آخر تحديث :الثلاثاء 07 مايو 2024 - الساعة:01:19:13
اصطفاف المدافع
جمال عبدالغفور

الاثنين 00 مايو 0000 - الساعة:00:00:00

أثارت الرؤى التي قدمت أخيراً في مؤتمر الحوار الوطني بشأن جذور القضية الجنوبية ، انتباه المراقبين والباحثين إلى تلك الرؤى وكان ابرز انتباه في تلك الرؤى التي استأثرت باهتمام  المراقبين والباحثين هو كثافة النفاذ إلى عمق جذور القضية الجنوبية وأسبابها الحقيقية وموضوعية تناولها في رؤى الحزب الاشتراكي والحوثيين، ومؤتمر شعب الجنوب بنسب مختلفة، بالمقابل الذي يثير الانتباه والتأمل في رؤية المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح وما أفرزته تلك الرؤيتين، هو خلط الأوراق، وهذا مؤشر واضح لا تغفله العين على ظاهرة الاصطفاف مرة أخرى وكأن الزمان والمكان لم يتغيران.

وقد تجلت هذه الظاهرة بشكل لافت في الرؤيتين باعتبار 67م بداية القضية الجنوبية، وهذا يعكس صلفاً ثابتاً وقوياً في كيفية التعامل مع هكذا قضية سياسية عادلة باستخفاف وتبسيط، وهروباً مبكراً من استحقاقات الاعتراف بأن القضية الجنوبية ما هي إلاّ صنيعة مشعلي حرب صيف 94م وتداعياتها المدمرة كما يعكس أيضاً أصراراً يترجم عجزاً ولا يعبر عن رؤية شفافة لواقع ولا عن استشراف حكيم لمستقبل.

لقد تأكدت هذه الظاهرة أيضاً في رؤية حزب الرشاد السلفي الذي أعاد جذور القضية الجنوبية إلى إشكاليات التاريخ وصراع الماضي .

لابد أذن على الجنوبيين المنخرطين في الحوار الوطني وقادة الحراك السلمي في الداخل والخارج فهم طبيعة هذا الاصطفاف الذي تبدى في هذه الرؤى فهماً عميقاً لتيار سياسي متشدد ومحافظ أكثر مما ينبغي، بحيث لم يعد قادراً على فهم تغييرات الشارع الجنوبي فقط، لكنه يرفض أيضاً التكيف مع حركته ومطالبة لكسب ثقته للخروج بحل شامل وعادل لهذه القضية في أطار الحوار الوطني لا بل أنه يضع منذو البداية أمامها العراقيل وهذا ما ستكشفه الأيام القليلة القادمة عند مداولات جوهر القضية الجنوبية ووضع الحلول لها.

أن حديث الشارع الجنوبي كان ولازال يحذر من أن هذا الاصطفاف المتماسك والقوي لمراكز القوى في الشمال، وفي ظل غياب الرؤية والإطار الهيكلي والقيادة الموحدة والتنسيق في الداخل والخارج لحركة الشارع الجنوبي يمكن أن ينجح بالدفع بمن يجيدون شحن الناس بخطاب عاطفي فارغ في الوصول إلى مبتغاهم وإنتاج حالة من الهمجية السياسية يصعب تجاوزها أو حتى إصلاحها، لآن ذلك لن يتم إلاّ بثمن فادح، وبأشكال تتنافر مع طبيعة سلمية وعادلة القضية بذاتها.

ومن هنا نجد لزاماً علينا أن نشير بأن هذا الاصطفاف يجب أن لا يستهان به، وندرك أبعادة ونتيغن بأن  مرحلة التعنت والصمم  السياسي قد بدأت لتأسس لمرحلة الرفض.

قد يقول قائل: أن هذا تشاؤم سابق لأوانه وبخاصة أن الحوار لا زال مستمراً في صنعاء.نعم أقبل هذا الاعتراض وأقول: أن أمثله كثيرة من التاريخ الحديث تؤكد أن الصمم السياسي وتجاهل صيحات الإنذار يؤدي حتماً إلى الرفض ثم العنف الذي يصبح رد الفعل الوحيد ضد الصمم السياسي وهذا ما نخشاه.

وبالتالي علينا أن لا نتوهم بإمكان قطف أفضل الثمار بأقل قدر من الجهد، وعدم اعتماد مسيرة الآلف ميل التي تبداء بخطوة من أجل الوصول إلى غايتنا في الأفق البعيد.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص