آخر تحديث :الاربعاء 01 مايو 2024 - الساعة:16:44:19
(الأمناء) تفتح ملف تدهور التعليم في عدن .. أسبابه ، نتائجه وحلول إنعاشه4-2 (تقرير وصور)
(متابعة / دفاع صالح)

 

ذات عام في عهدٍ مضى أُعلنت عدن مدينة خالية من الأُمية، وذات أعوام عجاف كان التجهيل هو السلاح الأشد فتكا والذي استخدمه نظام الاستبداد والإقصاء لإفشاء الأمية في (مدارس التعليم) بأساليب وطرق ملتوية لتظل عدن في فخ موقوت تغفو فيه لتصحو على عالم مفجع لا يمت لريادتها ومدنيتها بصلة..
على صفحات (الأمناء) نناقش وضع التعليم في تلك السنوات العجاف، وسبل انعاشه كخطوة أولى لعودة روح التعليم إلى عـدن، قلب الجنوب النابض..

الطالب والمدرسة .. علاقة واهية
لأسباب تراكمت منذ أعوام تلاشت تلك العلاقة الحميمية بين الطالب والمدرسة، ومنذ أن غابت أنشودة (مدرستي أحبها ،،، كما أحب بيتنا) عن المنهج المدرسي غابت معها روح الانتماء، كانت تلك الكلمات البسيطة تعني الكثير لأولئك الذين أصبحوا الآن مابين متسرب ومنقطع وحاضر بجسده فقط في صرح تربوي شهد تراجعا لا نظير له.
تراجع العلاقة  بين الطالب والمدرسة هو موضوع ثاني حلقات هذا الملف الذي تكرسه صحيفة (الأمناء) للحديث عن تدهور التعليم في عدن، فما هي الأسباب التي أفضت إلى علاقة واهية بين الطالب ومدرسته؟!
منهج معقد وواجبات مدرسية مكثفة
تحدثت الطالبة رنا علوي عبد الله عن أمور كثيرة أدّت إلى ضعف العلاقة بين الطالب والمدرسة أهمها التشديد الزائد من قبل الإدارة والنظام التعليمي الذي يستند إلى مناهج مكثفة تعتمد على الحفظ ، وغياب الأسلوب التشويقي في التعليم..
 تقول رنا : (ونتعلم الحاسوب دون أن يكون هناك تطبيق ، وتوجد مكتبة ولا توجد حصص  خاصة بدخول المكتبة للإطلاع ، ولا توجد وسائل تعليمية واضحة ، المعلم يشرح وعلينا نحن أن نتخيل كل شيء ، والطلاب ليسوا بنفس المستوى فهناك من يفهم بسرعة والبعض يحتاج وقت للاستيعاب ولكن المعلم لا يقدر ذلك ، إضافة إلى المجاملات والتمييز ، والإهانات التي يتعرض لها الطلاب من قبل بعض المعلمين)
وذكرت الطالبة مها الخطيب بعض الأسباب المتمثلة بكثرة الواجبات المدرسية والأسلوب الروتيني في التعليم وصعوبة المنهج المدرسي، وغياب المكتبات والمختبرات العلمية ، وضعف الأنشطة المدرسية.
أمانة التعليم
حين تتلاشى أساسيات العلاقة بين الطالب والمعلم يصبح المعلم مجرد آلة تضع المعلومات دون مراعاة الجوانب النفسية والاجتماعية للطالب.. هكذا ترى فوزية علي – معلمة ــ ، وتضيف : (وحين تُّبنى العلاقة على الخوف من قبل الطالب والتسلط من قبل المعلم تصبح العلاقة ذات صدى غير طيب وبالتالي يولد لدى الطالب شعوراً بعدم الرغبة في التعليم).
من جانبها تؤكد المعلمة أرزاق زين أن معظم المعلمين والمعلمات يتبعون أساليب العنف والعقاب والتسلط وهذا ما يجعل الطالب ينفر من المدرسة – من وجهة نظرها.
ويرى الأخ خالد مصطفى الكعكي – ولي أمر – أن التعليم أمانة يجب أن تؤدي على أكمل وجه ، وأن المدرسة بمن فيها يشكلون أسرة واحدة ولا بد أن يسود فيها الاحترام والعطف المتبادل بين المعلم والطالب والإدارة المدرسية ، وكما يقول يجب أن تكون العلاقة وطيدة وقائمة على هذا الأساس ، فالطالب حين يحب المعلم يحب المادة وبالتالي يحب التعليم.
تعليم خارج المدرسة
الاستشارية التربوية تقية نعمان –– تحدثت عن رأيها حول وظيفة المدرسة في الوقت الحالي ، فقالت : ( أعتقد أن المدرسة قد فقدت وظيفتها ، فقد انتقل التعليم لخارج المدرسة والدليل أن التلميذ (الطفل) في الصفوف الأولية إذا لم يعلمه أهله في المنزل لن يتمكن  من القراءة والكتابة ، بينما نحن تعلمنا في المدرسة ولم نتعلم خارجها لأن أمهاتنا معظمهن أميات ، ليس هذا فحسب وإنما أصبحت المدرسة فقط لتجميع التلاميذ ، حتى أنها لم تعد مكان جاذب للأطفال ، ولهذا نجد أن التلاميذ هم من يحددون بداية الدوام ونهايته، ونجد الطلاب خارج المدرسة قبل انتهاء الدوام الرسمي وهم يحددون بداية العام الدراسي ، فالوزارة تحدد التقويم المدرسي والإجازات ولكن على مستوى الواقع نجد أن الطلاب لا يلتزمون بها)
وأردفت: (عملية التعليم والتعلم هي نظام يجب أن يتجدد دوماً ويواكب التطور التكنولوجي والمعرفي ، والمعلم بحاجة إلى تأهيل وإعادة تأهيل، وهنا يأتي دور وزارة التربية والتعليم ، إضافة إلى أن البيئة الاجتماعية للمدرسة أرى أنها ضعيفة، وكلها مجموعة تراكمات أدّت إلى وجود هذه الأزمة غير العادية التي تتطلب دراسات اجتماعية معمقة ، إضافة إلى الدور المجتمعي الذي يجب أن يكون مؤثراً).
فجوة تتعمق
الأخ ماجد علوي عمير – معلم فيزياء – يتساءل عن دور الجهات الرسمية ومهامها في توفير المتطلبات الأساسية والفرعية للمدارس ، وكذا الخدمات التي تجذب الطالب للمدرسة كالملاعب والصالات الرياضية ووسائل الترفية كالفنون والموسيقى ، وأكد على أهمية أن تكون لهذه الجهات أدواراً أكبر بعيداً عن الدور الروتيني، وضرورة مواكبة الأحداث فيما يخص توفير متطلبات التعليم الحديث.
وقال : ( كذلك فالإدارة المدرسية غاب عنها الاهتمام بالطلاب من حيث عدم مراعاتها لجوانب عديدة واللامبالاة وعدم الاكتراث وضعف الجانب الإداري والتنظيمي والتربوي والذي أدّى إلى التسيب وازدياد الفجوة بين الطالب والمدرسة ، أما العلاقة بين الطالب وطاقم التعليم فهي علاقة سلبية ، من خلال عدم تكريس طرقاً حديثة في التدريس ومعاملة الطالب كإناء يجب أن يمتلئ بالمعلومات دون النظر إلى الجوانب المتعددة المساعدة في النمو العلمي للطالب، وبالتالي فإن معظم الطلاب يرون أن المدرسة لم تعد تلبي احتياجاتهم وطموحهم ، وما يتطلعون إليه ، مما يولد لديهم اليأس ، ويرون أن الذهاب للمدرسة مجرد واجب يجب القيام به وإلاَّ سيعاقبون).
كما أشار إلى أن دور الأسرة يشهد تراجعا ملحوظا في الاهتمام والمتابعة لأبنائها الطلاب.
ظاهرة اجتماعية
يرى د/سيف محسن عبد القوي – أستاذ علم الاجتماع والانثروبولوجيا المعاصرة – كلية الآداب ، جامعة عدن أن إشكالية نفور التلاميذ من المدرسة أصبحت ظاهرة اجتماعية يتطلب الوقوف إزاءها وقفة جدية.
ويقول : ( هذه الظاهرة تتطلب دراسات دقيقة فهي لم تعد جانب خفي ، فالطالب أصبح يشعر بالاغتراب بين ما يدرسه والواقع الاجتماعي المعاش ، والمعلم نفسه يشعر بالاغتراب بسبب وجود التناقض بين ما يعطيه للطلاب والواقع، وكما نعرف فإن المدرسة تعد أهم ركائز التنشئة الاجتماعية بعد الأسرة ، لذا وجب الاهتمام والتناغم بين الأسرة والمدرسة، أضف إلى ذلك ضعف الأداء للمعلمين وعدم امتلاكهم الأدوات المناسبة للتعامل مع التلاميذ بشكل يكسب ثقتهم، وعدم مواكبة الجديد في تقنيات التعليم والتعلم).

أولويات عاجلة
ليس من السهل أن تعود العلاقة بين الطالب ومدرسته إلى مجراها الطبيعي، لكن الصمت أمام التدهور الواضح لتلك العلاقة لن يزيدها إلا ضعفا، لذا فمن الأولويات التي طرحها المتحدثون لتحسين تلك العلاقة ما يلي :
•    إعادة النظر في المنهج الدراسي ومضمونه المتكامل، وإشراك لجان متخصصة متكاملة الجوانب في إعداد المناهج.
•    الاهتمام بالكادر التربوي من حيث التأهيل المبكر في طرائق التدريس.
•    تفعيل دور الإشراف الاجتماعي كي يبقى حلقة وصل بين الطالب والإدارة من أجل مراعاة الجوانب النفسية للطالب.
•    الاهتمام بالنشاطات اللاصفية ومراعاة جوانب الابداع والابتكار لدى الطلاب.
•    إرساء أسس صحيحة لمجالس أولياء الأمور كإحدى الحلقات الجوهرية في سلسلة العلاقة بين الطالب والمدرسة.

 

 



شارك برأيك