آخر تحديث :الاثنين 10 مارس 2025 - الساعة:12:35:28
الفدائي المناضل (شيخ الحمزة) وروايته عن ثورة 14 أكتوبر
(الأمناء نت / قسم الرصد :)

 تقوم "الأمناء" بتوثيق ونشر رواية الفدائي المناضل (شيخ الحمزة) قائد (فرقة المجد)، إحدى فرق (التنظيم الشعبي للقوى الثورية) الذراع العسكري الضارب لـ(جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل) في (عدن) عن (أحداث ثورة 14 أكتوبر 1963م المجيدة) والموءودة بمؤامرة 6 - 30 نوفمبر 1967م الإنجليزي..

وأيضا قوله بأن عبدالفتاح أوهم علي ناصر أننا أتينا لاغتيال قيادة الجبهة القومية في تعز، وكذا رأيه انطلاق ثورة 14 أكتوبر عام 1963م هو امتداد طبيعي للثورة الأم 26 سبتمبر 1962م وجاء هذا الحدث لتحقيق هدف من أهدافها لتحرير الجنوب المحتل وطرد المستعمر البريطاني من عدن.

ولتسليط الضوء على أبرز العمليات الفدائية وكيف تم تشكيل التنظيم الشعبي في عدن  المناضل / شيخ أحمد الحمزة السعدي، قائد مجموعة المجد في كريتر وخور مكسر والسلطنة الفضلية، ووثقت معه هذا الحوار الصحفي بعد صمت دام أربعين عاما، وإليكم حصيلة الحوار الذي أجرته معه صحيفة 26 سبتمبر الرسمية :

 

  • حدثنا عن العوامل التي أدت إلى قيام الثورة؟

 كان لثورة مصر 1952م دور كبير في توجيه الأمة العربية عامة لمقاومة المستعمر ليس في اليمن فقط بل في العالم العربي، كما أن العدوان الثلاثي على مصر خلق وعياً ثورياً تحررياً ودفع بحركة القوميين العرب إلى أوج عنفوانها ، وكنا لا نعلم باتجاهات سياستهم.. كل تلك الظروف أدت إلى انتفاضات مثل انتفاضة الزبيري في الخمسينات والتي كانت تعبيرا حياً عن رفض الاحتلال البريطاني ومقاومته، كما اتجهت في تلك الفترة مجاميع كبيرة إلى شمال الوطن لمقابلة الشامي مندوب الإمام في البيضاء منهم الشيخ سالم عمر الدماني شيخ آل دمان ، ومحمد ناصر الجفري ، وآل المجعلي ، وكثير من أبناء مناطق الجنوب من ولاية الفضلي والعوذلي والعوالق ومشيخة عزان ويافع والضالع وردفان والصبيحة، هذا الحراك الذي بدأ بدعمه الشيخ الشامي في البيضاء ولّد نوعاً من الوعي الثوري غير المنظم والرافض للوجود البريطاني ، وعلى إثره برزت انتفاضات بمهاجمة الاستعمار وقيام حركة التحرر في البلدان العربية ، وكان للصدى الإعلامي لثورة مصر دور في بلورة هذا التوجه وهذه العوامل جميعها هي مقدمات لانطلاق الثورة اليمنية.

 

  • كيف بدأ الإعداد والتنظيم لثورة 14 أكتوبر 1963م؟

يمكن الحديث عن التنظيم لثورة 14 أكتوبر 1963م أنه جاء بعد تفجير ثورة 26 سبتمبر 1962م التي اشترك في الدفاع عنها كافة أبناء اليمن من الشمال والجنوب وحملت ضمن أهدافها تحرير الجنوب المحتل..

ومن هنا بدأ التفكير في كيفية تحرير الجنوب ، فبعض التيارات السياسية مثل البعث والرابطة كانوا يناضلون من جل نيل الاستقلال بالطرق السلمية آخذين في الاعتبار والحسابات التقدم الحاصل في العامل الخارجي على المستوى الدولي وتوجه العالم نحو تقرير مصير البلدان المستعمرة ، أي أنَّ العامل الخارجي ومستوى الوعي السياسي لقيادة تلك التيارات جعلهم ينظرون للمعطيات التي أفرزتها حركات التحرر في العالم العربي وما يدور في أروقة الأمم المتحدة التي كان لها توجه بأن تحصل الشعوب المحتلة على حريتها.

لكن بالمقابل كانت تيارات أخرى - مرتبطة بحركة القوميين العرب ، وبالذات نائف حواتمة وجورج حبش ، وعلى رأس تلك التيارات اليمنية عبدالفتاح إسماعيل وآخرون- تنظر إلى القيام بالعمل المسلح (بطريقة سرية) ، واستطاعوا أن يقنعوا كافة المناضلين أنهم مرتبطون بالقومية العربية (جمال عبدالناصر) وذلك من أجل كسب عطف الشعب بينما الحقيقة كان صراعا قائماً في صفوف حركة القوميين العرب بين الاتجاه الشيوعي الذي يتزعمه نائف حواتمة وجورج حبش ، وبين الاتجاه القومي الذي يتزعمه جمال عبدالناصر.

