آخر تحديث :الاثنين 18 اغسطس 2025 - الساعة:11:08:52
"الأمناء" تنشر تفاصيل وأسرار خلافات (الإصلاح والمؤتمر)
("الأمناء" القسم السياسي : )

خلافات مستمرة لكيان غير متجانس متجذر الصراع متراكم الاحقاد، يشكل سلطة هشة تدعى (الشرعية) أصبحت ضعيفة وعاجزة  في ظل وضع مختل الأركان واستثنائي معقد.

منحت تلك السلطة الهلامية العاجزة خصوم اليمن عامة ومليشيا كهوف مران التي كادت أن تصنف إرهابية، قوة لا تستحقها وأوراق سياسية وانتصارات ميدانية ما كانت لتنالها لولا أنانية حزبي المؤتمر والإصلاح (الحليفين سابقاً العدوين اللدودين حالياً) اللذين يركزان على مصالح قيادتيهما ومكاسبهما السلطوية ويقدمانها على الوطن الذي يشهد حرباً تحرق الأرض واليابس.

ولا ينسى حزب المؤتمر ما فعله حزب الإصلاح (تيار جماعة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في اليمن) بسلطته الحاكمة وصولاً إلى مقتل صالح على يد حلفائه الحوثيين الذي تحالف معهم الإصلاح في وقت سابق عام 2011 لضرب صالح ضمن سلسلة متناقضات كارثية حولت السلطة بصنعاء لصراع المصالح.

وحتى اليوم في ظل أسوأ مرحلة يعيشها البلد في ظل سلطة هادي عادت حرب الأحقاد الشرسة وخلافات المصالح بين المؤتمر والإصلاح في صراع على سلطة هادي المتهالكة التي تعرضت لانقلاب في صنعاء واصبحت عاجزة فاشلة في عدن بسبب صراع الأقطاب المتناحرة بداخلها.

وتجري داخل أروقة المؤسسات بسلطة هادي صراعات وخلافات كبيرة بين حزب المؤتمر والإصلاح جعلت من هادي مجرد أداة غير قادر على إيقاف انهيار سلطته التي هو الآخر جعلها إلى إقطاعية خاصة وقام بتعيين أتباعه أمحافظة في مناصب حساسة ووزارات ومرافق محولا سلطته إلى عصابة يتناهشها عدة أطراف.

 

حرب المؤسسات والاعتقالات

لم يتوقف الصراع بين الإصلاح والمؤتمر على الأمور السياسية بل تعدى الأمر ذلك إلى اعتقالات شنتها حزب الإصلاح على قيادات المؤتمر في محافظة مأرب بتهمة الخيانة.

وصدرت توجيهات من مدير من مارب الموالي للحوثي سابقاً والمتنقل لموالاة الإصلاح مذكرة اعتقال بحق رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام وعدد من قيادات الحزب في المحافظة. رداً على وصول البركاني والعليمي لمجلس النواب وقيادة التحالف السياسي.

ومثل ذلك أخرج حزب المؤتمر في تعز أكبر مسيرة في تأريخه بتعز يطالب باعتقال قيادات الجيش المنتمين لحزب الإصلاح متهمينه بارتكاب جرائم قتل وتصفيات لكوادر الحزب في تعز وكذا جرائم بحق فئة السلفيين الرافضين الخضوع للإصلاح.

ويتهم قيادات بالمؤتمر هادي بتمكين الإصلاح  وعلي الأحمر من شراء ذمم عدد من قيادات المؤتمر والذين تحولوا إلى موالين لسياسيات الإصلاح من بينهم وزراء ومحافظين مثل محافظ عدن ومأرب وتعز ولحج وشبوة وأبين وكذا وكلاء محافظات منهم وكيل أول المحافظة عارف جامل ووكلاء في عدن وحضرموت وقيادات إدارات ومؤسسات.

 

اليدومي يعلن الحرب والمقدشي ينفذ

ووصف محمد اليدومي في تغريدة بحسابه بتويتر جهات لم يذكرها بأنها (أيادٍ مرتعشة) وقرأ قيادات المؤتمر ذلك إنه كلام موجه إليهم وإعلان الحرب على المؤتمر من قبل الإصلاح خاصة أتوجيهات اعتقالات قيادات المؤتمر بمؤتمر ترافقت مع حديث اليدومي. الأمر الذي يكشف الحقد والصراع المتراكم وبأثر رجعي بين الطرفين.

من جهة أخرى نفذ المقدشي قرارات ضد مؤتمريين بالجيش ؛ أبرزهم رئيس هيئة الأركان النخعي وقلص صلاحياته وصلاحيات المؤتمري رئيس الدائرة المالية. معلناً انه لا يتم صرف أي مستحقات بالجيش إلا عبره وهي ضمن الحرب بين الإصلاح والمؤتمر وبين الأحمر الذي يتخذ من هادي غطاء لمحاربة قيادات المؤتمر.

يأتي قرار المقدشي الذي تسبب بموجة غضب عارمة، رداً على قرار محافظ البنك المركزي ضمن صراع بين الطرفين إذ يحارب محافظ البنك كل من ينتمي للإصلاح من الوكلاء وقرر مؤخراً منع أي طرف من استلام مرتباتهم بالدولار وعقد اتفاقية مع السعودية التي تمول الحكومة بالرواتب بأن كل ذلك يجب أن يمر عبر البنك الأمر الذي يرفضه قيادات الإصلاح وقيادات تابعة لهادي والأحمر ؛ لأن القرار يمنع عنهم أموالاً وفساد كانوا يجنونها من مرتبات الجنوب بالدولار , أو الريال السعوديّ .

حرب القرارات

العديد من وزارات ومرافق سلطة هادي تحولت إلى مسرح لصرع وانهيار واضح المعالم. إذ تشهد غالبية الوزارات صراع القرارات بين المؤتمر والإصلاح حيث يسابق الإصلاح الزمن لتعيين اتباعه وكلاء ومدراء ينبري المؤتمر العائد بقوة للمشهد إلى اللحاق بالإصلاح في حرب القرارات والأطماع على تمكين اتباعهم في سلطة منهارة.

فوزارات مثل الشؤون الاجتماعية والعمل تشهد صراعاً ؛ إذ أن قرارات قيادات في الإصلاح لا تزال مكدسة لم يتم البت فيها وصراعات أخرى بوزارة الشباب والرياضة ؛ إذ تم مؤخرا تعيين قيادي مؤتمري يدعى (بشير سنان) رئيس لجمعية الإعلام الرياض بوزارة الشباب والرياضة التي يقودها وزير إصلاحي وجاء القرار مفروضاً عليه.

وكذا وزارة الإعلام تشهد صراعاً  ؛ إذ أن القيادي المؤتمري الذي أصبح مواليًا للإصلاح معمر الإرياني يقوم بتمكين قيادات الإصلاح على حساب قيادات المؤتمر لكن الإصلاح لا يزال يشكك بانتماء الإرياني ويقوم بضغوطات على هادي لكي يتم تغييره بوزير ينتمي للإصلاح!.

 

صراع السلطة الهشة!

بدأت تحولات جديدة تظهر على المشهد الحالي لسلطة هادي المسماة (شرعية) وهي عودة عناصر حزب المؤتمر تيار صالح إلى الواجهة في ظل رفض مبطن وغضاضة يبديها حزب الإصلاح الذي اعتقد أنه يسيطر على السلطة وأنه تفرد بها منذ مقتل صالح وتشتيت حزبه.

لكن عودة مجلس النواب واختيار البركاني رئيساً له يعد ضربة قاصمة للإصلاح ما كاد أن يمتصها حتى أتته الضربة الثانية بإعلان (تحالف سياسي لأحزاب اليمن) برئاسة أحد أركان صالح وأحد قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام (رشاد العليمي) ليتم تقزيم الإصلاح وتحجيمه سياسياً في ظل تغيرات المشهد التي يبدو أن الأيادي الدولية أرادته بهذا الشكل لإبعاد الإصلاح من المشهد وتحجيمهم .

جاء ذلك بعد قرارات تمكين أصدرت من هادي ربما بوصاية دولية. مكنت قيادات مؤتمر من مراكز حساسة بسلطة هادي أبرزها تعيين (حافظ معياد محافظا للبنك المركزي اليمني – وسلطان البركان رئيس لمجلس النواب – ورشاد العليمي رئيس للتحالف السياسي – وقبلهم تعيين خالد اليماني وزيراً للخارجية – وأحمد الميسري وزيراً للداخلية – وعبيد الفضلي وزيراً للمالية) وغيرهم.

 

عدم اعتراف بحكومة معين

ويبدو مشهد سلطة هادي التي تطلق على نفسها (الشرعية) معقد للغاية ومثير للشفقة ؛ إذ أن الصراع يفتتها ويقسمها إلى كانتونات ؛ ففي حين يشتد الصراع في أروقة سلطة هادي داخل حكومة معين عبدالملك الخاضع لقرارات لا صلة لها بهادي والمؤتمر ولا بالإصلاح وإنما تخضع مباشرة لتوجيهات السفير السعودي لدى اليمن الذي أصبح هو الآخر مسؤولاً يأمر وينهي داخل الحكومة دون صلته بالأمر ليزيد المشهد تعقيداً وانهياراً.

وبالمقابل يرفض المؤتمريين التعامل مع هذه الحكومة التي يعتبرونها حكومة إخوانية ويشنون عليها الحرب وفي مقدمتهم أحمد الميسري وزير الداخلية الذي يرفض مقابلة أو الاجتماع مع رئيس الحكومة. وبنفس الطريقة يرفض الإصلاح التعامل مع حكومة معين إذ أن مأرب التي يسيطر عليها الإصلاح ترفض التعامل مع رئيس الحكومة أو الاعتراف به أو توريد أي ايرادات لمأرب إلى البنك المركزي اليمني الذي يعترض الإصلاح أيضاً على تعيين مؤتمرياً محافظاً له.

 

كيف يغذي "الإصلاح" الصراع داخل المؤتمر؟

جاء ذلك يعد فشل هادي في لملمة صفوف المؤتمريين الذين غادروا صنعاء منذ مقتل صالح على يد الحوثيين. ومحاولته السيطرة على المؤتمر مدفوعاً من حزب الإصلاح الذي يعتقد قدرته على استخدام هادي أيضاً للسيطرة على المؤتمر بعد اعتقاده بالسيطرة على سلطة هادي وتحكمه بها.

لكن انصدام هادي برفض قيادات المؤتمر تنصيبه رئيساً للمؤتمر دفع بهادي إلى التخلص من أحمد عبيد بن دغر رئيس حكومته وإحالته للتحقيق لجعله مقيدًا سياسياً وغير قادر على منافسة هادي في ترأس المؤتمر باعتبار بن دغر نائب رئيس الحزب المؤتمر بحسب قرار عزل هادي من منصبيه في المؤتمر عام 2014 قبل الحرب بأشهر، والذي كان  هادي يمسك الأمين العام ونائب رئيس الحزب ليحل محله بن دغر نائباً للحزب وعاف الزوكا أمينا عاماً.

ومع تخلص هادي من بن دغر إلا أن أحمد نجل صالح لا يزال يحظى بشعبية قيادات حزب والده ليكون رئيساً للحزب وهذا مقترح يتمسك به سلطان البركاني الذي صار رئيسا لمجلس النواب.

وفي مشهد آخر لصراع المؤتمر يظهر أحمد الميسري زاعماً تشكيل حزب المؤتمر الشعبي العام الجنوبي في محاولة للابتزاز والتمصلح تحت يافطة الجنوب وأبناء الجنوب دون أي صلة بالجنوب إلا جماعة من بقايا حزب المؤتمر الذين لا يزال الميسري يمولهم من أموال وميزانية الدولة ويشتري ولاءاتهم على حساب مرتبات وأموال الشعب الذي لم يجد ما يقاوم به ظروف الجوع وارتفاع الأسعار وانهيار الاقتصاد.

 

تسابق مصلحي

لم تكف أحزاب اليمن جميعها على تقديم مصالحها الحزبية الضيقة ومصالح قياداتها الذين تحولوا في لحظة زمنية قصير إلى مليارديرات في بلد يموت شعبه من الجوع والفاقة.

وتصدر حزبي (المؤتمر والإصلاح) حق الامتياز في تحويل العملية السياسية إلى مزاد علني للبيع والشراء، وتحويل السلطة إلى مزرعة  يتصارع فيها كل طرف ليحصد مناصب وإن كانوا لا يستحقونها مما سبب انتكاسة لكل أشكال الحياة في اليمن.

حتى في أحلك الظروف يتصارع الحزبين ويجران خلفهما أحزابًا أخرى كالاشتراكي والناصري وغيرها، لاستثمار الحرب ونيل مكاسب شخصية وتنامي أرصدة قيادات الأحزاب على حساب وطن أهلكته الحرب ودمره الفقر وقتل رجال ونساءه الحرب، وقضى الجوع على أطفاله.


#
#
#

شارك برأيك