آخر تحديث :السبت 19 اكتوبر 2024 - الساعة:20:22:22
صفعة في وجه هادي
أسامة غالب

السبت 00 اكتوبر 0000 - الساعة:00:00:00

* أربك مهرجان التسامح والتصالح المشهد السياسي في اليمن، ويفترض بصانعي القرار في البلد أن يقرأوا هذه الرسالة جيدا، وعلى الأحزاب السياسية أن تراجع حساباتها وتدرك أن الوضع أخطر مما تتصور.

* المهرجان الذي أقيم في محافظة عدن الأسبوع الماضي بمناسبة أحداث 13 يناير كان ظاهره التسامح والتصالح وباطنه الانفصال، والأعلام التي رفعت دون سواها تؤكد ذلك تماما، ولأن مجلس النواب يعيش موتا سريريا وحكومة الوفاق خارج نطاق التغطية فقد خرجوا مباركين هذا الحدث الانفصالي وكأنه إنجاز تأريخي، وارتفعت بورصة المزايدات السياسية إلى أعلى مستوى لها وسمعنا قيادات جنوبية قد استوطنت في صنعاء منذ عقود تنتشي بالحدث وتعلن عن نهاية الوحدة، وهي تدرك أن الانفصال ليس حلا ولا سهلا وأن العودة إلى ما قبل 90م من سابع المستحيلات!!

* مئات الآلاف من المشاركين في المهرجان من عدة محافظات لم يحضروا لله في الله، ولا شك أن ملايين الريالات صرفت في سبيل نقلهم وتسكينهم وتغذيتهم وشراء الأعلام وغيرها مبالغ ضخمة أنفقت ويستحال أن تدفعها إيران المعروفة ببخلها على قيادات الحراك مقارنة بما تدفعه للحوثيين.. ما تدفعه طهران لفصائل جنوبية لا يرتقي إلى حد تنظيم مثل هذا المهرجان الكبير بحسب مصادر قريبة من الحراك الجنوبي، وواضح جدا أن دولاً خليجية تولت دفع الفاتورة مقدما، ومصادر خاصة لصحيفة الناس أكدت أن السعودية والإمارات مولتا المهرجان، وبالمناسبة احتضنت عواصم خليجية مؤخرا قيادات جنوبية وعقدت اجتماعات برئاسة أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني مما يعني أنها على مستوى عال.

* التسامح والتصالح مطلوب ويفترض أن يعم الشمال والجنوب لكنه ليس مهرجانا يقام ولا خطابات تلقى أو صوراً ترفع وبعدها كل واحد يروح بيته، وما جرى صفعة في وجه الرئيس هادي الذي كنا ولا زلنا نراه صمام أمان للوحدة اليمنية لكنه للأسف لم يفعل حتى اللحظة شيئا يذكر لتعزيز الوحدة وإنما وجدناه يعزز قوته من خلال تمكين "الزمرة" واستعداء "الطغمة" مما يزيد الشرخ اتساعا في الجنوب، بل إن بعض قراراته تثير المخاوف والشكوك كتصفية المناصب العسكرية في المحافظات الجنوبية من القيادات الشمالية، ودعم الوحدة يقتضي إسناد مناصب عسكرية في المحافظات الشمالية لقيادات جنوبية والعكس وهذا ما نتمنى أن نراه في قرارات المناطق العسكرية المرتقبة.

* هادي يركن كثيرا للدعم الخارجي وربما غره موقف المجتمع الدولي المعلن ضد الانفصال لكن لا أحد يضمن استمرار هذا الموقف، الخارج يتعامل مع واقع وإذا شعر أن كفة الانفصاليين قد رجحت سيمد يده لهم فورا.. لا يمكن التعويل على الدعم الخارجي ولا بد من إجراءات عاجلة لأن التأخير كارثي، ويكفي أن نعرف أن الأصوات التي كانت تدعو للفيدرالية صارت تنادي بفك الارتباط، وكلما تأخرت المعالجات زادت المطالب.

* يتعامل الرئيس هادي مع القضية الجنوبية بنفس طويل وهذا ما يدعو للقلق.. في مايو الماضي قدم الحزب الاشتراكي اثني عشر نقطة لمعالجة الوضع في الجنوب، وفي أغسطس الماضي وضعت اللجنة الفنية عشرين نقطة كمتطلبات للحوار الوطني الشامل لكن هادي لم يأخذها على محمل الجد، ومؤخرا أصدر قرارا جمهوريا بتشكيل لجنة لمعالجة قضايا الأراضي وحدد عمرها بسنة بينما نحن نريد أن يدخل الحراك للحوار خلال الأيام القادمة!!

* أين الوحدويون في المحافظات الجنوبية، أين حزبي الاشتراكي والإصلاح، لماذا لا ينظم الرئيس هادي مهرجانا وحدويا ليقول للعالم إن الصوت الوحدوي حاضر بقوة وبحجم إن لم يكن أكبر من الأصوات الانفصالية، وهل يعقل أن حزب المؤتمر سيفرط بمنجز شارك في صنعه رئيسه؟!

* رحل علي عبدالله صالح وخلف وراءه القضية الجنوبية ومشكلة صعدة، ونخشى أن القيادات السياسية الجديدة بدلا من معالجتها تخلق لنا القضية التهامية والمأربية والمناطق الوسطى، والمؤشرات على تشكل هذه القضايا صارت واضحة وهذا كله نتاج البطء في التغيير.

* الدولة تتساهل في بسط نفوذها وقمة المهزلة أن ترى علم الانفصال يرفرف فوق قسم شرطة في محافظة جنوبية (سلام الله على المخلوع)، وقد شجع خروج صعدة عن سيطرة الدولة المتمردين في كل مكان ومع هذا لم نلمس تحركا جادا لفرض قوة وهيبة الدولة.. عشرات الألوية العسكرية في محافظة مأرب مثلا عاجزة عن حماية أبراج الكهرباء وأنابيب النفط، ولو أن الجنود التابعين لهذه الألوية فقط اصطفوا في طابور لامتد هذا الطابور من مأرب إلى العاصمة!!

* حكومة باسندوة ضعيفة جدا ولا تمتلك رؤية لإدارة الدولة وإجراء تعديل وزاري أصبح ضرورة وطنية.. لو كان لدينا رئيس وزراء مصحح شوية لعمل ضغطاً على الرئيس هادي لإصدار مزيد من القرارات التغييرية كي تمضي العجلة سريعا ويكفي شباب الثورة شر التعب والمظاهرات.. تصوروا بحدود ثلاثين سفارة تدار الآن بدون سفراء ومن بينها سفارات في دول هامة، وعدد من المحافظات لم يطالها أي تغيير بعد رغم كوارث المحافظين الذين يديرونها ولا يمكن أن تتقدم الأمور خطوة إلى الأمام طالما أن الإصلاح لم يبدأ من المحافظات..

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل