للتفخيخ والهجوم المباشر من قِبل مليشيا الحوثي أجبر المزارعين على التخلي عن الأرض وتهجير العمال الزراعيين، كما تسبب نقص الوقود وزيادة تكلفة الإنتاج والنقل في انخفاض الإنتاج الزراعي في سهل تهامة بشكل كبير.

في سياق متصل، طالب السيناتور الديمقراطي بمجلس الشيوخ الأمريكي باتريك ليهي، وزارة الخارجية الأمريكية بزيادة الموازنة المخصصة لبرامج نزع الألغام في اليمن، مشدداً على ضرورة التصدي لكارثة زراعة الألغام الحوثية التي قتلت وجرحت آلاف اليمنيين.

وقال "ليهي" الذي قضى معظم حياته المهنية مهتماً بقضية إزالة الألغام بدءاً بحرب فيتنام ووصولاً إلى حرب الحوثيين، في بيانٍ أصدره قبل أيام، إنَّه يجب توقف زراعة المليشيات الحوثية للألغام، مشيراً إلى أنّ الجهات المختصة تمكّنت بمساعدة خبراء وبتمويل من المانحين من نزع ??? ألف لغم، وأنّ العدد المتوقع لما تبقى منها هو ضعف الألغام المنزوعة.

وأضاف أنّ أطفال اليمن الذين يمثلون الجزء الأكبر من الضحايا لهم الحق في أن يحيوا بصورة طبيعية وفِي بيئة آمنة خالية من مخاطر الألغام، واصفاً الألغام بأنها سلاح دموي غير مشروع استخدامه ويهدف الحوثيون من خلاله إلى ترهيب وترويع المدنيين.

 

مقتل طفل وشقيقته

تمكن فريق الهندسة التابع لكتيبة المهام الخاصة، من انتزاع عشرات الألغام المصنعة يدوياً من قبل الميليشيات الحوثية في مديرية باقم.

ونقل موقع الجيش عن ركن فريق الهندسة الرائد هارون الصوفي، قوله إن «فريق الهندسة تمكن من نزع 20 لغماً فردياً»، وإن «الميليشيا الحوثية استحدثت ألغاماً فردية مغطاة بالبلاستيك المقوّى، حيث يصعب اكتشافها، وهو ما يتسبب بتأخير عمليات المسح الميداني للألغام التي تزرعها الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران».

وبالانتقال إلى الحديدة حيث تصعيد الميليشيات لعملياتها العسكرية من خلال القصف المستمر على مواقع القوات المشتركة من الجيش الوطني والقرى السكنية وارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين العُزل، قُتل طفلان شقيقان فيما نجا والدهما جراء انفجار لغم من مخلفات ميليشيات الحوثي، الأحد، في مديرية الدريهمي، جنوباً.

وقالت مصادر محلية، نقل عنها مركز إعلام «العمالقة» الحكومي، في جبهة الساحل الغربي، إن «لغماً أرضياً من مخلفات ميليشيات الحوثي التي زرعتها قبل فرارها من المنطقة انفجر في قرية القضبة بالأطراف الجنوبية لمديرية الدريهمي، وأودى بحياة الطفلين الشقيقين يحيى محمد علي عمر (10 أعوام) وشقيقته نجوى (11 عاماً) على الفور، ونجا والدهما الذي كان يسير خلفهما بمسافات قليلة من الانفجار».

وتضاف هذه الجريمة إلى سلسلة جرائم الميليشيات الحوثية بحق المدنيين الأبرياء في الحديدة والساحل الغربي بعد تحويل المدن والقرى والمزارع والطرقات العامة والفرعية إلى حقول ألغام قبل فرارها منها، والتي يروح ضحيتها بشكل يومي ضحايا مدنيين معظمهم من النساء والأطفال.

يأتي ذلك بعد يوم واحد من مقتل امرأة وإصابة آخرين من أسرة واحدة جراء قصف حوثي على أحد الأحياء السكنية في مديرية حيس، جنوباً، حسبما أفادت مصادر محلية قالت إن «ميليشيات الحوثي أطلقت قذائف مدفعية ثقيلة على منازل المواطنين في مدينة حيس سقطت إحداها على منزل المواطن محمد ناجي حميد، ما أسفر عن مقتل وفاء أحمد غالب جمال، وإصابة سلامة حسن حمادي، والشاب منير عبد الله سالم، إضافة إلى الطفلين قابوس محمد ناجي ورعد محمد ناجي، حيث وُصفت إصابتهم بالخطيرة».

 

انهيار الحوثيين

يوماً بعد يوم، تُظهر مليشيا الحوثي الانقلابية النقاب عن وجهها الدموي الذي لا يستهدف خصومها فقط بل يصل أيضاً إلى صفوفها الداخلية.

وكثرت في الآونة الأخيرة الاشتباكات المسلحة التي تندلع بين الانقلابيين فيما بينهم والتي تسقط قتلى كثيرين، وتكشف حجم تصارع الأجنحة الذي يحكم هذا المعسكر الإرهابي.

أحدث هذه الوقائع تمثّل فيما جرى بمحافظة إب، حيث اندلعت مواجهات عنيفة فيما بين قوات حوثية، قُتل على إثرها قيادي بالمليشيات، وأصيب آخرون بجروح.

مصادر مطلعة ذكرت: إنَّ المواجهات أسفرت عن مقتل القيادي الحوثي إسماعيل سفيان، المعين من قبل المليشيات وكيلًا لمحافظة إب، إلى جانب عدد من المصابين.

وبيّنت المصادر أنَّ المواجهات اندلعت بشكل مفاجئ قرب مبنى أمن المحافظة القديم، قبل أن تتوسّع إلى قسم شرطة الحافي وصولاً إلى شارع تعز بالمدينة.

يأتي هذا فيما أوضحت مصادر أخرى أنّ مسلحين حوثيين حاولوا اقتحام إدارة أمن المحافظة بالقوة، وهو ما تسبب في اندلاع المواجهات المسلحة.

وبين حينٍ وآخر، تطفو على السطح خلافات داخل معسكر مليشيا الحوثي الانقلابية، أشبه ما يكون بصراع أجنحة، ينذر بانهيار المليشيات عن بكرة أبيها.

ففي مطلع يونيو الجاري، وبعد أيامٍ من نشر غسيل فساد مليشيا الحوثي، دخل الصراع بين الجناحين المتصارعين على النفوذ مرحلة جديدة بين رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، ورئيس ما تسمى اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، وذلك لخلافات على النفوذ.

وفي مسعى من زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي لاحتواء الصراع، وجّه بتعيين عمه عبد الكريم الحوثي، وهو صاحب السلطة الفعلية في صنعاء وزيراً للداخلية في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها، بعد صراع طويل على النفوذ مع جناح مكتب قائد المليشيات الذي يمثله المشاط، والجناح الآخر للجنة الثورية.

وبناء على ذلك، انحصر الصراع مرحلياً بين جناحي المشاط ومحمد علي الحوثي، وخاصةً بعد تصعيد الأخير إلى عضوية المجلس السياسي الأعلى، الإطار الشكلي لحكم مناطق سيطرة الانقلابيين.

واعتُبرت هذه الخطوة، تمهيداً لإزاحة المشاط الذي يمثل واحداً من العساكر المطيعين لزعيم المليشيات، إلا أنه لا ينتمي لأسرة الحوثي، فقد خرج عضو المجلس السياسي سلطان السامعي، ليكشف عن جزء من فساد هذا الجناح، بإيراد تفاصيل ما يستحوذ عليه أحمد حامد (أبو محفوظ )، من أموال ونفوذ، من خلال موقعه كمدير لمكتب ما يسمى رئاسة الجمهورية، وهي الفضائح التي توقع الكثيرون أن تؤدي إلى إزاحة حامد من موقعه، أو تصفية السامعي، استناداً إلى سجل دموي حافل عرفت بهذه المليشيات منذ ظهورها.

وبينما يحتفظ زعيم المليشيات لنفسه بخيوط اللعبة كاملة، إلا أنَّ وجود ثلاثة أجنحة تتصارع على النفوذ والأموال، قد انعكس على مواقف الانقلابيين من استمرار الحرب والالتزام باتفاقات السلام، إذ أنّ المتحدث الرسمي باسم هذه المليشيات، ومعه مقرب من زعيمها، يمسكان بملف العلاقات الخارجية ومحادثات السلام.

كما يديران شبكة إعلامية تضم ثلاث محطات فضائية، ومحطات إذاعية محلية، ومواقع إخبارية، ومكاتب خدمات إعلامية، تحتكر حقوق البث من مناطق سيطرتهم، وتقدم الخدمات لعدد من وسائل الإعلام ووكالات الأنباء الإقليمية والدولية، وتدار من الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية.



شارك برأيك