آخر تحديث :السبت 27 ابريل 2024 - الساعة:05:36:39
الذكرى الأولى لوفاة المناضل الكبير والصحفي الفذ هشام باشراحيل
د. سعيد جيرع

السبت 00 ابريل 0000 - الساعة:00:00:00

وتكتحل عيون الأرض بثائرها، لتبدو جميلة ككل الصبايا الباحثات عن شمس أيامهن القادمة ، تضمه الى صدرها المثقل بالحزن والالم.

ليهدأ النبض الصاخب مرة واحدة، ويترك دمعة حارقة تتأرجح في عيون الواقفين خلف حواجز العجز والحلم.

حي أنت في قلوبنا يا هشام ..لن يطاردوك بعد اليوم، فمسكنك القلوب المحبة، لن تعرف الموت، لن تختبئ لن تستر خطواتك بالحذر، لن يصلوا اليك بجبن سلاحهم، ولن تجد احدا من الحاقدين، الانتهازيين والوصوليين.. يبيعك على قارعة الطريق.

اتذكر يوم الاحد الموافق 2012/6/16 بكاك كل الشرفاء، وارتعشت عيونهم بالدمع الساخن، وانكسر بريقها ليحتضر فيه النهار.

لا هروب عن الموت حين يعرف طريقه للمرء، لكنه يصبح، حين ينتزع رجلا مثلك، بوابة الخلود في تاريخنا الحائر، هل تخيلت ان تودعك كل هذه القلوب وان تهتز الارض بغضبهم لرحيلك حين يودعون ما تبقى من جسدك الساكن بمواصلة المسير.

ليس هو الموت.. بل هي الشهادة، وشتان بين المقامين.. مقام الاندثار ومقام الانتصار فكثيرون هم الذين يموتون.. فسيقطون دفاتر التاريخ وذاكرة الاحياء، واكثر منهم الميتون قبل وقتهم.. لكن كم هم قليلون قليلون.. الاحياء عند ربهم يرزقون.

فهل مات هشام ام موته الذي مات؟،..وهل بح صوته واختفى في زحمة الاصوات.. ام انه غاب وانتصر ؟..وهل وقف قلمه.. ام انه بقي شامخا كشموخ الجبال؟..

هشام باشراحيل لم يمت، وهو باق بيننا ونداؤه لا زال لليوم توقده الاول.. يخضر كلما اجذب الزمان.. وينهض من رماد الموت.. كلما اعيا المتعبين السقوط، وماأ هذا الزمان وما اكثر ما يتساقط فيه من المتعبين.

لم ينكسر – رغم قسوة الظروف..هشام ..ولا صالح صوته لانه بكل الحب، كان مصفحا بالآيات.. عصيا على الانكسار، لقد عاش رجلا ومات رجلا.. وقبل ان يرحل عن اديم هذه الارض اودع فيه وعدة الذي يأتي رغم انحباس المطر لقد كان وعدا لم يتأخر موسمه، ولا موسما غير موسمه جاد بالدرر وكان روحا وبردا، وكان عطرا وشهدا.. ولم يزل بين راحاتنا شيء من تألقه.. وفي ارواحنا قبس من ضيائه.. شاهدا كان على المرحلة ولم يزل.. شاهدا على الذين يبيعون (!!)، وشاهدا على الذين يشرون الحياة الدنيا بالاخرة (!!)، وتبا لوقت لا يتناسل فيه الا السماسرة والقياصرة والساديين والاستبداديين والمازوكيين والتابعين اصحاب الذيول القصيرة.

لقد ضحى بروحه وبماله وبقلمه وبصحيفته في سبيل اشعال ثورة المظلومين والمقهورين ضد الاستبداد واقصاء الاخرين.. وقف ودافع عن بعض الناس الذين يسمون انفسهم رجالا وخصوصا عند شدتهم.. ولم يكن منهم بالمقابل الا الغدر والذل عند محنته ومعاناته.. غدروا به دون استحياء وكرامة، ووقعوا به وانحازوا مع أعدائه مقابل حفنة من الاموال الفاسدة.. وبعد وفاته شمتوا وانكشفوا ولم يقفوا مع أسرته الكريمة.

لقد كان واضحا، ولهذا لم يتلعثم محبيه يوم وفاته.. فكانوا صفا واحدا في مواجهة القتلة، وصفا واحدا في الانتصار للقضية.. فيلسوفا يكون سياسيا ذات وجهين كما يفعلون ساستنا في هذه الايام، بل هو اصلا لا يجيد فن تنميق الكلمات.. ولا يحفظ ايا من مفردات التبرير للموقف المنهار كان واضحا وبسيطا وصريحا ومباشرا.

كان يوقن ان الظالم هو الظالم.. لن ينزل عن ظلمه الا ظلما .. ولن يتحول عن قهره الا قهرا، ولهذا وفر الكلمات وجاد بالعمل كان يقول: ان النصر مع الصبر.. وان الصبر عدة الرجال.. ومن لا صبر عنده لا نصر له، فانتصر بصبره ولم تهزمه المحنة.

فمن يحفظ الصبر، وصية هشام باشراحيل رحمه الله؟، ومن يستمسك بدرسه في قهر الظالم.

هذا بالتمام ودون زيادة وعد فقيدنا هشام.. وصوته ونداؤه الاول، ولا شيء غير ذلك مما يقوله المتوفون.

في الاخير أختم بقول الشاعر:

وقد مات قوم ما ماتت مكارمهم

وعاش قوم وهم في الناس أموات

وايضا:

عجبت مما انحط فيه البعض من طرق الخيانة

ومن النفوس الراضيات عن المذلة والمهانة

فذكرت اقوال الذي اقواله وصفت زمانه

في قومنا الاخلاص قل وضيعت فينا الامانة

واصابنا حب الحياة على الهوان والاستكانة

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص