آخر تحديث :الاثنين 10 مارس 2025 - الساعة:05:33:54
آخر الأخبار
عدن..هل نقول وداعاً لقراها الزراعية المنتجة وأريافها الواعدة؟
(عدن / الأمناء نت / تحقيق/ أحمد حسن العقربي :)

من المعروف تاريخيا أن القرى الزراعية في ضواحي عدن أو النائية في أطرافها المعروفة بجودة أراضيها منذ أكثر من مائة سنة، قد اشتهرت بخصوبة تربتها وتكاد تكون الزراعة فيها ومراعي الاغنام والابقار والابل العمود الفقري لسكانها لكن ما حدث في السنوات القلائل الماضية وحتى اليوم من الاستحواذ على الأراضي والمراعي وما رافقها من تغييرات عمرانية على حساب الأراضي الزراعية التي حولتها إلى كتل اسمنتية وتحولت قراها من قرى زراعية منتجة إلى قرى استهلاكية وبذلك تكون عدن قد فقدت أمنها الغذائي..

 

 

البكاء على أطلال الماضي الجميل

 

وللوقوف أمام هذه الإشكالية التي باتت تهدد أمننا الغذائي ورزق المزارعين من سكان أرياف عدن خصوصاً بعد أن تلك القرى الكائنة في ضواحي عدن كانت تمثل سلة غذائية عدن بمختلف مديرياتها ولجعل القارئ والرأي العام في المحافظة عن قرب لواقع حال هذه القرى التقينا الخبير الزراعي التعاوني الشعبي نجيب محمد حيدرة العقربي رئيس تعاونية بئر أحمد الزراعية الانتاجية التي تأسست عام 1959 تماهياً مع ما شهدته هذه المنطقة التي كانت تسقى أراضيها من الواديين الكبير والصغير القادم من محافظة لحج حتى يصل بحر الحسوة، ما شهدته من نهضة زراعية شملت زراعة الحبوب والفواكه والخضروات وحينها بلغت المساحة المزروعة من الاراضي الزراعية 600 فدان وكانت تسقى بالآبار الارتوازية امام اجمالي الاراضي الزراعية التي كانت تسقى بمياه الوادي فتقدر بآلاف الأفدنة كما مثلت زراعة القطن فيها حينها من اهم صادرات هذه القرية وكانت تغطي بساتينها ومزارعها مجمل احتياجات عدن من الخضروات والفواكه والانتاج الزراعي المتنوع بالإضافة الى توفير لحوم الاغنام والابقار والجمال بالإضافة إلى تغطية احتياجات عدن من الحليب بأنواعه فضلا عن هذه القرية وغيرها من قرى المحافظة المتناثرة في ضواحيها كقرية امصعبين وقرية دار منصور ومنطقة بساتين الزبود في دار سعد كانت قديما وحتى منتصف القرن الماضي لديها اكتفاء ذاتي من الانتاج الزراعي الغذائي ولا تعتمد على الانتاج المستورد من الخارج باعتبارها قرى انتاجية زراعية.

 

مصير مشاريع الدول والمنظمات المانحة

أما من التقيناهم من المزارعين في قرى امصعبين والعماد ودار منصور وجدناهم في حسرة على الماضي الزراعي الجميل والنهضة الزراعية التي شهدتها تلك القرى فضلا عن منطقة دار سعد ومنطقة بساتين الزبود وخصوصا منذ أوائل الخمسينات حتى مطلع الستينات بل لعل حزنهم كان أشد حينما سألت أحدهم عن مصير مشروع مساقط المياه المدعوم من الحكومة الهولندية بنحو عشرات الملايين من الريالات لتغيير ملامح المجتمعات الزراعية الريفية الفقيرة شملتها استصلاح أراضي زراعية جديدة وأحزمة أشجار لمكافحة التصحر والصناعات الغذائية في الأرياف وإدخال محاصيل زراعية لأول مرة تشهد هذه القرى فضلاً عن تنفيذ مشاريع توزيع الأبقار والأغنام لسكان لتلك القرى بأسعار رمزية بهدف تنمية الريف الزراعي في المحافظة وتوفير الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي لسكان تلك القرى وعدن عموما من حصولهم على مجمل أنواع الخضار والفواكه ولحم الماشية والأبقار والحليب الطازج حيث استمر هذا المشروع استمراره سنتين إلا أنه انحسر بعد سنة من تنفيذه بعد أن كانت تلك القرى بفعل هذا المشروع أشبه بجنات خضراء وإذا بها تتحول بعد سنة من تنفيذ المشروع إلى صحراء جرداء بسبب زحف الرمال والرياح وتحولت أحزمة الأشجار الحامية والمصدة للرياح إلى أشبه ما تكون بأعواد يابسة للاحتطاب بعد أن فقدت المياه وقلَّة العناية بسبب انقطاع الميزانيات التشغيلية التي تكفلت بها الدولة بعد تنفيذ المشروع؛ لكنها لم تفِ بالتزامها للفلاحين التي اخذته على نفسها للمتابعة المستمرة وتأمين استمرار المشروع حتى بعد الانتهاء منه من قبل الجهة الدولية المانحة وهذه الظاهرة للأسف أعاقت الكثير من المشاريع التي أصبحت متعثرة ولم تعرف طريقها إلى التنفيذ في عدن بسبب ما قاله ل"الامناء" أحد الأهالي عن تلك القرى وغياب الميزانيات التشغيلية التي كان ينبغي للجهات الحكومية ذات العلاقة أن تعتمدها فور انتهاء تنفيذ المشروع الدولي الممنوح له لقرى المحافظة من قبل الدول والمنظمات الدولية المانحة.

 

حتى لا تفقد قرانا الزراعية وظيفتها الانتاجية

 

أما المهندسين والباحثين الزراعيين فقد عزوا تحول قرى عدن الزراعية لقرى استهلاكية إلى انقطاع السيول وبسبب ابتلاع الأراضي الزراعية من قبل المتنفذين وسماسرة الأراضي واستقطاع الأراضي الزراعية للبناء دون تخطيط وبطريقة عشوائية على حساب توفير الغذاء للمحافظة وكذلك تجريف الأراضي الزراعية مما يهدد عملية التنمية في تلك القرى.

الكولاك الجدد هم السبب

 

أحد المزارعين من كبار السن ويدعى المزارع محمد سلوم من قرية دار منصور قال لي :" أن من أسباب تدمير الأراضي الزراعية هم لصوص الأراضي والمتنفذين والمستثمرين الوهميين والأثرياء القادمين من أراضي الاغتراب يأتون لشراء الأراضي الزراعية بغرض الانتاج الزراعي، لكنهم ليسوا من ممتهنين الزراعة وليس لهم خبرة بالزراعة فيكون بذلك قد أسهموا في تدمير الزراعة وعبثوا بالأرض نتيجة غياب الخبرة والتفكير غير الرصين، وحينها يفشلون في الزراعة وبعد ذلك يعرضون الأراضي الزراعية للمزاد العلني كأراضي عقارية بهدف البناء المعماري على حساب وظيفة الأرض وهي الزراعة "، وبعض الأهالي من منطقة بئر أحمد قالوا :" الأرض أجدبت بعد انقطاع السيول وعدم تعويض الحكومة الفلاحين الزراعيين والملاك الصغار للأراضي الزراعية جراء قانون الإصلاح الزراعي فضلا عن البسط لتلك الأراضي بغير وجه حقوق وما جرى لهذا التصرف من تدمير للأراضي الزراعية في تلك القرى وغادر أبناء المزارعين بسبب ذلك إلى المدينة لبحث عن وظائف مكتبية أو العمل في مؤسسات خاصة أو حكومية بعد أن فقدوا الرزق في الأرض وعدم تعاون الحكومة ممثلة بوزارة الزراعة والري والاتحاد التعاوني الزراعي بتقديم القروض وإصلاح السدود المدمرة وتصفية الأراضي الزراعية، ناهيك عن محلات البيع الجنوني للأراضي الزراعية وابتلاعها والاستحواذ عليها، والتي لم تترك أي مساحة لإقامة مشاريع خدمية أو اجتماعية أو صحية أو ثقافية ولم يتركوا شيئا".

 

أما آن الأوان لتعود القرية لوظيفتها الانتاجية؟

 

أما الأعيان والوجهاء والمثقفون الشباب في تلك القرى اقترحوا العلاج لهذا العبث بأراضيهم وأمنهم الغذائي وبثروة الأجيال وضرورة إعداد استراتيجية جديدة لاستغلال إمكانيات تلك القرى الزراعية في أرياف وضواحي عدن القريبة والنائية وإشراك الأهالي في تقرير مصير هذه الأراضي وحمايتها واستغلالها الاستغلال الأمثل ووضع حد لبيع الأراضي وتخصيص مساحات من هذه الأراضي للتنمية الزراعية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والصحية والثقافية والشبابية والرياضية.









































شارك برأيك