وتفجرت الثورة بسقوط أول شهيد راجح بن غالب لبوزة في ردفان في 14 أكتوبر 1963م وبدأت الثورة تدخل مرحلة جديدة مرحلة التنظيم والإعداد والمواجهة مع الاستعمار البريطاني.

 

  • كيف كانت بداية حياتكم النضالية؟

 كانت البداية عندما كان المناضل علي صالح الجعدني في منتصف عام 1963م قد تعرض للسجن من قبل الإنجليز والسلاطين في عدن مرات ولفترات متفاوتة بسبب مؤازرته لثورة سبتمبر وتحريض الناس ضد الإنجليز والسلاطين ، وعلى إثر ما كان يتعرض له اجتمعنا معه في منتصف عام 1963م في منزل حارة (أول نظرة) في القاهرة بعدن ، وتم الاتفاق أن يتحرك بطريقة سرية إلى صنعاء ، وبالفعل تحرك والتقى بعد وصوله صنعاء بـ20 يوما قائد المخابرات المصرية / جمال زكي ، واتفق معه على كيفية ترتيب العمل ضد بريطانيا وعملائها، وكان ضمن الاتفاق قيام الجعدني بتصوير المعسكرات والمواقع للجيش البريطاني والمؤسسات المهمة التابعة لبريطانيا ورسم خريطة لتحديد المواقع والقيام بتنفيذ ثلاث عمليات فدائية : الأولى في سينما الإنجليز في التواهي ، والثانية بجانب سينما ريجل بخور مكسر ، والثالثة قتل أحد الوزراء في حكومة الاتحاد ، ووافق على ذلك بعد أن يستكمل التصوير وتسليم الصور يتم البدء والتنسيق لوضع الترتيبات ومتطلبات العمل لتنفيذ العمليات المكلف بها ، وعاد بعدها إلى عدن إلى منزل ناصر الصوفي في البريقة ، وأرسل لي وقابلته وأطلعني على نتائج سفره وعودته ، ثم تحركنا معا إلى نفس المنزل في القاهرة بعدن ، ومذ كنا نجتمع في (منزل دلهم أبو بكر) واتفقنا على تنفيذ المهمة الأولى وهي التصوير، وصورنا جميع المعسكرات الحربية في صلاح الدين والمطار والتواهي والسفن والزوارق الحربية واستكملنا المهمة خلال شهرين وتم تصفية الصور في أستديو بكريتر بصورة سرية بمساعدة شخص ثالث معنا ، وقررنا أن نظم معنا ثمانية أشخاص وأصبحنا عشرة ، وكانت خطوة زيادة العدد بقرار انفرادي منا دون علم المخابرات المصرية ، وبعد أن أنجزنا مهمة التصوير تحركنا عبر مكيراس أنا وصالح الجعدني ووصلنا إلى منطقة (امشرف) ، التقينا بالشيخ محمد علوي والشيخ علوي عاطف ، وطلبنا منهم إيصالنا إلى أحد رجال المخابرات المصرية في البيضاء ونسقوا لنا لقاءً مع أحد رجال المخابرات المصرية يدعى (فتحي) والتقينا به في منطقة (امشرف) بحضور الشيخ محمد علوي وعلوي عاطف الشرفي ، وتم الانفراد به من قبلنا على المهمة السرية التي قمنا بها وكان بحوزتنا ظروف الصور الفوتوغرافية والخريطة الهيكلية للموقع ، وطلبنا منه المساعدة في دخول صنعاء مع العلم أنه لم يطلب منا أن نفتح الظروف التي بحوزتنا للاطلاع عليها ، واتفقنا بأن يدخل أحدنا صنعاء والآخر يعود إلى عدن ، وبالفعل تم الاتفاق مع رجل المخابرات على كيفية دخولي ومكثت ليلة ودربني على الرموز والإشارات التي يجب أن اتبعها عند الوصول إلى فندق صنعاء في شارع جمال ليتعرف عليه الشخصان اللذان كانا مكلفين باستقبالي.

وكل شيء سار كما خطط له ، وأخذاني إلى مدير الأمن العام المصري عبر جمال زكي ، وبعد أن تأكد من المهمة المكلف بها تم إيصالي إلى نائب مدير المخابرات المصرية، كان حينها جمال زكي متواجداً في مصر وقبَّضت نائب مدير المخابرات ظرف الصور وظرف الخريطة ، وتم ترتيب تواجدي في صنعاء ، ومرت ثلاثة أسابيع دون عودة جمال زكي وطلب مني نائب مدير المخابرات أن أعود لتنفيذ المهام المتفق عليها من قبلهم ، وطالبت بأن ذلك مرتبط بتوفير الإمكانيات لتنفيذها والتي لم يستطع نائب مدير المخابرات تقديمها بسبب سفر جمال زكي ، وعدت إلى عدن ووجدت زميلي الجعدني مسجوناً ولم أستطع مقابلته..

المخابرات أطلعت بعض عناصر الجبهة القومية على الصور والخريطة التي سلمناها لهم وعن أسمائنا ، وبعد أن أكدوا للمخابرات بأننا من العناصر الموثوق بها قامت المخابرات بإرسال شخص ومعه ثلاث صور كي نتأكد أنه مرسل من المخابرات حدد لي أن أحضر إلى بستان الكمسري في الشيخ عثمان ، وبالفعل حضرت إلى الكمسري حسب الوعد ووجدت الشخص الذي ينتظرني ، وكان المناضل الشهيد / عبدالعزيز عبدالولي يقود سيارة صغيرة وشرح لي أن المخابرات أعطته فكرة عني ، وسألني عن صالح وأخبرته بأنه مسجون وكان ذلك بعد تفجير الثورة ، واتفقنا أن نلتقي اليوم الثاني بالمناضل عبدالله حسن الوهطي (عبدالسلام) وبدأنا ننظم العمل وكان عبارة عن اتجاهات (العمل الإعلامي - العمل العسكري) واتجاه استلام الأسلحة وخزناها وأنا تم تشكيلي في العمل العسكري الميداني.

 

  • ماهي المهام والأعمال التي كانت تسند إليكم؟

كنا عبارة عن خلايا ، والخلية التي تم انضمامي إليها تضم : الحاج صالح باقيس ، وناصر عبدالله الحداد ، وناصر عوض السعدي ، والتحق بنا فيما بعد أحمد طاحل الزامكي ، وكنا نستلم الأوامر من عبدالله حسن (عبدالسلام) وهو الذي يقوم بتوجيهنا للقيام بالعمليات الفدائية.

 

  • ما نوع العمليات الفدائية التي قمتم بها؟

هي العمل المسلح والمواجهة ضد الإنجليز واستخدام القنابل اليدوية والبوازيك ومدافع (3) هنش والبرن ورشاشات بور سعيد، وكنا قبل تنفيذ العمليات الفدائية نقوم بدراسة الهدف والتنسيق للقيام بالمهمة للأهداف الثابتة والمتحركة وبسرية تامة وبتوقيت زمني دقيق ؛ لأن العامل الزمني أحيانا يؤدي إلى فشل المهمة والمساس بأرواحنا، كانت هناك عمليات ذات صلاحية مفتوحة مثل رمي القنابل على الإنجليز والاختباء في الليل - في النهار.. إلخ والعمليات الأخرى كانت تتم لها دراسة وتكليف وهي عمليات المواجهة للأهداف المتحركة أو الثابتة، وكان في الخلايا نظام لتسليم الأسلحة بعد تنفيذ العمليات.

 

  • ماهي أبرز العمليات التي نفذتها الخلية؟

قمنا بتنفيذ عدة عمليات رمي القنابل وضرب الأبراج بالسلاح الشخصي ، وكان ذلك عام 1964م ، وبعد ذلك تغير التكتيك العسكري للجبهة القومية من رمي الأهداف إلى المواجهة وجها لوجه مع الإنجليز وكان ذلك قد أدخل الكفاح المسلح في طور جديد للمواجهة مع الإنجليز.

وكانت أول عمليات من هذا النوع للخلية التي أنتمي إليها استهداف ومواجهة دوريات الجيش البريطاني التي يقوم بها في شوارع المنصورة والشيخ عثمان والتي كانت بصورة مستمرة ، وكان هدف العملية تحدي الدوريات ووقف اتجاه مسيرهم ورميهم بالقنابل وإطلاق النيران عليهم من الرشاشات والبوازيك وجها لوجه ، حيث نفذنا تلك العملية على دورية بريطانية تضم سيارتين وفي كل سيارة 6 جنود وتم إطلاق النيران عليهم بكثافة واستخدام القنابل والرشاشات أثناء اتجاهنا من جولة عبدالقوي إلى المنصورة بجانب عمارة ناصر بريك ، وكانت العملية ناجحة في السيارة حيث قتل جميع من كانوا فيها وأحرقت السيارة، أما السيارة الثانية فقتل 4 جنود وإصابة واحد فقط ونجاة واحد حسب ما تم إبلاغنا به من الجيش العربي الذي تحرك مباشرة إلى موقع الحدث ، ومن جانبنا أصيب الزميل عوض ناصر أحمد البركي الفضلي الذي اشترك معنا إلى جانب أفراد خليتنا ، حيث كانت الإصابة في كتفه وحتى لا يكتشف أمره بحكم العمل السري تم إسعافه إلى تعز وتمت معالجته هناك.

أما العملية الثانية كانت بجانب جولة كالتكس، كنا في انتظار الدوريات المتحركة على السيارات وفوجئنا بسيارة نقل كبيرة قادمة من التواهي وسيارة في الاتجاه الآخر من صلاح الدين تنقل جنود بريطانيين واجهنا السيارتين واستخدمنا السلاح المعتاد وهربنا وحاولوا اللحاق بنا إلى منازل حاشد ولم يعثروا على أثر لنا ولم نعلم كم حصيلة القتلى والجرحى.









































شارك برأيك