آخر تحديث :الجمعة 21 يونيو 2024 - الساعة:01:40:18
الهجوم الزيدي الأول على حالمين وإنتقال الإمارة إلى يافع
محمد عبدالله القادري

الجمعة 11 يونيو 2024 - الساعة:21:55:19

محمد عبدالله القادري

 سؤال : لماذا لم يتم أي ذكر لإمارة القادري التي بدأت من حالمين وحكمت لحج وأبين وعدن والضالع وإب والبيضاء وجزء من تعز ، من قبل المؤرخين الجنوبيين والشماليين  رغم أننا نمتلك الوثائق والروايات لازالت تتحدث والآثار لا زالت موجودة.
الجواب لسببين:
الأول لأن هذا التأربخ سني.
الثاني لأن هذا التأريخ يثبت أن إب والبيضاء كانتا جنوبية.

تجد المؤرخون والراوون والكتاب يخلطون في الحديث عن فترات الصراع التي أتجهت نحو الجنوب بين فترة الإمام المتوكل بن شرف الدين وبين عهد الدولة القاسمية وبين عهد الإمامة المتوكلية.
وبخلطون بين الإحتلال العثماني الأول والثاني.
وبخلطون في حالمين ويافع بين آل أحمد القادري الأسرة الأميرية القديمة التي نمتلك وثائق لها ، وبين آل أحمد الذين كانوا عمال في عدن ، وآل أحمد بن شعفل الذين كانوا أمراء في الضالع.

تأسست إمارة القادري في وادي الأقدور بحالمين وكانت تحكم يافع والبيضاء وإب ولحج وأبين في عام 204 هجرية.
ثم سقطت وعادت في عهد الدولة الأيوبية.
وأنتقلت من بلادي القادري في حالمين إلى خرفة في حالمين في القرن الخامس الهجري.
في عهد الدولة الطاهرية التي كانت تحت نطاقها  إمارتان ،  إمارة القادري تحكم من حالمين إلى الشعر وتتبعها يافع.
وإمارة النظاري التي تحكم من بعدان وبقية إب ، والنظاري أسرة تمتد من القادري وأنتقلت إلى بعدان من حبيش إب من قرية النظاري وتمركزت الأمير النظاري في حصن حب.
وكانت الملوك الطاهريين يتمركزون في جبن بالبيضاء عاصمة الدولة الطاهرية.
 في عام 1517 ميلادي ع  سقطت الدولة الطاهرية في البيضاء بتعاون من قبل قبائل في البيضاء معها ومن ضمنها مراد , هجمت قوات الإمام المتوكل على الله شرف الدين على إب والبيضاء  والجنوب وسيطرت على لحج وأبين والضالع.
رواية تناقلها الأجداد وأكدها لنا مصدرين.
الأول: مصدر
R.B. Serjeant & R. Lewcock, San'a'; An Arabian Islamic City. London 1983, p.
والذي تحدث عن أنه تمكنت قوات قبلية موالية للإمام المتوكل بن شرف الدين من السيطرة على مناطق نفوذ الطاهريين ودحرهم من رداع وتعز ولحج وأبين والتي أصبحت تحت سيطرة دولة الإمامة الزيدية آل شرف الدين عام 1517 ميلادي.
المصدر الثاني: في كتاب يسمى الفتوحات المرادية مكتوب بخط اليد والمرادية يقصد بها المدعومة والتي كانت في عهد القائد العثماني مراد والتي كانت مساندة للزيدية  ، تحدث أنه في عام 918 خسر صالح بن أحمد صاحب حالمين ورئيس الشعيب وملكهم وفر إلى يافع بأحزابه وعشيرته وتربع كرسي الفساد معاند هناك بعد أن  هدمت دياره وهتكت أستاره.
وصالح بن أحمد هو آخر أمير قادري فر  بعد المعركة التي خاضها مع قوات الزيدية وتم قتل الكثير من أجدادنا هناك وتدمير المنازل ونهب الأموال ونهب الكثير من الوثائق.
_ في كتاب الفتوحات المرادية الذي ينسب تلك الفتوحات للسلطان العثماني مراد كونها بعهده ، تجده يشيد بما فعله الإمام المتوكل المطهر شرف الدين ويثني عليه ، ومعروف أن ذلك الإمام أرتكب مجازر بشعة بحق الإسماعيليين والسنة ، وهذا دليل على أن الإحتلال العثماني الأول كان أيضاً ضد السنة ، ولم تكن الخلافة العثمانية سنية أنما ذات مصالح تقاربت مع الزيدية ضد السنة ، كما تجد بعض الأسماء التي في الكتاب وتقارنها مع بعض وثائق موجودة منذ ذلك العهد تكتشف أن الأتراك أيضاً شاركوا بتزوير تأريخنا.


