آخر تحديث :الاثنين 29 ابريل 2024 - الساعة:01:39:20
السند القانوني لفك الارتباط موجود وتأكيد العكس هرطقة قانونية وسياسية (3-3)
(الأمناء/ كتب/ د. محمد علي السقاف:)

إهـــداء إلى شباب ونساء الجنوب والشهداء والجرحى والمعتقلين، اعلموا أن نضالكم بفك الارتباط له أساس قانوني مطلق.

 

أمثلة للتدخل المباشر في الشأن الداخلي

هناك أمثلة أخرى في تدخل مباشر لمجلس الأمن في الشأن الداخلي لبعض الدول وانتهاك سيادتها ونعطي مثالين لذلك في كوسوفو وساحل العاج ومثال ثالث خاص باليمن.

في كوسوفو:

 فرض قرار مجلس الأمن ( 1160) وبتاريخ 31/3/1998 على دولة صربيا التي تتبعها كوسوفو بإعطائها نظام حكم محلي واسع الصلاحيات.

وفي قرار آخر برقم (1244) لعام 1999 فرض على دولة صربية بموجب الفصل السابع الإدارة الدولية على كوسوفو وما يعنى في الحالتين أن الدولة الصربية لا تستطيع تطبيق نصوص دستورها وقوانينها على جزء من أراضيها التي تتبع لسيادتها.

في ساحل العاج:

 فرض قرار مجلس الأمن رقم (1721) بتاريخ 21/11/2006 تقاسم السلطة بين الرئيس جاباجبو والمتمردين عليه.

في اليمن:

 قرار مجلس الأمن رقم (2014) بتاريخ 21/10/2011 بشأن التسوية السياسية لأزمة السلطة في اليمن حيث أن المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن المذكور يجسدان مثالين صارخين في التدخل المباشر في الشأن الداخلي لليمن وانتهاك سيادتها على مستوى اليمني والقوانين اليمنية الأخرى.

فبالنسبة للانتهاك المباشر للدستور اليمني تمثل بإلزام الرئيس السابق علي عبدالله صالح بالتخلي عن الرئاسة قبل نهاية مدتها الدستورية في سبتمبر 2013 وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ( مدتها سنتين فقط/ بينما المدة الدستورية هي سبع سنوات) ويتم انتخاب الرئيس عبده ربه كمرشح وحيد بغياب مرشحين منافسين وفق نصوص الدستور خلافا إلى تصويت مجلس النواب على قانون الحصانة للرئيس المخلوع والمقربين منه ضد أي ملاحقة قضائية لهم بمخالفة صريحة للدستور والقوانين اليمنية، والدفع على تشكيل حكومة وفاق وطني هل الإجراءات التي فرضت فرضا ليس على الحكومة الرسمية حينها فحسب بل أيضا على أحزاب المعارضة بالتوقيع عليها من الجانبين الرسمي والمعارضة يعتبران تدخل في الشئون الداخلية من قبل مجلس التعاون الخليجي ومجلس الأمن الدولي لدولة هل يمكن اعتبارها دولة ذات سيادة أم دولة واقعة تحت الوصايا الإقليمية والأممية حسب تعبير البعض؟

 

لا توجد حاجة إلى استخدام مبدأ حق تقرير المصير في القضية الجنوبية

لأنها أصلا قد حصلت على استقلالها من بريطانيا في نطاق ممارسة حقها في تقرير مصيرها ضمن مرحلة تصفية الاستعمار والمطلوب الآن هو:

 

  1. التوصل إلى اتفاق مع الشريك الآخر في دولة الوحدة حول شروط فك الإرتباط معهم سلميا، والتفاوض في كيفية تصفية إلتزامات كل طرف نحو الطرف الآخر في طريقة تسديد مستحقات الجنوب من الموجودات التي تم الاستيلاء عليها بعد حرب 1994 إضافة إلى المشاريع والاستثمارات التي تم تموينها من موارد الجنوب لميزانية الدولة التي تمثل تلك الموارد 80% منها
  2. استخدام الاستفتاء الشعبي لأبناء الجنوب إذا كان ذلك ضروريا كآلية ديمقراطية فقط لمعرفة رأي الشعب الجنوبي ليس في أحقيته في استعادة دولته السابقة ( هذا الحق ليس مجال للتفاوض فهو حق طبيعي مكتسب حصل عليه باستقلاله من بريطانيا 1967) ولا نبالغ إذا قلنا أن الشعب نفسه لا يمكنه ولا يحق له التخلي عن دولته وإنما الاستفتاء المطلوب تنظيمه في إطار خيار ديمقراطي بحث حول مشروع قومي في التوحد مع جاره أم الانكفاء على نفسه في المرحلة الحالية والعودة إلى دولته ما قبل 22 / مايو/1990 وأهمية تغيير نظام السياسي والاقتصادي لدولته المراد استعادتها.

 

حول تفسير قراري مجلس الأمن الدولي برقمي (924/931) لعام 1994

ذكر الباحث المودع عدة نقاط بخصوص القرارين بعضها صحيح وبعضها غير صحيح بالمطلق والبعض تم إغفالهما.

ما هو صحيح قول البعض بعدم جواز الوحدة بالقوة ( والقائلين بذلك حدث لديهم التباس بين ما نص عليه بيان مجلس التعاون الخليجي في الدورة 51 لوزراء الخارجية المنعقد في 4-5/يونيو/1994 والذي أكد فيه على عدم جواز فرض الوحدة بالقوة) وهو ما لم يرد في قراري مجلس الأمن الدولي الذي أكد على ذلك بشكل غير مباشر بأن الخلافات السياسية لا يمكن حلها من خلال استخدام القوى المطالبة بالحوار بين قادتي الدولتين هو لم يرد أيضا بالقرارين ولأول مرة أسمع شخصيا أن هناك من الجنوبيين من ردد ذلك.

اعتبار القرارين كمرجعية قانونية للمطالبة بحق تقرير المصير والانفصال، وهذا لم يرد في القرارين ولم أسمع أو أقرأ أن أحدا أعتبر ذلك مرجعية قانونية، أما ما هو غير صحيح في ادعاءات المودع هو ما يلي:

دعوة مجلس الأمن حل الخلافات السياسية بين الطرفان لماذا يا مودع في القرار (931) أشار في الفقرة ( 6) ما لم يذكره في الفقرة (3) من القرار (924) حول نفس الموضوع بأن طالب في القرار (931) بأن يتم الحوار دون شروط مسبقة لمعرفة الإجابة على هذا السؤال عليك بقراءة التقرير الأول للأمين العام حول الأزمة الذي ذكر فيها بأن صنعاء طالبت مجلس الأمن بإدانة قرار الانفصال حسب تسميتها والتأكيد على الشرعية الدستورية وهو ما رد عليها مجلس الأمن بالدعوة إلي الحوار دون شروط مسبقة مما يعنى رفضه إدانة قرار البيض بفك الارتباط بتاريخ 21/ مايو/1994م ورفضه إدانة ذلك يمكن أن يفسره البعض مثلي بأنه إقرار مباشر بمشروعية فك الارتباط أخذين بعين الاعتبار أن قرارات كثيرة في الماضي لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة أدانتا بشدة محاولتي الانفصال كاتنجا عن الكونغو وبيافرا عن نيجيريا.

أما قول المودع إشارة القرارين إلى الحالة في (اليمن) والجمهورية اليمنية فهذا أمر طبيعي وبديهي لأن الحرب الدائرة حينها تمت في ذلك النطاق الجغرافي فهل كان المطلوب أن يقول عن النزاع أنه تم بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وجمهورية العربية اليمنية وهما تنازلا مؤقتا سيادتهما لكيان اسمه الجمهورية اليمنية.

ما أرادا إغفاله المودع في القرارين مقارنتهما بقرار 2014 لعام 2011.

لم يشر القراران إطلاقا إلى موضوع الوحدة اليمنية مثلما أشار إليهما القرار(2014)

ذكر القرار (931) خاصة إلى وجود طرفان في الفقرة (4) باللغات الإنجليزية والفرنسية والعربية

ولعل أحد الفقرات المحورية والهامة تشير إلى نظرة أعضاء مجلس الأمن أن النزاع الذي أنفجر في حرب 1994 ضد الجنوب ليس بنزاع داخلي بإشارة حيثيات بداية القرار (924) بقوله أن مجلس الأمن إذ يأخذ باعتباره مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة له أبعاد كثيرة نشير باختصار بما يلي فيما يتعلق بمقاصد الأمم المتحدة وفق المادة الأولى الفقرة (1) تقضى بحفظ السلم والأمن الدولي تتخذ الهيئة التدابير . لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها.

وتنص الفقرة (2) من المادة (1) بإنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس إحترام المبدأ الذي يقضى بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها ويعنى ذلك الدول ملزمة دوليا بالإمتناع عن اللجوء إلى التهديد أو إلى استعمال القوة ضد الشعب المطالب حقه في تقرير مصيره وبذلك إدانة إلى شعار الوحدة أو الموت وإشعال الحرب ضد الجنوب

المادة (2) فيما يخص مبادئ الأمم المتحدة نصت الفقرة (4) بوجوب امتناع الأعضاء في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة (ولاحظوا الفقرة التالية) أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة.

وهنا أسأل المودع: لماذا في القرار (2014) المتعلق بأزمة السلطة في اليمن لم يشر هو ولا القرار اللاحق للمجلس الذي صدر منذ أيام لم يشيرا إلى مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة؟ أليست هذه نقطة اختلاف جوهرية بين الحالة الجنوبية والشمالية وبين حالة أزمة السلطة في صنعاء؟

 

في الخــــلاصــة:

التلميح بأن الجنوبين لو نجحوا في الحصول على فك الارتباط من الذي يضمن لهم أن لا تطالب غدا حضرموت بالانفصال هذا تهديد مجاني وغبي وتدخل مباشر في شؤون الجنوب الداخلية.

السؤال للمودع: لماذا يطالب الجنوبيون بفك الارتباط مع الشمال منذ عام 1994م أي بعد نحو (4) سنوات من قيام الوحدة وتأكيد ذلك بشكل أكبر مع ميلاد الحراك في 2007 أي بعد (7) سنوات من قيامها ولم يطالب أبناء حضرموت طيلة (33) عاما منذ الاستقلال في 1967 حتى 1990 بالانفصال عن الجنوب؟

ألا يعني ذلك أن الهوية واحدة بين أبناء الجنوب وهذه الهوية الواحدة حين اصطدمت بالهوية الشمالية المختلفة هنا ظهرت مطالب فك الارتباط ومع ذلك أقول إن الجنوبيين سيعثرون على حل ملائم بتبني الفيدرالية في إطار الجنوب وإعطاء الفرص بالتعبير عن أية مطالب أخرى قد تظهر بين أفراد الشعب الجنوبي.

في الحقيقة كثيرون من القيادات في الشمال ومن نخبها يرجحون أن يتعرض الشمال إلى التمزق إلى دويلات انفصالية فهم بهجومهم على مطالب الجنوبيين يوجهون رسائل إلى أبناء اليمن الأسفل أن الجنوب الذي كان دولة قبل الوحدة أظهرنا قانونا عدم جواز فك ارتباطه مع الشمال فماذا تتوقعون أن يكون وضعكم يا أبناء تعز وتهامة وكما أشرنا إذا كان الجنوب لم يشهد مطالب انفصالية في تاريخه المعاصر شهدت تهامة عبر قبائل الزرانق في فترة حكم آل حميد الدين لليمن مطالب بالانفصال تقدمت بها إلى عصبة الأمم وأقامت الزرانق الشافعية دولتها الخاصة به في سهل تهامة إلى أنه تم سحقها( فريد هاليداي): الصراع السياسي في شبه الجزيرة العربية في صفحة 146.

استناد الباحث إلى نص حكم المحكمة العليا الكندية بقوله إن قضية الانفصال ليست بالعملية السهلة والمقبولة حتى في الدول الديمقراطية المتطورة فكيف هو الحال في دولة شبيه باليمن، فالحكم المذكور الصادر في 28/8/1998 اعتبرا أن قرار الانفصال بإعلان من جانب واحد يتعارض مع الدستور الكندي وتوقف إلى هنا المودع ولم يذكر بقية الفقرة والقاضية بأن الدستور الكندي لا يمكن أن يقف موقف اللامبالة إذا كان هناك تعبير صريح لأغلبية واضحة من مواطني كبيك يعبرون عن رغبتهم ألا يكونوا جزءا من دولة كندا.

هذه هي الديمقراطية على الأقل في كندا بعكس اليمن التي تسمح لمقاطعة كبيك بإجراء استفتاء حول رغبتهم بالانفصال أم لا لماذا لا تقوم اليمن بذلك لأبناء تعز وتهامة فالجنوب حقوقه مضمونة.

وأشير في نهاية النهاية أن شعب أريتريا حصل فعلا على استقلاله من أثيوبيا بعد حرب تحرير دامت أكثر من عقدين وبفضل ذلك حصلت على استقلالها إلا أن تحالف الجبهة الشعبية لتحرير أريتريا مع المعارضة الأثيوبية المتمردة تمكن من إسقاط نظام منجستو هيلالي مريم ساعد على إتمام استقلالها، هل القوى الحية والعصرية المناضلة ضد القبلية والعسكرية في الشمال يمكنها أن تتحالف مع الحراك الجنوبي لإسقاط ذلك التحالف المتخلف ويساعد على قيام دولة مدنية وديمقراطية في الشمال مدعومة بدولة الجنوب المستقل؟ نأمل أن يحدث ذلك في المستقبل.



شارك برأيك