آخر تحديث :الاثنين 25 اغسطس 2025 - الساعة:14:32:16
صهاريج عــــدن التاريخية .. حياة عدن وتاريخها
(الأمناء نت /كتب / محمد كليب أحمد)

 

تمتلك مدينة عدن العديد من المقومات التي جعلت منها مدينة حيوية تحتضن في ثناياها مظاهر الحياة المدنية وكل العناصر المؤهلة لحياة مجتمع متطور إلى حد كبير مقارنة بنظيراتها في المحيط الجغرافي أو مثيلاتها في المنطقة ..

فبرغم طبيعتها الصخرية ومساحتها المحدودة ( وأقصد بذلك عدن القديمة ) فقد أستطاع ساكنيها تطويع تلك الطبيعة لصالح الحياة واستمرارها ، باعتبارها مستقر حتمي للعيش أو مزاولة الأنشطة الحياتية والتجارية تحديداً وباعتبارها "فرضة العرب" أو نقطة تجارية مهمة للوصل بين التجارة العالمية .

  ولطبيعتها الصخرية تلك كانت مشكلة المياه في صدارة الاهتمامات ، واستفاد أبناء المنطقة الجبلية البركانية من تضاريس المدينة وخاصة في منطقة (كريتر) والتي كانت مركز المدينة القديمة في احتواء مياه الأمطار الموسمية وتخزينها للاستفادة منها بقية أيام السنة .

وقد تنبه لذلك جيداً الاحتلال البريطاني منذ بداية تواجده في عدن ، حين جعل هذه المدينة كنقطة تزود وتموين للسفن البريطانية ، أو الجيش البريطاني المتواجد هناك ، ويقال ان الانجليز قد واجهوا – لمرات عديدة – مقاومة من القبائل في عدن لقوافل المياه التي كانت تنقل المياه لهم ، ففكروا في الاستفادة من صهاريج عدن وترميمها لتكون مصدراً مهماً لتلبية احتياجاتهم واحتياجات المدينة أيضاً .

وأوكل البرجدير كونينغام (المقيم السياسي البريطاني) مهمة ترميم الصهاريج لمساعده الكابتن بليفر الذي أشرف على عملية الترميم حيث سمي أكبر صهريج في عدن بإسمه والذي يتسع لأربعة مليون جالون من الماء .. وقد أمتدت فترة الترميمات تلك من عام 1854 وحتى فبراير 1899م ، حيث تم خلالها ترميم وإظهار 18 صهريجاً .

ووثقت تلك العملية بلوحة رخامية مكتوبة بالانجليزية مؤرخة في 20فبراير1899م توضح ذلك الحدث .

 

     

  وإذا كنت قد اجتهدت اليوم لإعادة لفت النظر إلى هذا المعلم التاريخي والحضري الهام في مدينة عدن ، فأنني أحاول جاهداً أن أذكـّـر بأهمية هذا الموقع على عدة أوجه ، أولاها وأهمها هو المناداة بإعادة تأهيل هذا الموقع الهام للاستفادة منه مستقبلاً في ظل أي من الظروف التي قد يفاجأ بها سكان المدينة نفسها – لا قدر الله – بالانقطاع الطويل للإمدادات الحديثة للمياه من خلال الأنابيب ، أو حصول كارثة مفاجأة لكل القاطنين في مجرى مياه الأمطار والسيول فيما إذا حصلت أمطار غزيرة ولم تعد الصهاريج قادرة على احتوائها ، كما حصل في الماضي القريب .

أن مثل هذه  الصهاريج العظيمة التي كانت سبباً في استمرار الحياة المدنية للمدينة ، وحامية طبيعية لها من كوارث الأمطار والسيول ، اليوم أصبحت في حالة يرثى لها ،ومؤسفة جداً وتدمي القلب ..

  أوجه نداء صريح ومباشر لقيادة المحافظة ومكتبها التنفيذي وصندوق التراث وكل ذوي الاختصاص بالالتفات بعناية بالغة ، والاهتمام بشكل جاد ومسئول لهذا الموقع التاريخي والهام من جميع أبعاده ، وأظنأنه من المعيب أن يكون الأجانب والغرباء من قام بترميمه لنا ، ونحن من أهملناه لهذه الفترة الطويلة حتى صار على هذا الحال المحزن !

    فهل سنجد المبادرة الجادة لمثل هذا المشروع الحيوي الهام في الفترة القريبة القادمة وعلى المدى المنظور حيث تتشابك ايدينا لإعادة اعمار ما خربه الزمن وأهملته القيادات السابقة ؟ حيث أضع نفسي رهن الإشارة للإسهام في مثل هذا العمل التاريخي لمستقبل مشرق لهذه المدينة العريقة وأبنائها الطيبين ! 


#
#

شارك برأيك