
اتسمت الضربات الإسرائيلية الأخيرة على أهداف الحوثيين في صنعاء بطابع مختلف، إذ طالت مواقع عسكرية وأمنية واقتصادية للمليشيات.
وحملت ضربات الأحد، وهي الموجة الـ14 من الغارات، رسائل إسرائيلية مغايرة للحوثيين، أبرزها شل البنية التحتية المزدوجة للجماعة على خطى شل القدرات العسكرية لما تسميه تل أبيب "خصمًا بعيدًا".
وجاءت هذه الضربات بعد يومين من إطلاق مليشيات الحوثي صاروخًا برأس انشطاري، يقول خبراء يمنيون إنه حمل رسالة "إيرانية" ردًا على تحركات إسرائيلية في البحر الأحمر تضمنت إجراء مناورة عسكرية.
ووفقًا لمصادر أمنية لـ"العين الإخبارية"، فقد استهدفت ضربات الأحد "إدارة أمن صنعاء"، "موقعًا عسكريًا في نقم"، و"محطتي توليد كهرباء في حزيز"، و"خزاني غاز"، و"محطة شركة النفط" في شارع الستين.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف موقعًا عسكريًا يضم القصر الرئاسي، ومحطتين لتوليد الطاقة، وموقعًا لتخزين الوقود، عبر غارات نفذتها 10 طائرات إسرائيلية باستخدام أكثر من 35 صاروخًا وقذيفة.
كسرت قاعدة "العمى"
وقال المحلل السياسي اليمني عبدالله حسين إن الضربات الإسرائيلية الأخيرة "كسرت قاعدة العمى الاستخباراتي" التي مارستها تل أبيب عمدًا أو دون قصد خلال 13 موجة سابقة، ركّزت على استهداف البنية الاقتصادية ذات الاستخدام العسكري.
وأوضح حسين لـ"العين الإخبارية" أن "الهجوم الحوثي بصاروخ ذي رأس انشطاري حمل رسالة إيرانية يوم الجمعة ردًا على تحركات إسرائيلية في البحر الأحمر، تضمنت مناورة عسكرية".
وأضاف أن "الغارات الإسرائيلية يوم الأحد اتسمت بطابع مختلف من حيث نوعية الأهداف، وحملت رسائل قوية بأن الهجمات الحوثية المدعومة من إيران لن تمر دون رد، لذلك طالت مواقع عسكرية وأمنية واقتصادية مهمة".
وأشار إلى أن "بعض الأهداف الحوثية مكشوفة وسهلة، لكنها ذات أهمية كبيرة من الناحية العسكرية واللوجستية"، لافتًا إلى أن "إسرائيل اختارت مواقع مؤثرة في قدرات الحوثيين عبر ضربات سريعة وفعالة".
وأكد أن "البنية التحتية المستهدفة تشكل العمود الفقري لقدرات الحوثيين سواء في التمويل أو الإمداد، وتدميرها يضعف قدرة المليشيات على تنفيذ عمليات جديدة".
فعل ورد فعل
من جانبه، يرى الخبير العسكري اليمني العقيد محسن ناجي أن "الغارات الإسرائيلية الأخيرة على صنعاء كانت مختلفة عن الموجات السابقة، التي ركّزت على أهداف اقتصادية صِرفة، وفي مقدمتها ميناء الحديدة الذي أُخرج عن الجاهزية".
وقال ناجي لـ"العين الإخبارية" إن الغارات الأخيرة استهدفت "حرمان الحوثيين من مصادر الدخل التي توظفها المليشيات في تمويل مجهودها الحربي، سواء من ميناء الحديدة الذي يُستخدم أيضًا محطة لاستقبال الأسلحة، وصولًا إلى ميناء الصليف ومطار صنعاء ومحطات الكهرباء ومصانع الحديد والإسمنت".
وأضاف أن "الرد العسكري الإسرائيلي بات شبه روتيني، ويندرج ضمن معادلة الفعل ورد الفعل، دون أن تتمكن إسرائيل من وضع حد للخصم البعيد عنها"، مشيرًا إلى أن هذا يكشف استمرار افتقار تل أبيب "للمعلومات الدقيقة حول معسكرات ومنشآت عسكرية سرية تتعلق بمخازن الصواريخ والطائرات المسيّرة ومراكز التدريب التي أقامها الحوثيون في بطون الجبال".
وعن أسباب تركيز إسرائيل على البنية التحتية، أوضح ناجي أنها "تحولت فعليًا إلى منشآت ذات طابع عسكري بعد أن وضعت المليشيات يدها على المؤسسات العامة وغيّرت وظائفها بالكامل".
وأضاف أن "إسرائيل حين تهاجم أهدافًا سهلة، فهي تدرك أن الحوثيين يستفيدون منها بشكل حيوي في تمويل نشاطهم العسكري".
ويتفق مع ناجي المحلل السياسي اليمني حسان الياسري، الذي قال لـ"العين الإخبارية" إن "إسرائيل لا تزال تفتقر إلى المعلومات القادرة على إحداث شلل داخل الجماعة، لذا لجأت إلى تقويض قدرات الحوثيين عبر استهداف مصادرهم الاقتصادية التي تموّل عملياتهم العسكرية".