فر الأمير صالح بن أحمد القادري إلى قلعة القمعر في يافع وهي قلعة قديمة له إرتباطات بها إذ أن من أجداده أول من سكن يافع حل بها ، وهذا بحث تأريخي سنسرده لاحقاً وبالأدلة.

تحدث المصدر الأول السابق أيضاً أنه بعد سيطرة الإمامة الزيدية على لحج وتعز وأبين ، بقيت سيطرة الطاهريين على عدن حتى عام 1539 ميلادي حتى سقوطها بيد العثمانيين.
وهذا ما يعني أن سيطرة الدولة الزيدية في عهد المتوكل ظلت إثنان وعشرون عاماً ، وسيطرة الطاهريين على عدن بعد تراجعهم من البيضاء  ظلت كذلك.


عدد جيش المتوكل شرف الدين الذي إستقر في حالمين سبعمائة مقاتل ، وهؤلاء السبعمائة قاموا بعملية تغيير ديمغرافي داخل حالمين ، منهم من انتسب لقبائل من حالمين ومنهم من انتسب لبنو جعدة ومنهم من أنتسب لحمير ، وأثاروا صراع بين حالمين وردفان ، وحالمين ويافع.
وأثاروا صراع داخلي بين قبائل حالمين نفسها وإستخدامها ضد بعضها ، بعض القبيلة الواحدة في حالمين كان منهم من يتحالف مع السبعمائة والبعض لا يطيق ذلك.
قاموا بتغيير الأسماء من  حصون وقرى ، غيروا  إسم مدينة حالمين لمدينة السبعمائة ، وسعوا لتغيير نسب أصل قبائل حالمين  المنتسبة لأول من سكنها وأرداوا أن تكون حالمين نسبة لشخص اسمه الحالمي علي المرادي ، وعملوا بكل السبل على طمس تأريخ حالمين.

 السبب الحقيقي لسيطرة الإمام مطهر شرف الدين على البيضاء ولحج وإب وتعز والضالع.
أنتقلت إمارة القادري من بلادي القادري في حالمين إلى خرفة في القرن الخامس الهجري وظلت في خرفة أكثر من ثلاثمائة سنة  وأنتقلت من خرفة في حالمين إلى الشعيب ثم إلى الضالع في القرن الثامن الهجري عهد الدولة الطاهرية ، وهذا الإنتقال غير إنتقال إمارة آل أحمد الأميري الذي جاء في فترة لاحقة.
الأمير صالح بن أحمد القادري كان يصفه أهل الشعيب بالملك والرئيس كما ذكر كتاب الفتوحات المرادية على لسان الأئمة الزيدية.
كان له دار يسمى دار الحيد في حالمين ودار الحيد في الضالع قبل أن تهدمه جيوش الأمام المتوكل على الله  المطهر شرف الدين  ودار الحيد في الشعر لازالت الروايات عنه إلى اليوم دار الأمير صالح القادري.
كان هناك خلاف عقائدي داخلي في الجنوب وإب بين إسماعيلي وشافعي سني.
الأمراء القادري شوافع والطاهريين والنظاري يميلون للإسماعيلية ،والجميع ينتسبون إلى أصل عرقي واحد ، ورغم ذلك الخلاف كانوا يتحدون لمواجهة الزيدية.
وكان هناك خلاف إسماعيلي وزيدي في صنعاء وماجاورها ، كانت الدولة الطاهرية تستغل ذلك الخلاف فتتقدم إلى صنعاء.

