- روسيا تعلن طرد دبلوماسيَين بريطانيَين بسبب التجسس
- مسام ينزع أكثر من ألف لغم وعبوة ناسفة خلال أسبوع
- العثور على جثث 15 مهاجراً قبالة السواحل اليمنية
- الدفاع المدني بشبوة ينجح في إخماد حريق بأحد المحولات الكهربائية بمنطقة خمر
- سلطنة عمان ترفع حظر استيراد الحيوانات الحية من اليمن
- ناشط سياسي يدعو أبناء حضرموت لدعم تحركات النائب البحسني
- وزير الأوقاف يوجه انتقادات ضمنية لرئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك
- لملس يؤكد أهمية العمل المشترك والشفافية لتحقيق التنمية المستدامة في العاصمة عدن
- الهلال الأحمر الإماراتي يدشن مشروع المير الرمضاني بشبوة
- تدشين مسابقة القرآن الرمضانية الرابعة لمنتسبي القوات المسلحة والأمن الجنوبي

لا شيء في مديرية القبيطة - التابعة لمحافظة لحج - يسمى «الصحة» أو «مبنى الصحة». كل ما هو موجود عبارة عن غرفة لا فرق بينها وبين غرفة بيطري الماشية، وما تقدمه من خدمة صحية يُعدّ موسمية عند تحصين الأطفال، أو تدشين عمل صحي مركزي لفترة زمنية محددة. واقع يضطر المواطنون في المديرية، ذات الكثافة السكانية العالية، إلى السفر لمديريات بعيدة بحثاً عن العلاج، وقد يموت بعضهم على الطريق قبل وصوله إلى المستشفى نتيجة وعورة الطريق والمشقة ! .
لا مستشفيات
يقول مدير مكتب الصحة في المديرية الدكتور " محمد سعيد" ، لـ«العربي»، إنه «لا يوجد في القبيطة مستشفى مركزي، ولهذا نعمل جاهدين لدعم المراكز الصحية لكي تؤدي دورها قدر المستطاع، ولا ننكر أن المواطن يجد صعوبة كبيرة في إسعاف الحالات الحرجة نظراً لبعد المديرية عن عاصمة المحافظة، وكذا وعورة الطرق الجبلية المعقدة، وهذا يؤدي إلى زيادة نسبة الوفيات». ويضيف سعيد أن «الظروف المعيشية الصعبة لمعظم سكان المديرية تحول دون تمكن المواطن البسيط من نقل مريضة إلى عاصمة المحافظة والمحافظات المجاورة، حيث لم توفر لنا الدولة حتى سيارة إسعاف للتخفيف عن كاهل المواطن في تحمل أعباء نقل المريض».
ولا مكتب صحة أيضاً
إلى جانب غياب المستشفى المركزي، يغيب عن مديرية القبيطة، أيضاً، مكتب الصحة. وفي هذا الإطار، يشير سعيد إلى أنه «لا يوجد مكتب معنا، ونمارس عملنا (سفري)». وهذا ما يحدث بالفعل، إذ أن مدير مكتب الصحة يمارس مهامه على متن سيارته في مركز المحافظة، لحج، وأحياناً في منطقة صبر، إلا أنه لا يصل إلى مناطق القبيطة للحضور ضمن دوام رسمي ؛ يبرر سعيد ذلك بـ«وجود جبهات قتال في بعض مناطق القبيطة»، مؤكداً أنه «سيعود عند استقرار الأمور»، لافتاً إلى أن «المدير السابق كان مستأجر مكتب في منطقة الهجر، لكن المنطقة يدور بها مواجهات حالياً».
وعن كيفية مواجهة الأمراض الوبائية في ظل وضع كهذا، يشير سعيد إلى أن «معنا فريق تحر وبائي، وفي حال استلامنا بلاغاً عن انتشار وباء، نكلف الفريق بالتقصي والنزول الميداني إذا استدعى الأمر».
ويتحدث عن «رفعنا الكثير من التقارير إلى مكتب الصحة في المحافظة وديوان المحافظة وإلى بعض المنظمات الإنسانية الداعمة، وتلخصت مطالبنا في مجال البناء والترميم والمعدات الطبية والتموين الدوائي، إضافة إلى رفعنا تقارير عن المواقع التي تضررت نتيجة الحرب، وبحاجة إلى ترميم، لكن إلى اليوم لم تستجب لنا أي جهة».
دكاكين ومبان متهالكة
يتلقى المواطنون في القبيطة التطبيب في مواقع أشبه بالدكاكين، وتسمى «وحدات صحية» رغم هشاشة الخدمات الصحية فيها، بل إن بعض المواطنين يسمونها «مستشفى». يجيب المواطن" ناظم مختار"، سؤالنا لدى التقائنا به عند عودته من «وحدة صحية ثباب»، بـ«(أنني آت) من مستشفى ثباب، كنت عند الدكتور». يقول الأهالي إنهم مقتنعون بهذه الخدمات الصحية رغم رداءتها، مشيرين إلى أن أغلبية الحالات تتم إحالتها إلى مستشفى الراهدة في تعز ومستشفى ابن خلدون في لحج.
يوضح الدكتور محمد سعيد أن «المديرية تحتوي على مراكز صحية عددها 7 (متوزعة على سوق الخميس وكرش وعيريم وثوجان والرماء ودياش ونجد ظمران)، إضافة إلى 18 وحدة صحية»، مضيفاً أن «المراكز الصحية أشبه ما تكون بالمستوصف، أما الوحدات الصحية فهي أقل خدمة من المراكز الصحية، وعبارة عن غرف عادية، وخدماتها الصحية ضعيفة». ويرى أن «جميع المواقع تؤدي خدماتها بشكل جيد، على الرغم من وجود كثير من الصعوبات والمعوقات»، أهمها، بحسبه، «النقص في المعدات الطبية، وكذا النقص في الكادر الطبي المؤهل في بعض التخصصات، والنقص الشديد في التموين الطبي الدوائي، وكذلك النفقات التشغيلية للمواقع، فهي غير كافية، فضلاً عن أن بعض المواقع الصحية قديمة ومتهالكة، والبعض الآخر بحاجة إلى الترميم».
الموت على الطرقات
يفيد الأهالي بأن بعض الحالات المرضية، لاسيما من كبار السن، تتعرض للموت في الطرقات قبل وصولها إلى المستشفى، نتيجة وعورة الطرقات وبُعد المسافة بين المديرية والمدينة. الأسبوع الماضي، سقطت الطفلة، مروى عبده هزاع، من سطح المنزل، ولخطورة إصابتها لم يستقبل حالتها أي مركز صحي أو وحدة صحية في القبيطة لضعف إمكانيات تلك المراكز والوحدات، وتم تحويلها إلى مستشفى الجمهورية في عدن، حيث دخلت في غيبوبة بالعناية المركزة - قسم جراحة الأطفال - وما تزال راقدة هناك في ظل عجز والدها عن إيجاد تكاليف مواصلة علاجها على الرغم من أنها في مستشفى حكومي.
أما الحالات التي يتم إسعافها إلى المستشفيات الخاصة فتكاليف علاجها مضاعفة، وتتطلب من أقرباء المرضى تحمل أعباء مالية أكبر من قدرتهم ودخلهم المعيشي. المواطن حسين عبده محمد، من سكان وادي حدابة، يقول إن «منطقتنا بلا وحدة صحية، والمرضى يتم نقلهم إلى الراهدة في تعز، وعندما يمرض المواطن تضاعف مرضه عملية نقله للمستشفى، وبعض الحالات الخطيرة التي لا يستطيع الأهالي توفير تكاليف علاجها، يقومون بالتعاون فيما بينهم لجمع المبلغ المطلوب دون تدخل الجهات الرسمية».
أمل مفقود
هكذا فقد سكان المديرية الأمل بتحسن الخدمات الصحية، وبات إنشاء مستشفى مركزي في القبيطة من المستحيلات بالنسبة إليهم، وأكبر أحلامهم اليوم وحدات صحية فعالة ومتكاملة الخدمات، تعمل على مدار الساعة. أمل يعولون فيه على المنظمات الدولية التي يتمنون، بحسب ما يقول الشاب "عمر محمد عبده" ، أن «تستجيب لمطالبنا، وتساعدنا في توفير الأدوية والأجهزة الضرورية، وتكثف بناء الوحدات الصحية في المناطق المحرومة ذات الكثافة السكانية، وتوفر سيارات إسعاف للحالات الخطيرة، وعدداً من الأسرة المتنقلة لحمل الحالات التي تسكن بمناطق جبلية إلى الطرق التي تسلكها السيارات». ويشير الشاب، في هذا الإطار، إلى أن «الحالات التي تقطن المناطق الجبلية، لاسيما كبار السن، عند نقلها من مساكنها إلى المستشفى، يتم تثبيت كرسي بلاستيك على ظهر حمار، ومن ثم يتم رفع المريض على الكرسي، وإيصاله إلى موقع السيارة».