- صحيفة: مخاوف أمنية تعيق فتح طريق تعز خلال رمضان
- تشييع أم تجنيد؟ الحوثيون يستغلون جنازات قتلاهم
- مركز الملك سلمان يوقع اتفاقية مع البرنامج الإنمائي لاحتواء تسرب الوقود من سفينة "روبيمار
- لجنة اعتماد مساكن الحجاج تواصل استعداداتها لموسم الحج بزيارة المساكن في المدينة المنورة
- الرئيس الزُبيدي يناقش مع الفريق الصبيحي مستجدات الأوضاع العسكرية والإنسانية
- أسعار الخضروات والفواكه اليوم السبت 1 مارس بالعاصمة عدن
- أسعار المواشي المحلية بالعاصمة عدن اليوم السبت الموافق 1 مارس 2025
- أسعار الأسماك اليوم السبت 1 مارس 2025م في العاصمة عدن
- الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الشباب والرياضة وجهودها لتطوير البنية التحتية
- الرئيس الزُبيدي يطّلع على الأوضاع الخدمية والأمنية والعسكرية في محافظتي أبين والضالع

يستعدّ مرفأ المخا اليمني التاريخي على ساحل البحر الأحمر لاستعادة نكهة القهوة اليمنية الشهيرة التي عرفت باسمه عالمًيا (موكا)٬ بعيدا عن نكهة البارود الذي أخفى هيبة المكان والتاريخ٬ وذلك بعد أن حوله الحوثيون وصالح إلى مرفأ عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية عبر قوارب صيد٬ ومن ثم نقلها إلى المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات٬ حاملة السلاح والممنوعات والعناصر الإرهابية.
واستعادت القوات المسلحة اليمنية بمساندة جوية من قوات التحالف العربي مدينة المخا بعد ان قامت بتحريرها بالكامل من قبضة الحوثيين وقوات صالح٬ الذين عاثوا فيها فساداً خلال الفترة الماضية.
تقع المخا على بعد نحو 90 كيلومتر غرب مدينة تعز٬ على ساحل البحر الأحمر٬ ولا يتجاوز عدد سكانها 30 ألف نسمة تقريًبا٬ واكتسبت شهرة تاريخية لأنها كانت الميناء الذي يصدر البُن اليمني الشهير ما بين القرنين الثاني عشر والسابع عشر٬ حينما كان الميناء مزدهرا٬ خاصة في عهد العثمانيين الذين كانوا يسيطرون على مناطق شاسعة من اليمن٬ وتحديدا في شمال وغرب البلاد.
وبحسب بعض الروايات التاريخية٬ فإن العثمانيين كانوا يفرضون على السفن أن ترسوا في ميناء المخا٬ من أجل جباية أموال مقابل عمليات الرسو٬ لكن في المجمل٬ فإن المخا ميناء يمني قديم وشهير٬ ولم تقتصر الأنشطة الاقتصادية فيه على تصدير البُن٬ وإنما مختلف أنواع البضائع٬ وخاصة المواشي وعمليات التبادل التجاري التي كانت سائدة بين اليمن ودول القرن الأفريقي.
الرحالة "جيرونيمو لوبو"
وطبقاً لرواية الرحالة "جيرونيمو لوبو" الذي أبحر في البحر الأحمر عام 1625 كانت المخا مدينة صغيرة وذات شهرة ضيقة ، لكن منذ أن سيطر العثمانيون على معظم أجزاء الجزيرة العربية أصبحت مدينة مهمة رغم أنها لم تكن مكان إقامة الباشا الذي يبعد عنها مسيرة يومين٬ وتحديًدا في صنعاء.
وعرف اليمنيون البن منذ القدم حيث عرف باسم (Coffee Mocha) نسبة لمرفأ المخا التاريخي٬ وتشير مصادر تاريخية إلى أنه تم شراء أول شحنة من قبل الهولنديين من ميناء المخا عام 1628 .
مع ذلك كان البرتغاليون هم أول من تعرف على القهوة اليمنية من الأوروبيين نظرا لغزوهم سواحلها الغربية.
وقد تزاوج الاقتصاد بالسياسة بالدين في مدينة المخا٬ فإلى جانب أنها ميناء استراتيجي٬ فهي تضم معسكرات منذ مئات السنين٬ وكأي مدينة ساحلية تمتاز بطابع معماري خاص بها٬ وبطقوس شعبية ودينية متميزة٬ ففي هذه المدينة جامع الشاذلي٬ وهو أحد شيوخ الصوفية على الطريقة الشاذلية٬ وعلى بعد بضعة كيلومترات من المدينة توجد بلدة (يختل)٬ وبها مقام ومزار الشيخ الصوفي (ابن علوان) . وتصارع هذه المدينة – اليوم - للحصول على حريتها٬ بعد أن عاثت فيها الميليشيات الانقلابية فسادا٬ً كما هو الحال مع بقية المدن اليمنية التي يسيطر عليها الانقلابيون. فقد تعطلت الحياة الاقتصادية وتوقفت دورتها في المدينة والميناء٬ الذي يقع في منتصف الطريق – تقريباً - بين محافظتي الحديدة وتعز.
إهمال مطلق
ورغم الاستغلال الاقتصادي الذي تعرضت له مدينة المخا٬ طوال ثلاثة عقود وأكثر من حكم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح٬ كمركز اقتصادي ومالي وميناء شهير٬ فإن المدينة لم تحصل على أبسط الرعاية الحكومية في عهد صالح٬ على مستوى البنية التحتية والتحديث والتطوير لمؤسساتها المهمة وخاصة الميناء٬ إضافة إلى الإهمال المطلق الذي وجدته المدينة القديمة٬ حتى أن معظم بناياتها التاريخية صارت أثرا بعد عين.
والمخا ليست مجرد مدينة تاريخية وميناء وحسب٬ فهي أيضا مدينة سياحية بامتياز٬ فلديها عدد من الشواطئ في المناطق المحيطة بها٬ وتتميز تلك الشواطئ بالمزارات الدينية والأدوية الزراعية وبأشجار النخل الباسقات التي يكثر انتشارها في تلك السواحل - كما هو الحال مع ساحل تهامة الغربي - للهروب لكثير من اليمنيين إبان احتلال وقال همدان العليي الكاتب السياسي اليمني إن مرفأ المخا شكل منفذً الميليشيات الحوثية للعاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014.
وأضاف: )كثير من المواطنين وجدوا فيه ملجأً ومنفذاً لدول الجوار بعد أن بطشت بهم آلة الحرب الحوثية وحلفاءها من قوات صالح(
واستبدل اليمنيون زراعة البن في عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح بزراعة نبتة القات التي استهلكت المياه الجوفية نظراً لحاجتها لكميات كبيرة من المياه٬ بعد أن توقفت الدولة عن دعم مزارعي البن.
ويعد اليمن البيئة الأنسب لزراعة البن٬ من حيث المناخ الاستوائي والأمطار المستمرة٬ كما أن شجرة البن لا تحتاج أسمدة أو مبيدات حشرية.
ويقول أحد أبناء تعز- وهو صحافي وسياسي (فضل حجب اسمه) - : ( إن المخا مدينة يمنية حميرية ضاربة في عمق التاريخ اليمني٬ وذكرت في نقوش المسند ونقلت شهرة اليمن إلى أرجاء المعمورة٬ باعتبارها الميناء الرئيسي لتصدير البن اليمني) ٬ ويضيف: (أن نظام صالح حول المخا إلى أوكار للمهربين والمتاجرين بالبشر وظل أبناء المدينة أحرارا بحرية البحر الذي اعتمدوا عليه في معيشتهم اليومية٬ وما زالوا محرومين من مظاهر التنمية والتطور٬ بل حرص النظام على أن يظل أبناء المدينة بعيدين عن التعليم والصحة... واليوم ستعود المخا همزة بين جزيرة العرب والقرن الأفريقي)٬ مردفا أن : (مدينة المخا مدينة مفتوحة على العالم بكل أجناسه وأعراقه وثقافته ودون تمييز٬ فآثارها التي تركها السلف للخلف سجلت تعايش كل الأجناس. (
المواقع التاريخية والأثرية
مدينة المَخا القديمة : تعتبر مدينة المَخا القديمة إحدى المدن التاريخية الهامة، وكانت تحتوي على العديد من المواقع الأثرية ، حيث أتى على ذكرها الرحالة " نيبور " في يومياته التي سجلها عند زيارته للمدينة ما بين عامي (1762 - 1763 ميلادية) بقوله: (إن المَخا مدينة مأهولة بالسكان ومسوّرة، بالإضافة إلى السور توجد أبراج للحراسة على طريق مَوْزع منتشرة بين المدينة وبير البليلي، وعلى البحر تطل قلعتان مزودتان بمدافع، وهما قلعة "طيار"، وقلعة " عبد الرب بن الشيخ الشاذلي "، وبعض البيوت داخل سور المدينة مبنية بالحجارة بطريقة جميلة مشابهة لطريقة بناء بيوت بير العزب في العاصمة صنعاء، أمَّا أكثر البيوت سواءٌ داخل السور أو خارجه فإنها عبارة عن أكواخ مخروطية من العشش المبنية بالقش، وفي خارج المدينة تنتشر أشجار النخيل بكثرة ، وبين هذه الأشجار توجد حدائق جميلة وكان يضم سور المدينة خمسة أبواب هي :
1- باب العمودي، 2- باب الشاذلي، 3- باب فجير، 4- باب صندل، 5 - باب الساحل
الميناء القديم: يقع على الساحل الغربي من مدينة المَخا، ولم يتبقَ من معالمه سوى بقايا أساسات من الحجارة مطمورة بالرمل، وتمتد على مسافة حوالي (30 - 50 متراً) إلى البحر، ويستدل من تلك الأساسات وجود آثار مبنى لمسجد وأحجار دائرية الشكل كانت تستخدم لطحن الحبوب، أمَّا فناء الميناء الذي تصل مساحته حوالي (40 × 12 متراً)، بُني على أساس خرساني، ويوجد في قمته صحن دائري من معدن النحاس يرتبط بسلم حديد إلى أسفل، وموقع الميناء بصورة عامة يعاني من الإهمال ويتزايد سوء الموقع نتيجة للعوامل البيئية والرطوبة العالية التي تؤدي إلى زيادة مظاهر الصدأ والتآكل الذي ينخره يوماً بعد يوم .
جامع الشيخ " الشاذلي " وضريحه : يعد من أهم المعالم الأثرية في مدينة المَخا، وينسب إلى الشيخ أبو الحسن "علي بن عمر بن إبراهيم بن أبي بكر بن محمد دعسين القرشي الصوفي الشاذلي " وهو أحد مشائخ الطريقة الشاذلية في اليمن خلال القرنيين (الثامن والتاسع من الهجرة)، وقد ترجم له المؤرخ " الشرجي " في كتابه " طبقات الخواص " ص 233 بقوله: (وقد كان له مكارم وفضائل ، يعين الفقراء والوافدين بماله وجاهه، وكان له زاوية يشتغل بالعلم ويتوافدون إليه طلابه وأصحابه ، توفيَّ عام (821 هجرية)، قبره في مدينة المَخا ) ، وفي عام (1399 هجرية) تم إعادة ترميمه وتوسيعه مع رفع الأسقف بواسطة أعمدة خشبية، ويحتوي المسجد على عدد تسعة قباب متراصة على هيئة ثلاثة صفوف، ولم يبقَ من المعالم الأثرية للمسجد سوى بعض الزخارف النباتية والهندسية بطريقة الحفر البارز على السقف الخشبي في بيت الصلاة، وكذلك بقايا المأذنة في الناحية الجنوبية الغربية من المسجد ، ويلاصق المسجد في الناحية الجنوبية "ضريح الشيخ الشاذلي" وهو عبارة عن بناء مربع الشكل من الحجارة والطوب المحروق وتغطي السقف قبة ذات مقرنصات ترتكز على حنايا ركنية مصمتة وتضم القبة إلى جانب قبر " الشاذلي " عدداً من القبور ترتفع عن مستوى الأرض بمقدار( 80 سم) على هيئة مصاطب مبنية بالحجارة والقضاض.
* الشرق الأوسط بتصرف