آخر تحديث :الاربعاء 20 نوفمبر 2024 - الساعة:09:51:30
مهنة المصائب
احمد محمود السلامي

الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

تشكل الأحداث بمختلف أنواعها مادة خامة لعمل الصحفي باعتبار أن الخبر هو المادة الأساسية في الفنون الصحفية المطبوعة ، وعندما تكون هناك أحداث كبيرة أو توتر في منطقة ما ينشط الصحفي ويصنع الأخبار والتقارير ويحلل ويتكهن وووو ..الخ  مع علمه أن هذه الأحداث فيها الكثير من المصائب لأشخاص أو مجاميع كبيرة من الناس ، وفي سبيل نقل الأخبار والحقائق يمكن للصحفي أن يلقى حتفه وتَحُلُ على أهله وذويه المصيبة ويصبح هو خبر تتناقله وسائل صحفية كثيرة ، وعندما تنتهي السخونة والتوتر ويحل السلام يصاب الكثير من الصحفيين بحالة من الركود والكساد الصحفي لعدم توفر المواد الأساسية لتحرير الأخبار المثيرة كما هو حال معظم الصحُف ووسائل الإعلام .. اليوم بعدما تغير المشهد السياسي العام برمته وانزاحت عنه أقطاب كبيرة كان لها تأثير كبير في اللعبة السياسية لما لها من نفوذ عسكري وديني وقبلي وكان نشاطها وتحركاتها محمومة تشكل مادة دسمة للصحفيين لتناولها بكل سهولة ويسر ! وعندما سقطت صنعاء ومناطق أخرى سريعاً بيد الحوثيين وقف الجميع مذهولاً  لا يدري ماذا يكتب أو من أين ينقل الأخبار!

كل مصادر تسريب المعلومات القديمة والتقليدية اختفت وتوارت خلف الأبواب المغلقة ، حتى الإعلام الرسمي ظل مشدوهاً ومسمرا في مكانه حتى صمتت معظم وسائله لعدة أيام .

معظم الصحف لازالت إلى الآن غير قادرة على التعاطي مع هذا التغيير الدراماتيكي الجديد والمفاجئ للأحداث فهي عوّدت نفسها على نشر الأخبار والعناوين المثيرة ولم ترسم لها سياسة مهنية حكيمة تجنبها التأثيرات السلبية للسياسة المحلية التي لا تعرف لها بوصلة  .

عدد قليل من الصحف شكلت القدوة الحسنة مهنياً في عالم الصحافة المحلية، وهذا يعني أن عدد من الصحف ستترك بلاط السلطة الرابعة في حالة حدوث تغييرات مجتمعية وسياسية جذرية وعميقة تحتاج إلى قدرات مهنية كبيرة لمواكبتها.

صحف القدوة الحسنة لها إدارات كفؤة  ترسم لها سياسات راقية ومحترفة وتدير عملها الصحفي باقتدار  ولا تكتفي بنشر الأخبار فقط وإنما تجتهد في نقل الكثير من مشاكل ومعاناة الناس في عدن ومناطق الجنوب عبر التحقيقات الصحفية الميدانية لغرض توصيل رسائل إلى المجتمع الدولي  وفي ظل وجود القدوة الحسنة يوجد أيضاً من يسمون أنفسهم صحفيين  أو إعلاميين ( ؟ ) وهم المنافقون الوصوليون الذين يلهثون وراء المال والمناصب والشهرة عبر وسائل غير مشروعة يرون فيها أقرب الطرق إلى تحقيق طموحاتهم الانتهازية !! ، تراهم اليوم في الساحات مع المناضلين الحقيقيين وغداً ينتقلون إلى أبواب الوزراء والمسؤولين لهثاً وراء المناصب التي لا يستحقونها ولا تنطبق عليهم شروطها  في عالم الصحافة والإعلام الطموح المهني الذي لا حدود له وإمكانية تحقيق ذلك الطموح تحتاج إلى عوامل عدة منها الموهبة والقدرة على الإبداع والثقافة الواسعة بالإضافة إلى حب المهنة والإخلاص لها.    

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص