آخر تحديث :السبت 01 فبراير 2025 - الساعة:11:20:14
الضالع القنبلة الموقوتة .. هل ننتظر انفجارها؟ شكاوى ومناشدات متواصلة لإهمال المقاومة فيها (تقرير)
(تقرير / أكرم القداحي )

 

خاضت الضالع مع بقية المدن الجنوبية المحررة، حرباً شرسة ضد مليشيات "صالح والحوثي"؛ وأصبحت مثالاً للصمود الذي لم ينكسر طيلة هذه الحرب، حيث قالت: لن يمروا، فلم يمروا ولم يستطيعوا إليها سبيلاً، وكانت مقبرة حقيقية للغزاة، ومقبرة أيضاً للعديد من (أنبل الشباب)، الذين استشهدوا دفاعاً عن كرامتهم، وحتى لا يُقال: "من هنا مرت المليشيا إلى عدن"؛ ولكنها في هذا الجحيم كله، وبعد أن أمنت نفسها في الحرب دون أن يستطع أحد اختراقها، عادت لتنظر إلى جسدها، الذي لم يشعر بتلك الضربات، فوجدت الكثير من الجروح التي ملأت جسدها أثناء الحرب، وخرجت مشاكل كثيرة من هذا الركام، قضايا إنسانية مؤرقة، عوائل الشهداء، جرحى لم يتم معالجتهم، ونزوح كبير وبيوت مدمرة، ومقاومة تشتكي الإهمال، ورغم أنها المدينة الأولى من حيث تحريرها، إلا أن الكهرباء لا تزال تخوض حرب مقاطعة لهم، جحيم وحسرة وعذابات لا يعلم بها إلا الله، ولا أحد سيكرم ذلك العزيز الذي يعفُّ عن السؤال؛ ظناً أن أحداً سينصفه..  

مؤشرات خطر

وقد طرأت على الساحة ظواهر ربما قد تبشر بقادم سيءٍ لا قدر الله وسط هذا الإهمال، لمستقبل هذه المدينة، حيث تحدث وشكا لنا الكثير من أبناء الضالع،  والذي أكدوا في أحاديثهم، واتصالاتهم أن هناك مجاميع تتحرك ليلا ونهارا، ومثلها مجاميع تأتي قادمة من محافظات أخرى، جنوبية وشمالية، مسلحة وغير مسلحة، مما أوجد بعض الشكوك حول تلك التحركات المريبة.

ويرافق هذه التحركات المريبة، إهمال لأفراد وقيادة المقاومة الجنوبية المرابطة في الضالع، "الأمناء" بدورها تطرقت وناقشت ونقلت بعضاً من مناشدات أفراد المقاومة، المرابطين في نقاط ومعسكرات الضالع، الذين شكوا معاناتهم من عدم توفر المواد الغذائية، والملابس الخاصة بالبرد القارس، التي تشهده المحاظة هذه الأيام، ونقص المؤن العسكرية، ورغم كل تلك المناشدات، لم يسمع أحد لتلك المناشدات، لا قيادات المقاومة والسلطة المحلية، ولا رئيس الجمهورية ودول التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية ودولة الامارات.

فئات مظلومة ومهضومة

وفي هذه الأثناء، تعاني الضالع من اضطرابات ومناشدات هنا وهناك نتيجة للإهمال وعدم رعاية أسر الشهداء، وكذلك معالجة الجرحى، حيث أن بعض الأعضاء في أجسادهم وخاصة أماكن الإصابة والتقرحات، قد تعفّنت بسبب طول فترة القعود منهم، ويشعر معظم جرحى حرب التحرير بالتقصير الكبير، من قبل الجهات المختصة، وطالبوا بسرعة معالجتهم ونقلهم الى الخارج، والا فإن الوضع قد يشهد مزيداً من التوتر في الأيام القادمة، وهذا ربما لن يخدم أحداً..

وما يزيد الطين بِلّة، هو أولئك النازحون، الذين عادوا بعد الحرب، ليجدوا بيوتهم، مجرد أطلال، وأصبحوا يعانون الأمرين، جوع، وفقر، ومرض، وعوز، ودمار، حيث تنام العديد من الأسر، في العراء وفي قاعات المعاهد، والهناجر، وبعض الخيام، وفي بعض البيوت التي ليس لها أسقف..

انشغال قيادتها بتأمين عدن

ومع انشغال قيادة مقاومة الجنوب ومنها توأمي النضال الطويل "عيدروس وشلال"، واللذين ضلا زمناً طويلاً في الضالع، وتعودت الضالع على ألا تفارقهم، حيث ضلت حضنهم الدافئ طوال سنوات الثورة، فكانوا أكثر المبادرين لحل أي إشكالات تقع في المحافظة.

وشارك القياديان في المقاومة والعديد من القيادات، أبناء الضالع أفراحهم وأتراحهم، واستمروا سنوات طوال في ظل غياب السلطة والمحاكم، فحلوا بحراكهم وثورتهم ومقاومتهم الجنوبية، محل المحاكم والأمن وغيرها، من أجهزة الدولة حيث مثلوا الدولة، دون أن توجد في أيديهم أبسط إمكانياتها؛ وساعدهم في ذلك القبول والحب الشعبيان اللذين حضيا به. 

تشخيص المشكلة وحلها

ومن خلال متابعة ما يدور في الضالع وكل ما سبق في التقرير، فإن المشكلة تكمن في غياب البديل المناسب للقياديين الزبيدي وشايع في الضالع، شريطة إعطائهم إمكانيات، لحل مشاكل أضافتها هذه الحرب إلى مشاكلهم الأصلية، وكي يتمكنوا من حل كثير من القضايا الإنسانية ومتابعتها، وإزالة حالة السخط والإجحاف الذي بدأ يشعر به المواطنون هنا حالياً..

 

وشهدت محافظة الضالع قبل أيام عديدة، نتيجة تفاقم المشاكل حالة من الغليان، بسبب الاحتجاج على أشياء عدم معالجة الجرحى، حتى وصل إلى إيقاف حركة السير، إلا أن ذلك قوبل برفض شعبي واسع، من قبل المواطنين والسياسيين والشباب والنشطاء وكافة شرائح المجتمع هناك.

ولكي يتم منع هذا الإرباك وحدوث المشاكل، وهو أيضاً أولى أولويات الحلول لما تعانيه الضالع، هو العمل بجد من قبل قيادة المقاومة، وبقية الشرائح المهمة في المجتمع، وخاصة محافظ المحافظة ووكلائه وبدعم من الرئيس هادي، والتحالف العربي، وسرعة معالجة الجرحى، ونقل الحالات الخطرة الى الخارج، والنظر بملفات رعاية أسر الشهداء والنازحين، ومتابعة إعادة الإعمار، وتوفير الدعم اللوجستي للنقاط الأمنية وبقية معسكرات المقاومة في الضالع، ودعم إدارة الأمن بما يلزم، وتشكيل لجنة أو المساعدة في فتح المحكمة؛ لحل قضايا الناس، وتغطية الفراغ الكبير الذي تركته قيادة المقاومة، أثناء انشغالها بتأمين العاصمة عدن ومساعدتها على النهوض، وتفويت الفرصة على المتربصين.




شارك برأيك