الخلاف المادي ، خلاف على خراج مدينة عدن الذي كان يتقاسمه آل الطاهري وآل القادري ، آل الطاهري كان عمالهم آل كلد و الأمراء آل أحمد القادري كان عمالهم آل أحمد ، ولدينا وثائق تذكر الأمراء من آل أحمد القادري والذين كان عمالهم آل أحمد ، تذكر الوثيقة أمير من آل أحمد القادري وتذكر بنفس الوقت شخص من آل أحمد كعامل معهم  بدرجة العمال.
قام الأمير عامر الطاهر بشن هجوم على الأمير صالح بن أحمد القادري في الضالع وتم صده.
يخلط بعض المؤرخون أن هذا الهجوم كان في عهد الدولة القاسمية أو الأمامة المتوكلية الأخيرة قام به أمير لجيش الإمامة  يدعى عامر بن صالح أو ينسبون ذلك للإمام عامر بن المهدي بينما لا توجد هذه الأسماء في عهد تلك الإمامتان التي ذكروها.
أستغلت إمامة المطهر شرف الدين هذا الخلاف فهجمت على البيضاء والضالع ولحج وأبين وإب وتعز ، وأصبخ آل الطاهري محصورون داخل عدن ، وإمارة القادري داخل نطاق يافع.

عند هجوم جيش المتوكل بن شرف الدين على إب وحالمين وتعز ، تم تخريب قرى بكاملها وتشريد أهلها.
تم تخريب قرى في حبيش كقرية الشعب القديمة في ناحية القادري ، وقرية السحري العلياء في العارضة ، وقرية ذو خمير في المشيرق ، وأدعت الإمامة أنها كانت قرى يهود بينما فيها مساجد أيضاً تم هدمها تدل على أنهم كانوا مسلمين.
تم المجيئ بقبائل من الهضبة الزيدية منهم من ينتمي للهاشمية ومنهم من ينتمي لبقية القبائل كبكيل وحاشد ومذحج  وغيرها ، وبسطوا على الأراضي.
هدموا دار الحيد في الضالع ودار الحيد في حالمين وهدموا حصن القادري في إرياب  وسيطروا على حصن القادري في الرياشية وهدموا الكثير من القرى وكانت مرحلة شاهدة على تخريب المنازل.
أرتكبوا الكثير من المجازر في إب والبيضاء وفي حالمين أيضاً ، تم قتل الكثير من أجدادنا في خرفة حالمين ، وفر الكثير من قبائل حالمين إلى يافع وهذا ما ذكره مؤلف كتاب الفتوحات المرادية الذي ذكر أن الأمير صالح فر بأحزابه وعشيرته إلى يافع ووصفه بذو الغبن والضين متباهياً بخسارته وفراره إلى يافع.

عندما أصبحت حالمين تحت سيطرة وتمركز قيادة الجيش العسكرية للدولة الزيدية بإمامها المتوكل شرف الدين.
وكانت يافع موقع تمركز الأمير صالح بن أحمد القادري.
وعدن تحت سيطرة آل طاهر.
آل أحمد الذين كانوا عمال أصبحوا يقفون مع الإمامة وجعلت الإمامة أحد منهم قائد جيش الإمامة الذي تمركز في خرفة  في حالمين وعددهم سبعمائة ، وبعض منهم ظلوا عمال في عدن مع الطاهريين ثم وقفوا مع الأتراك  ، وآل أحمد هؤلاء غير آل شعفل.
حدثت الخلافات والمناوشات مع جيش الإمامة وكان أمير جيش الإمامة يقوم بقطع الطريق على القوافل إلى عدن وإلى يافع ،  واجتمعت يافع بقيادة صالح بن أحمد القادري وإنتفاضة القبائل من داخل حالمين وتم إخراج الإمامة ودحرها حتى منتصف وادي السحول وإستعادة إب وأصبحت تحت سيطرة الإمارة التي  تمركزت عاصمتها في  يافع ، وفي إب حدثت معركة بين الزيود والشوافع وأنتصر فيها الشوافع وتم إطلاق العبارة الشهيرة لولا يافع ما همينا الشوافع ، وسمي أكبر شعب في السحول وقعت فيه المعركة بشعب يافع.
وفي تلك المعركة قتل الأمير صالح بن أحمد القادري ، وأطلق الزيود حينها عبارة "يا سلا خاطري قتلوا القادري.
تجد المؤرخون ينسب ذلك الحدث لعهد فترة السلاطين التي كانت مؤخراً ، وهذا غير صحيح إطلاقاً ، فالسلاطين  كانوا مع الزيود في البداية ، وثم أختلفوا وكانت مواجهتهم مع الإمامة مؤخراً  على حدود سلطناتهم فقط.
ثم تجد المؤرخون يتحدثون أن تلك الواقعة كانت عندما علموا بهجوم جيش الإمامة عليهم من إتجاه قعطبة في عهد أواخر الدولة القاسمية ثم تقدموا ونصبوا كميناً في إب بشعب يافع ، وهذا الكلام غير صحيح  ولا  يدخل العقل ، هل يعقل أنهم تقدموا إلى إب لينصبوا كميناً دون أن يعلم جيش الإمامة  وكانت الإمامة حينها مسيطرة على إب وجيش الإمامة على أطراف قعطبة.
وإذا كانوا تقدموا السلاطين وأنتصروا  في شعب يافع على الزيود فما الذي دحرهم بعدها ولماذا لم يظلوا مسيطرين على إب ، أي لماذا أنسحبوا وقد كانوا مسيطرين.
أيضاً لماذا أولئك السلاطين لم يهبوا لمساندة الثورة الشافعية في إب التي قادها الفقيه سعيد ضد الدولة القاسمية منتصف القرن الثاني عشر الهجري.
تلك الحادثة كانت عندما تم دحر إمامة آل شرف الدين وقد كانت إمارة القادري من يافع مستعيدة  السيطرة على إب وبعدها تم دحرها من قبل الإحتلال العثماني الأول مباشرةً.
وبعد مجيئ  الإحتلال العثماني الأول ، تم  خوض  مواجهات مع الإمارة في إب  وأطراف دمت وعدة مناطق في إب وفي أطراف حالمين  ، وخوض  مواجهة مع الطاهريين في عدن التي قد كانت تحت سيطرة الإحتلال البرتغالي  ليسيطر على كل تلك المناطق.
تجد المؤرخون ينسبون المواجهات التي حدثت بين غزو الأتراك الاول في دمت التي تصدى للأتراك فيها آل الظاهري  وغيرها للمواجهات التي حدثت بين  الطاهريين والزيود في البيضاء وجبن.
مع العلم أن  الإمامة التي أسقطت الطاهريين في جبن وجعلتهم يرجعون إلى عدن هي في فترة قبل ثلاثة وعشرون عاماً من تراجع الطاهريين إلى عدن.
لم يتواجه الطاهريين في جبن مع الأتراك إنما توجهوا معهم في عدن.
وبعد سيطرة الإحتلال العثماني الأول على الجنوب أنتهت الإمارة التي أنتقلت إلى يافع وأنتقلت المنطقة إلى فترة العهد العثماني الأول ثم فترة الأمير عبدالقادر اليافعي ثم فترة الدولة القاسمية ثم فترات أخرى ، وهذا ما سنتطرق له  لاحقاً.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص