آخر تحديث :السبت 13 يوليو 2024 - الساعة:00:02:00
مدير عام مستشفى الجمهورية في حوار مع "الأمناء": ثلاجة الموتى تعجُّ بالجثث المجهولة بسبب تعقيدات النيابة العامة والشرطة
(تقرير/ أحمد حسن العقربي)

يعاني مستشفى الجمهورية في العاصمة عدن الكثير من المنغصات إضافة إلى الكثير من التحديات التي تعيق خدماته الإنسانية تجاه المواطنين ، كما عانى الكثير أثناء الحرب الحوثية وبالرغم من ذلك صمد هذا المستشفى بالرغم من المعاناة الشديدة التي عاناها الدكاترة والطاقم التمريضي وإدارة المستشفى ، وهناك المشاريع المتعثرة التي لم تنفذ بسبب الحرب مما زاد الطين بلة وزاد من هموم قيادة المستشفى التي تعمل في أحلك الظروف وشحة الإمكانيات ، ولولا الإخلاص الوطني لمديرها الجرباء والدكاترة والطاقم التمريضي لأصبح في وضع يرثى له.

وكذلك بالرغم من أعمال الترميم الجزئي الذي قدمه الهلال الأحمر الإماراتي ومساعدات دول التحالف لمحاولة تمكين المستشفى من إعادة الروح له وتقديم الخدمات إلا أن الترميم لم يشمل مبنى المستشفى كاملاً والأقسام التي تضررت ، حيث تركزت أعمال الترميم في بعض الأقسام ، وهناك المستشفى بحاجة إلى إعادة ترميم كامل أقسامه وتجهيزه بالأجهزة الطبية والأثاث وإصلاح البنية التحتية حتى يتمكن هذا المستشفى من استيعاب  كل الحالات المرضية والصمود أمام الضغط الذي هو حاصل عليه بعد أن تحولت كل الحالات العسكرية وضحايا الحروب والانفجارات والحرائق والانتحارات الشخصية لتصل إلى هذا المستشفى الذي إمكانياته لا تسمح باستيعاب كل الحالات لكنه يعمل كمن يبحث في الصحراء ولم يسمع لشكواه ومعاناته أحد .

فضلاً عن نقص الكادر الطبي وفرض بقاء المتقاعدين دون معالجة أوضاعهم فيصبحون عبئا على المستشفى ، ويحرم المستشفى من حقه في توظيف كادر طبي جديد.

وهناك المشاريع المتعثرة التي لم تنفذ حتى الآن بسبب الحرب مما زاد الطين بلة وزاد من تحديات وهموم قيادة المستشفى التي تعمل في أحلك الظروف وشحة الإمكانيات والضغط المكثف للحالات المرضية.

 

المشاريع المتعثرة.. إلى أين؟

ولتعريف القارئ عن معاناة هذا الصرح الطبي العريق التقت الصحيفة بالدكتور أحمد سالم الجرباء مدير عام هيئة مستشفى الجمهورية الذي أجاب عن أسئلتنا بكل شفافية حول المشاريع المتعثرة أجاب بالقول :" حقيقة المشاريع المتعثرة الحديث عنها مهم وهي خارج إطارنا ومرتبطة بالجهات الممولة مثل تعثر مشروع بناء قسم الحوادث والطوارئ الجديد الممول من سلطنة عمان عبر الصندوق العربي للتنمية الذي توقف بسبب الحرب ، حيث وضعت له الأساسيات والقواعد وتقدر تكلفته بحسب الاتفاقية بين بلادنا وعمان بأكثر من 20 مليون دولار وهو عبارة عن مبنى حوادث وطوارئ يغطي عدن والمحافظات المحيطة علماً بأن مبنى الطوارئ الحالي في المستشفى لم يكن مصمم للحوادث والطوارئ ".

ومضى بالقول :" المطلوب الآن من الجهات المسؤولة وخصوصا الحكومة بعد توقف الحرب في عدن وتطبيع الوضع فيها واستقرار الأمن يفترض عليها متابعة الجهات الممولة لإعادة العمل وخصوصا من قبل وزارة الخارجية ووزارة التخطيط أسوة بما استؤنف العمل في الطريق البحري الذي عندما رأينا استئناف العمل فيه يحدونا الأمل أن يستأنف العمل في مشروع قسم الطوارئ ، وهناك مشروع متعثر آخر توقف بسبب الحرب وهو مشروع إعادة تأهيل العيادات الخارجية الذي دمر جزء منها ، إلى جانب تعثر مشروع المستودعات الطبية الواقع بجانب المستشفى ".

 

حاجتنا إلى المراكز الطبية المتخصصة

وفي رده على السؤال المتعلق بالمراكز الطبية المتخصصة التي تزمع إدارة المستشفى تنفيذها قال :" حقيقة هذا مهم ، فنحن كهيئة نرى أهم شيء نحن بحاجة إليه الآن وتحرك مياهه الراكدة هي المراكز المتخصصة ، والمستشفى بحاجة إلى حوالي 10 أو 12 مركزا طبيا متخصصا ، والدراسات موجودة لكننا نبحث عن ممول ومن أهم المراكز هي مركز العظام ومركز أمراض وجراحة القلب المفتوح ومركز أمراض وزراعة الكلى ومركز آخر هو مركز الحروق ".

كما أشار بالقول :" لا يوجد أيضا حتى مركز خاص بجراحة الأطفال ولا يوجد قسم للجراحة حتى الآن في مستشفى الجمهورية ولا حتى مركز آخر لجراحة المخ والأعصاب ولا مركز لأمراض وجراحة العيون ".

وأفاد أنه : " بالرغم من وجود الدراسات لهذه المشاريع المقدمة من دول التحالف هناك وعود بالتجاوب لكن لم نرَ شيئا ملموساً ، علما أن دول التحالف تركز على الإغاثة الطبية والإنسانية ونحن بدورنا نأمل من الحكومة أن تتابع الدول الممولة ودول التحالف ".

كما تطرق إلى المشاريع الأخرى التي توقفت خلال الصراعات الماضية قبل الحرب إذ أن المؤسسات الطبية كانت تعاني من استنزاف لكوادرها الطبية وبعضهم تعرضوا لإهمال خلال العشرين السنة الماضية ، إذ وصل عدد الطاقم الطبي للمستشفى حوالي 1000 كادر جراح منهم 175 كادراً أحيلوا إلى المعاش ، إلى جانب 25 كادرا خرجوا (معاش صحي) أحيلوا إلى بيوتهم ، ولدينا حوالي 40 كادرا طبيا من الأطباء غير موجودين في هيئة مستشفى الجمهورية التعليمي حالياً هم في السعودية والإمارات ، وهناك 255 ممن توظفوا مؤخراً .. فلابد من إعادة النظر في القانون الأعوج فمن حق الموظف أن يحال إلى المعاش ، ومن حقي أنا أن أوظف ، أما ترك المتقاعدين بدون إحالتهم ومنعنا من متابعة إحالتهم إلى المعاش فهذا تعسف علينا ويعيقنا من توظيف كادر جديد ".

 

التدريب في المشمش !

 

وحول التدريب والتأهيل قال د. الجرباء :" إن التدريب في الداخل والخارج تم إيقافه منذ فترة طويلة ولا يوجد معنا غير الكادر الحالي ، ولدينا أيضا مشكلة في الكادر التمريضي "، وأضاف الجرباء :" فرض علينا قبول 60% في إطار التمريض ليس لهم علاقة بالتمريض من الناحية الفنية ولم يقدموا شيئا ومحسوبين أنهم ممرضين واضطرينا لأن نعمل لهم دورتين في التمريض المهني وفي التدريب العملي فإنه من الناحية القانونية لا يجوز توظيف أي شخص إلا وهو مؤهل من الناحية الفنية ومع ذلك فقد نظمت لهم إدارة المستشفى دورات بالتنسيق مع معهد أمين ناشر للعلوم الصحية لمعالجة هذا الوضع ".

 

تخلي المستشفيات العسكرية

 

وحول العبء والضغط الحاصل على مستشفى الجمهورية لاستقباله إلى جانب الحالات المدنية الحالات العسكرية شكا د. الجرباء بالقول :" نحن يفرض علينا استقبال الحالات المدنية والعسكرية أيضا علماً بأن هناك مستشفيات عسكرية يفترض أنها تقوم بخدماتها الطبية تجاه المستشفى للقطاع العسكري ، ونحن منذ تأسيس المستشفى في عام 1954م كان معنياً بالحالات المدنية ولا علاقة لنا بمعسكرات الدفاع والداخلية والحالات في قطاع الشرطة وحتى من المقاومة والحالات القادمة من المخا فهذا يشكل عبئاً علينا ".

 

وضعية ثلاجة الموتى

 

وحول وضعية ثلاجة الموتى قال مدير المستشفى :" لدينا حاليا ثلاجة حديثة و45 سريراً تستوعب المكيفات ، وهي مقدمة من الهلال الأحمر الإماراتي ، لكن المشكلة توجد في تراكم الجثث دون أن تدفن بسبب الاجراءات الروتينية المعقدة والرتيبة من قبل النيابات العامة والشرطة والمحاكم ، وللأسف قد امتلأت الثلاجة بالجثث ونحن أخطرنا رجال المباحث والنيابة العامة ويفترض بعد مدة محددة يتم القيام بإجراءات الدفن إذا ظلت الجثة مجهولة ويمكن معالجة ذلك حتى مع الجمعيات الخيرية " .

 

 

حل مشكلة المتعاقدين

 

وحول إشكالية المتقاعدين أكد (الجرباء) أنه : " سيتم تثبيتهم ، وهذا الشهر سيصل التعزيز بعد موافقة المالية ومنهم 195 شخصاً ، وسيستلمون رواتبهم ، والهيئة تعاقدت مع 25 طبيبا لتسيير العمل في المستشفى وهذا من ميزانية المستشفى وليس من الحكومة ".. كما تطرق إلى مشكلة الغسيل الكلوي : " أن لدى المستشفى 100 مريض في هذا القسم إلى جانب القسم الآخر التابع لابن محفوظ وهو خاص من حيث التموينات لكنه يعتبر في إطار مستشفى الجمهورية من الناحية الفنية والماء والكهرباء ، ومهمتنا في الغسيل الكلوي هي مشكلة الدولة التي لا توجد لها سياسة واضحة فيما يتعلق بالتعامل مع الغسيل الكلوي إذ لم تتوفر محاليل الغسيل في السوق وأي مسؤول يتشدق إعلاميا أنه سيتم معالجة هذا الإشكال لكن نسمع جعجعة ولم نرَ طحيناً ".

وفي آخر الحديث طالب د. الجرباء الحكومة بتأهيل مبنى المستشفى وتجهيزه وتأثيثه كاملاً لأن التأهيل الذي تم بعد الحرب يعادل 50 سريراً فقط وكذا تأهيل سريع لحل المشكلة فقد وعد مركز الملك سلمان في هذا الخصوص وكذلك متابعة سلطنة عمان الممولة للمشاريع التي قد بدأت وتعثرت بعد الحرب .

 



شارك برأيك